الاخ طالب وفقك الله لكل خير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا على حطابك اللطيف وردك العفيف الذي طالما افتقدناه في هذه الساحة وبعد :
فهل صحح الألباني رحمه الله ما ضعفه اهل العلم قاطبة او العكس ؟ اللهم لا !
ثانيا : سأنقل لك ما قاله أهل العلم المتقدمين قد صحح الحافظ ابن حجر اسناده الى بعض رواته ، ولم يحكم على جميع الاسناد بالصحة والاتصال ! فظن بعض طلبة العلم ان الحافظ حكم على اسناد القصة بالصحة له ، والحق أن بعض رواتها مجهولون كما سيبينه علامة الشام الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني في كتابه العظيم " التوسل " ( ص 131 - 134 ) الطبعة الخامسة .
والأثر نقله الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (2/397) ونصه :
" وروى ابن شيبة باسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار - وكان خازن عمر - قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر ، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! استسق لأمتك ، فإنهم قد هلكوا ، فأتي الرجل في المنام ، فقيل له : ائت عمر … الحديث . وقد روى سيف في " الفتوح " أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة " انتهى كلام الحافظ رحمه الله .
فأجاب الشيخ الألباني رحمه الله بما نصه :
" قلت والجواب من وجوه :
الأول : عدم التسليم بصحة هذه القصة ، لأن مالك الدار غير معروف العدالة والضبط ، وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح كما تقرر في علم المصطلح ، وقد أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/1-213) ولم يذكر راويا عنه إلا أبي صالح هذا ، ففيه إشعار بأنه مجهول ، ويؤيده أن ابن أبي حاتم نفسه - مع سعة حفظه واطلاعه - لم يحك فيه توثيقا فبقي على الجهالة ، ولا ينافي هذا قول الحافظ " … باسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان …. " لأننا نقول : إنه ليس نصا في تصحيح جميع السند بل إلى أبي صالح فقط ، ولولا ذلك لما ابتدأ هو الاسناد من عند أبي صالح ، ولقال رأسا : " عن مالك الدار … واسناده صحيح " ولكنه تعمد ذلك ، ليلفت النظر إلى أن هاهنا شيئا ينبغي النظر فيه ، والعلماء إنما يفعلون ذلك لأسباب منها : أنهم قد لا يحضرهم ترجمة بعض الرواة ، فلا يستجيزون لأنفسهم حذف السند كله ، لما فيه من إيهام صحته لا سيما عند الاستدلال به ، بل يوردون منه ما فيه موضع للنظر فيه ، وهذا هو الذي صنعه الحافظ رحمه الله هنا ، وكأنه يشير إلى تفرد أبي صالح السمان عن مالك الدار كما سبق نقله عن ابن أبي حاتم ، وهو يحيل بذلك إلى وجوب التثبت من حال مالك هذا أو يشير إلى جهالته . والله أعلم .
وهذا علم دقيق لا يعرفه إلا من مارس هذه الصناعة ، ويؤيد ما ذهبت إليه أن الحافظ المنذري أورد في " الترغيب - 2/41 - 42) قصة أخرى من رواية مالك الدار عن عمر ثم قال : " رواه الطبراني في الكبير ، ورواته إلى مالك الدار ثقات مشهورون ، ومالك الدار لا أعرفه " وكذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد - 3/125".
الثاني : أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء ، كما ورد ذلك في أحاديث كثيرة ، وأخذ به جماهير الأمة ، بل هي مخالفة لما أفادته الآية من الدعاء والاستغفار ، وهي قوله تعالى في سورة نوح (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدرارا … ) وهذا ما فعله عمر بن الخطاب حين استسقى وتوسل بدعاء العباس كما سبق بيانه ، وهكذا كانت عادة السلف الصالح كلما أصابهم القحط أن يصلوا ويدعوا ، ولم ينقل عن أحد منهم مطلقا أنه التجأ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وطلب منه الدعاء للسقيا ، ولو كان ذلك مشروعا لفعلوه ولو مرة واحدة ، فإذا لم يفعلوه دل ذلك على عدم مشروعية ما جاء في القصة .
الثالث : هب أن القصة صحيحة (أي إلى مالك الدار) فلا حجة فيها ، لأن مدارها على رجل لم يسم ، فهو مجهول أيضا ، وتسميته بلالا في رواية سيف لا يساوي شيئا ، لأن سيفا هذا - وهو ابن عمر التميمي - متفق على ضعفه عند المحدثين ، بل قال ابن حبان فيه : " يروي الموضوعات عن الأثبات ، وقالوا : إنه كان يضع الحديث ". فمن كان هذا شأنه لا تقبل روايته ولا كرامة ، لا سيما عند المخالفة . انتهى كلام الألباني رحمه الله .
وخلاصة القول أن الاستسقاء الشرعي يكون بخروج الناس إلى المصلى وطلب الغيث ، وان استصحبوا أهل الخير والصلاح فهذا من أسباب قبول الدعاء ، أما أن يطلب الأحياء من الأموات أن يدعوا لهم ويتركوا - أي الأحياء - الدعاء فهذا بدعة في دين الله ، لم يرد في كتاب الله ، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يرد عن الصحابة ولا التابعين ، والله الموفق .
الاح طالب لقد اقترب موعد ذهابي الى العمل فاعتذر لك عن اكمال الجواب وللحديث بقية ان شاء الله
اخوك ابو دلال
|