تتمة نموذج نقد ساخر
و إذا كان السفير مسافرا أو نائما ،فإن هناك الملحقين، و كلهم متعففون لا يريدون الإكثار من الحركة أثناء نوم السفير، لأن الديبلوماسية تقتضي ذلك، حتى إذا صحا ناموا و هو يصحو يسافر ، و هذا ما لم يفهمه العامل الذي فكر في " ذنب " مقابلة السفير.
إن الديبلوماسية هي فن النوم الناعم ، فإذا نام السفير ، و نام القناصلة و نام الملحقون ،تحققت الغاية ، و قامت الحجة على أننا نظلم أصحاب السعادة .
في حضرة هذا النوم الناعم يقدم الجميع صورة ناعمة … ناعمة جدا عنا و عنكم.
و الحقيقة أن الملحقين الثقافيين أكثر نعومة، و هم يعلمون بحذق.
قال صاحب اللسان : " ثقف الشيء،ثقفا و ثقافا و ثقوفة أي حذقه " فالثقافة بهذا المعنى إذن حذاقة ، و إذا التحقت الحذاقة بالنوم الناعم أصبح الملحق الثقافي يستحق اسمه عن جدارة ، و مع ذلك فالملحقون الثقافيون لا يكتفون بالحداقة ، و لذلك فهم يعيدون النظر في الجذر اللغوي للثقافة ، و أخيرا استقروا على تخريجة ابن دريد التي أوردها صاحب اللسان :
قال ابن دريد :
"ثقفت الشيء إذا ظفرت به"
و على ما يظهر فإن كل ملحق ثقافي يجلس في مكتبه ظافرا.
جازاهم الله بكل خير ، فقد حققوا لنا الظفر ، والمرء حينما يحقق الظفر لا يبقى أمامه ما يسعى إلى تحقيقه.
و إذا كان الملحقون الثقافيون قد تفننوا في تخريجة الظفر ، فإن بعض السفراء قد وجدوا تخريجة أخرى تنتهي بعبارة : "خالدين فيها… "
أنا لا أعرف أسماء كل السفراء ، لكن بعض الأسماء قد عششت في ذهني لأن أصحابها صاروا في بعض العواصم كأحجار المحافظة ، و قد آن الأوان للبحث عن مسطرة لاسترجاع تلك الأحجار.
الصك العقاري ذو حجية… هذا شيء لا يغرب عن بال خبراء المحافظة العقارية ، و على ما يظهر فإن نوعا جديدا من الصكوك العقارية قد بدأ يرسم طريقه مما أصبح يستلزم إنشاء مصلحة جديدة اسمها "المحافظة على الصكوك الديبلوماسية " ، و آنذاك سيحفظ ( بتشديد الفاء و كسرها ) كل سفير "خبزته " و يصير اسم السفير ذا حجية .
نحن نتمنى لسفرائنا كل خير ، و نكون سعداء عندما نراهم في التلفزيون مرة في العام في حفلة العيد الوطني داخل سفاراتهم فنطمئن عليهم.
أنا شخصيا ، أكون سعيدا عندما أرى سفيرا لنا في الطائرة يحمل الحقيبة الديبلوماسية و لا يرى عليه أثر السفر ، لكن شيئا واحدا يقسم رأسي.
ذلك الشيء هو القسم .
إنه قسم مغلط ، و الحقيبة الديبلوماسية رقيقة ، أنيقة ، خفيفة ، فإذا كانت هذه هي الحقيقة الديبلوماسية فأين القسم؟
إنهم يقسمون رؤوسنا بالقسم ، لكنهم عندما يسافرون يحملون معهم كل شيء ، و يتركونه لنا.
هل عرفتم لماذا لا يحملون معهم القسم ؟
اقتربوا مني .
اسمعوا جيدا :
لأن القسم حمل ثقيل و الحقيبة الديبلوماسية لا تسعه وسع الله علينا و عليكم في الدنيا و الآخرة.
|