زيادة للفائدة إليك بعض التفاصيل
هداك الله ونور قلبك لقول الصدق بدلا من بث السموم افتراء على خلق الله, قال صلى الله عليه وسلم: ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
ولماذا تسترون تجسيمكم بقولكم استوى استواء يليق به وتنكرون أنه ليس مستقرا على العرش بذاته وهذه عبارة إمامكم الذي تعظمونه
وهو عثمان بن سعيد الدارمي أبو سعيد المجسم، وهو غير الدارمي الإمام الشهور صاحب السنن، أما أبو سعيد الدارمي المجسم فلم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة مع كونه متقدما. وله كتاب بالرد على بشر المريسي المبتدع - وقد قالوا - مبتدع رد على مبتدع – يقول فيه ص4 : وكيف يهتدي بشر للتوحيد وهو لا يعرف مكان واحده ). ويقول ص20 (( لان الحي القيوم يتحرك إذا شاء وينزل ويرتفع إذا شاء، ويقبض ويبسط إذا شاء ويقوم ويجلس..). ويقول ص29 (( ولو لم يكن لله يدان بـها خلق آدم ومسه مسيساً كما ادعيت لم يجز أن يقال بيدك الخير). ويقول ص74 : إن كرسيه وسع السماوات والأرض وانه يقعد عليه فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع). وكذبوا على النبي ونسبوا هذا الكفر إليه وحاشاه. ويقول الدارمي أيضاً ص85 ( ولو شاء لاستقر على ظهر بعوضة). إ.هـ.
هل هذا هو إمامكم يا من تدعون أنكم على نهج السلف؟ ربكم يستقر على ظهر بعوضة؟ لعلها هذه الأوهام تنفع في أفلام الكرتون
والحمد لله الذي طهر قلوبنا من هذه الضلالات المخزية
قال بعض الأفاضل:
سبحان ربي ذي الجلال معظما .... عما يقال عليه من بهتانِ
نسبوا إليه الحد دون تفكر .... بعظيم شأنه جل عن نقصانِ
خلق المكان لنا وعنه له غنى .... إن هذي إلا وساوس الشيطانِ
والحمد لله على نعمة التنزيه
هل للاستواء كيفية يا من تدعي أنك على منهج السلف زورا وبهتانا؟
أليس في قول الامام مالك: والكيف غير معقول, وفي رواية: وكيف عنه مرفوع. دليل على أنك لا تعرف ربك؟ واعلم أنه لا ينفعك تطويل المقال والقيل والقال, وحديث الجارية ليس ضعيفا من جهة الاسناد بل من جهة اضطرابه, فافهم فإن الرسول عليه الصلاة والسلام تواتر عنه أنه قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. فكيف يحكم عليها بالاسلام بقولها في السماء وفي رواية بالاشارة بيدها. ورواية: أتشهدين أن لا إله إلا الله. أصح إسنادا من هذه.
وقد قام الإجماع على هذا بأن الله ليس في جهة من الجهات بل هو خالق الجهات وسبحانه وتعالى لا يتغير فكما صح وجود الله بلا مكان قبل خلق المكان فإن وجوده صحيح عقلا وشرعا أيضا بلا مكان بعد أن خلقه أم ماذا تقولين في قوله تعالى: وخلق لكم ما في السموات والأرض جميعا منه.
خلق لكم ليس له, أعني الجهات وكل شيء, وهذه الآية وحدها تكفي في تنزيهه عن المكان والزمان, أم ماذا تقولين في قوله تعالى: فإن الله غني عن العالمين. ؟ هل ما زل تقول بعدها بأنه في مكان بعد هذه الآية فإن الله تعالى يقول بأنه غني عن العالمين فلماذا جعلته محتاجا للمكان للعرش أو غيره؟ أم تقول إن الله انتقل إلى العرش - وهذه عبارة لازمة لكلامك تقشعر منها الأبدان - بعد أن خلق العرش؟
إذا كان الله غنيا عن العالمين يعني أنه غني عن المكان لأنه من جملة العالمين فمن الصادق أنت أم رب العالمين؟ رب العالمين أصدق ولا شك.
