المسافات البينية في العلاقات الدولية مع ايران
المسافات البينية في العلاقات الدولية مع ايران
اذا قام أحدهم بوضع دوائر هندسية بجانب بعضها البعض ، فانها تتماس في نقاط و تترك فراغات فيما بينها تدعى هندسيا بالمسافات البينية ..
في العلاقات الدولية ، هناك شيء شبيه بذلك ، فقد تكون دولة على خصومة مع دولة ، أو أنهما تكونا على اتفاق ، ولكن هناك نقاط تماس بين مصالح تلك الدولتين ، وهناك مسافات بينية بين دوائر العلاقات التي تحكم مسار مصالح تلك الدولتين ..
تحاول أي دولة أن تنسب المسافات البينية الى نفسها ، مستغلة ظرف الدولة الأخرى ، تماما كما هي مسألة المياه الإقليمية . ولكن لما كانت المياه الاقليمية قد تم حسمها وفق اتفاقات دولية ، فان المسافات البينية بين الدول ، لم تحسم ، بل تشاهد أو تلاحظ من قبل من يراقب ما يجري .
تنظر الدول الإمبريالية لإيران نظرتين متحاذيتين : نظرة مبنية على فهم أن تلك الدولة تحكمها نزعات عرقية شعوبية تمتد جذورها الى العهد الساساني القديم ، وقد لونت تلك النزعات بلون طائفي لإعطاء طابع التميز لأصحابها عندما يعلنوا خطابهم المزعوم ، وهي نزعات خدمت وتخدم المصالح الغربية في كثير من الأمور ، لمدة أكثر من قرن ونصف ، و آخرها ما حدث من تقديم معونات ضخمة في أفغانستان والعراق .
أما النظرة الإمبريالية الأخرى ، فهي الصورة غير الدقيقة والضبابية تجاه ايران باعتبارها دولة مسلمة ، وتلك النظرة شبيهة للنظرة التي ننظرها نحن العرب تجاه الغرب المسيحي بغض النظر عن الخلافات والصراعات الطائفية بين مصالحه . وهذه النظرة تدعمها الرؤيا الصهيونية الحاضرة في الحالة الإيبستمولوجية السياسية الغربية ، حيث لا يمكن تجاهلها .
من هنا نرى أن إيران الطامعة لاستغلال أي ظرف دولي ، لتحسين موقعها التفاوضي في تشكيل كيانها الحالم باستعادة مجده القديم ، لا تتوانى عن الحراك في اتجاه تحقيق ذلك الهدف .
في حين يجلس الطافون على السطح من حكام العرب ، يرقبون ردة فعل الغرب كونهم ليس دائرة بل مسافات بينية للغرب نفسه !!
__________________
ابن حوران
|