الجهاد في سبيل الله الحلقة (8)
( 8 )
أين المسلمون من هذه الفريضة اليوم؟!
وإذ قد تبين لنا حكم الجهاد في سبيل الله، بأدلته التي لا تقبل الجدال من مسلم عاقل منصف، فإننا يجب أن نسأل أنفسنا: أين نحن من هذه الفريضة على تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أو على التعريف الاصطلاحي الخاص، على أن المراد به قتال الكفار فقط؟
لقد قعد غالبنا اليوم عن القيام بهذه الفريضة التي لا حياة لنا بدونها، بل إن الطامة الكبرى أن نرى كثيرا ممن ينتسبون إلى الإسلام يحاربونها، ويقفون في وجه من يريد القيام بها، وإن ما عليه غالب المسلمين اليوم من البعد عن الله لأمر يؤسف له، فحياتهم – في الغالب – حياة جهل وغفلة ومعصية للخالق جل وعلا.
وما نحن عليه اليوم من ترك أعداء الإسلام يقتلون إخواننا المسلمين، وينتهكون أعراضهم، ويعذبونهم، ويخرجونهم من ديارهم ن ويخبرون بيوتهم، ويرملون نساءهم وييتمون أطفالهم، ويدنسون مقدساتهم، لهو تعرض للإثم وترك لفرض عين على كل مسلم في الأرض - كل بما يقدر عليه – لعدم وجود طائفة كافية تقوم بهذه الفريضة، قياما كافيا، في شتى أنحاء الأرض، بل لعدم وجود طائفة تقوم به في بعض أجزاء الأرض دفاعا عن المسلمين، فضلا عن الجهاد ابتداء، وقد اتفق علماء الإسلام – استنباطا من نصوص الوحيين - على المسلمين أن يخلصوا المرأة المسلمة، إذا سباها أعداء الإسلام، ولو أدخلوها في دار الحرب، ما داموا قادرين على ذلك.
فقد قال بعض فقهاء الحنفية: " مسلمة سبيت بالمشرق وجب على أهل المغرب تخليصها من الأسر، ما لم تدخل دار الحرب، وفي الذخيرة: يجب على من لهم قوة اتِّباعُهم لأخذ ما بأيديهم من النساء والذراري، وإن دخلوا دار الحرب " حاشية ابن عابدين [ 4/126 ]
وهذه بلدان المسلمين اليوم تتعرض لغزو أعداء الإسلام، والاعتداء على أهلها وانتهاك أعراضهم، وسلب أموالهم، وتخريب مساكنهم، وإفساد مصالحهم، ونساؤهم معتقلات مهانات وراء قضبان السجون على مرأى ومسمع من سكان عواصم المسلمين المحيطة بهم من كل جانب، فلا يتحرك المسلمون لنجدتهن والدفاع عنهن، وهن لسن في المشرق ولا في المغرب عنا، بل في قلب وطننا الإسلامي، وفي أغلى بقاعه !
لا بل إن بعض الطغاة في البلدان الإسلامية يقفون في وجه رجال الجهاد وأطفاله ونسائه الذين حاولوا الدفاع عن أنفسهم، ويستجيبون لزعماء الكفر في عقد مؤتمرات تدين من يبذل نفسه وأهله وماله لدحر العدو المعتدي، ويسمون المجاهد إرهابيا ويحاصرونه من داخل بله وخارجه، خذلانا له، ونصرا لعدوه، بأساليب ماكرة يظنونها تخفى على أولي العقول والألباب !
كما أن أعداء الإسلام من المنتسبين إليه يصدون دعاة الإسلام عن الدعوة الصادقة إلى الله، ويصدون الناس عن الاستماع لأولئك الدعاة الذين يبلغون دين الله بأمانة، ويفقهون الناس أن الإله المعبود المطاع الحاكم هو الله، وأن غيره لا يطاع إلا في دائر طاعة الله، وأن على المسلمين جميعا أن يحكموا كتاب الله في حياتهم كلها، لا يقدمون عليها هوى ولا رأيا ولا نظاما، أيا كان، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون للناس: إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ظلم الحكام إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها.
هذه الدعوة بهذا المفهوم يطارد أهلها اليوم في كثير من البلدان الإسلامية، فضلا عن غيرها، ويحال بينهم وبين الناس، حتى لا يسمعوها فيستجيبوا لها، فيلتزموا طاعة الله، ويخرجوا عن طاعة الطغاة المتألهين عليهم.
وهذا يدل أن أعداء الإسلام في داخل البلدان الإسلامية وخارجها، يحاربون الجهاد في سبيل الله بمعنييه: الشامل والخاص !
__________________
الأهدل
|