الله تعالى لا داخل العالم ولا منفصل عنه, وقد كان قبل خلق العالم لا داخل العالم ولا منفصل عنه.
مسألة واضحة كالشمس, لأن البارئ لا يطرأ عليه تغير لا قبل خلق العالم ولا بعده.
هذا مذهب أهل الحق وفي روضة الطالبين للنووي الجزء العاشر صفحة 64 عن المتولي - وهو من أصحاب الوجوه الشافعيين المجتهدين في المذهب - أن من أثبت ما هو منفي عن الله بالإجماع كالألوان أو أثبت له الإتصال والانفصال كان كافرا.انتهى
وهل يقبل الله الاتصال والانفصال؟ نعوذ بالله من سُحب التشبيه.
لكن الداهية الدهياء والمصيبة التي ليس بعدها دواء هي قياس الخالق على المخلوق والبعض يعترضون بأن هذا لا يقبله الفهم إنما هم من شدة قصورهم لا يعرفون أن هذا قياس للخالق على المخلوق, ومن أبسط الأمثلة أن نسألهم: أليس الله هو خالق الظلمة والنور؟ سيقولون بلى, قلنا: فإنه يجب في العقل أن يكون العالم قبل خلق الظلمة والنور بلا ظلمة ولا نور لقوله تعالى: وجعل الظلمات والنور. ولكن الوهم الذي يظنونه دليلا لا يستطيع ولا بأية طريقة أن يتصور أي شىء بلا ظلمة ولا نور ولو خاضوا في لجج كافة العلوم, فإن الخيال يتوقف هنا. ولبيان الحق أنقل هنا ما قاله الإمام الكبير عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي في دفع شبه التشبيه:
فإن قيل نفي الجهات يحيل وجوده قلنا إن كان الموجود يقبل الاتصال والانفصال فقد صدقت, فأما إذا لم يقبلهما فليس خلوه من طرفي النقيض بمحال, فإن قيل أنتم تلزموننا بأن نقر بما لا يدخل تحت الفهم, قلنا إن أردت بالفهم التخيل والتصور فإن الله لا يدخل تحت ذلك, إذ ليس يُحسُّ ولا يدخل تحت ذلك إلا جسم له لون وقدر, فإن الخيال قد أنس بالمبصَرات فهو لا يتوهم شيئا إلا على وفق ما رءاه, لأن الوهم من نتائج الحس, وإن أردت أنه لا يعلم بالعقل فقد دللنا أنه ثابت بالعقل لأن العقل مضطر إلى التصديق بموجب الدليل, واعلم أنك لما لم تجد إلا جسما أو عرضا وعلمت تنزيه الخالق عن ذلك بدليل العقل الذي صرفك عن ذلك فينبغي أن يصرفك عن كونه متحيزا أو متحركا أو منتقلا.انتهى
وكلام ابن الجوزي كلام رجل عرف ربه. وإن في قوله تعالى: ليس كمثله شىء. تنزيه له عن الاتصال والانفصال لأنه لو كان متصلا أو منفصلا لكان مثلنا وهذا كفر التشبيه.
ومن المعلوم أن الاتصال والانفصال من خصائص الاجسام فإن الاتصال يكون بقرب المسافة والانفصال يكون ببعد المسافة, وهذا من خواص الأجسام ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر.
أليس القاضي عياض نقل إجماع العلماء على تنزيه الله عن المكان؟
أليس النووي نقل الإجماع على تنزيه الله عن المكان؟
أليس الإمام القرطبي نقل الإجماع على تنزيه الله عن المكان؟
أليس الإمام النسفي نقل الإجماع على تنزيه الله عن المكان؟
أليس الإمام البيهقي نقل الإجماع على تنزيه الله عن المكان؟
أليس الإمام الجويني نقل الإجماع على تنزيه الله عن المكان؟
قال إمام أهل سنة والجماعة أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم بن جناب الأزدي الحجري المصري المعروف بالإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة : (( ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر )) .
أي أن من وصف الله تعالى بوصف من أوصاف البشر المحدثة فقد كفر، لإثباته المماثلة بينه تعالى وبين خلقه، وذلك منفي بالنص وهو قوله تعالى : (( ليس كمثله شىء)). وقال أيضا : (( لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات )) أي أنه لا تحوي الله تعالى الجهات الست كما تحوي جميع المخلوقات، إذ المخلوقات لا تخلو عن التحيز في إحدى الجهات الست، لأن الحادث لا بد أن يكون بمكان.
