الغياب
إن دلالة الغياب،باعتبارها الأثفية الثانية من الأثافي الدلالية المكونة لمجموع نسيج المعنى في الديوان،ترتبط بمجموع دلالات أخرى،باعتبارها تعبيرا عن "مفتقد" يتم الإفصاح عنه بشتى الصور و الأساليب،فهو العبور "نحو الضفاف البعيدة"،وهو "موسم الريح"وتارة أخرى هو "زمن البرعم المتوحد بالحلم" إن دلالة الغياب في ديوان "الحلم في زمن الوهم" تحضر مقترنة بالحلم على اعتبار أن الحلم هو تصعيد لرغبة مكبوتة أو مفتقدة أو مضغوطة. لم تجد بعد ملابسات مواتية لتعبر عن نفسها… ومن هنا يمكن اعتبار مجموع قصائد ديوان "الحلم في زمن الوهم" حلما نهريا،متسارعا،متدفق المياه،كل قصيدة فيه مفصل،أو فقرة أو محطة،تلتقي جميعها عند شجرة ذلك ال "مفتقد" المعبر عنه بهذا الحلم الطويل والكبير،وإذا كان الأمر كذلك،فإن دلالة الحلم باعتبارها تصعيدا ل "مفتقد" تقتضي تحديدا،فالحلم في الديوان يأتي مقترنا بصور فردوسية،هي بديل لما هو كائن وموجود،من ناحية،وبوح بمفتقد،ضائع من ناحية أخرى :
"أيها البحر هل رأيت شراعا
مبحرا في مسلة الكلمات
باعثا حلمه،إلى الضفة البكر
مع النورس "الخفيف الجناح"
الحلم بما يعني جنات عدن وفراديس،بديل الخراب والقحط،نزوعا إلى الضفة البكر… يقترن كما هو الشأن بكائنات أثيرية،عدنية "النور الخفيف الجناح" و "الضفاف البدائية البكر… " تلميحا إلى النقاوة والطهارة الأولى المفتقدة ومن هنا،فإن هذه الأرض الفردوسية المفتقدة كحلم وكأرض ميعاد موعود. تقترن في الديوان بالضياء.
سأحلم في زمن الوهم
كي أتجاوز مستنقعات الغباء
…
سأحفر متسعا للضياء
فهل تنكر العين لمعة ضوء
تلوح على شرفة الأنبياء
دلالة الحلم كتعبير عن "غياب" ومفتقد تتمظهر من خلال ما هو زمان،وما هو مكان،أما من حيث أن الحلم هو زمان،مفتقد،غائب،فيتجلى في البحث عن "زمن الفرح الخالص" :
"يسأله الحارس : من أنت ؟
يتبين فيه الحب من الأوهام
يرحل فيه الكابوس عن الأحلام
زمن الفرح الخالص".
للمقال بقية
العياشي أبو الشتاء – الباحة و السنديان.
|