وقال أهل الحق إن الله ليس بمتمكن في مكان أي لا يجوز عليه الممماسة بالمكان والإستقرار عليه، وليس معنى المكان ما يتصل جسم به على أن يكون الجسمان محسوسين فقط بل الفراغ الذي إذا حل فيه الجرم شغل غيره عن ذلك الفراغ مكان له، كالشمس مكانها الفراغ الذي تسبح فيه، وعند المشبهة والكرامية والمجسمة الله متمكن على العرش تعلقوا بظاهر قوله : (( الرحمن على العرش استوى )) قالوا الأستواء الإستقرار وقال بعضهم الجلوس، هؤلاء المشبهة قسم منهم يعتقدون أن الله مستقر على العرش ، يكتفون بهذا التعبير من غير أن يفسروا هل هذا استقرار إتصال أم اسقترار محاذاة من غير مماسة، وقسم منهم صرحوا بالجلوس، والجلوس في لغة العرب معناه تماس جسمين أحدهما له نصف أعلى ونصف أسفل، فمن قال أنه مستو على العرش استواء إتصال أي جلوس أو قال أستواؤه مجرد مماسة من غير صفة الجلوس فهو ضال، والذين قالوا إنه مستو على العرش من دون مماسة اي أنما يحاذيه من فوق أي كما تحاذي ارضنا السماء فهؤلاء أيضا ضالون: فلا يجوز أن يكون قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى )) على إحدى هذا الصفات الثلاثة، والتفسير الصحيح تفسير من قال : (( الرحمن على العرش استوى )) قهر، لأن القهر صفة كمال لله تعالى، هو وصف نفسه به قال تعالى : (( قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار)) فيصح تأويل الإستواء بالإستلاء وإن كانت المعتزلة وافقت أهل السنة في ذلك.
ثم إن من الدلائل أهل الحق : أن التعري عن المكان ثابت في الأزل لعدم قدم المكان إذ هو غير المتمكن (والمشبهة موافقون لنا على عدم قدم المكان) ولو تمكن بعد خلق المكان لتغير عما كان عليه والتغير من أمارات الحدث، وذلك يستحيل على القديم، ولو كان تعالى هو والمكان موجودين في الأزل لم يكم الله خالقا للمكان ولا خالقا لشىء من الأشياء، ثم لو كان كما يعتقدون لم يستطع الله لأن يحفظ هذا العالم لم يستطع أن يحفظ هذه الأرض التي هي مستقرة على غير أعمدة.
والأستواء قد يراد به ايضا العلو، والعلو على وجهين: علو مكان وعلو معنى أي علو قدر، والذي يليق بالله هو علو قدر لا علو المكان، لأنه لا شأن في العلو مكان إنما الشأن في علو القدر، ألا ترون أن حملة العرش والحافين حوله هم أعلى مكانا من سائر عباده وليسوا أفضل خلق الله، بل الأنبياء الذين مكانهم تحت أفضل منهم، ولو كان علو المكان يستلزم علو القدر لكان الكتاب الذي وضعه الله فوق العرش وكتب فيه : (( إن رحمتي سبقت غضبي )) اخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التوحيد : باب قول الله تعالى : (( بل هو قرءان مجيد في لوح محفوظ )) مساويا لله في الدرجة على قول أولئك.
فقد قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق
من غير سيف ولا دم مهراق
فالإستواء هنا ليس الجلوس على العراق
وإعتقاد أن الله في مكان هو كعقيدة النصارى واليهود، فيجب النطق بالشهدتين في الحال للرجوع إلى الإسلام لأن هذا الإعتقاد يخرج صاحبه عن الإسلام.
أليس ما لا يحصى من العلماء نقلوا الإجماع على تنزيه الله عن المكان؟
فما لك اتبعت المتشابه وتركت المحكم والله تعالى يقول: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم. فالتحذير من كلامك واجب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسبحان ربك رب العزة عما يصفون
|