ليـــــس لي
ليس لي يا أيها العصفور مثلك أن أهاجر
حين يلسعني الشتاء
وحين يعصرني اللهيب بنزف أوردة المساء
ليس لي ...
حتى وان صنعت دموعي الجسر و انطلقت خطاي
عشرون عاما كنت أشنق في غرامي
وأصلي للغرام
وأميل مع ريح المخيّم أينما مالت أيمم
لا قمر
غير المخيم في عيوني ذكريات وصور ...
من يوم أن رحل النهار عن الديار مع البنفسج والحمام
وحتى صار موّال الديار رثاء داري ...
عشرون عاما كنت أركب زورق الأحلام لكن
كنت أغرق ...
كلما اقتربت يديّ من الحقيقة واكتشفت
أن لون الصمت وردي
ولون الصوت أزرق ...
أن لي وطنا عشقت
ما زال يسكن في قلوب الأمهات
ومن الجهات الأربعة
ما زال يسكن في احتضار قصيدة
ودموع ناي ...
عشرون عاما كنت اركب زورق الأحلام لكن
كنت أغرق ...
كلما اّويت في جسدي المدائن واحترقت مع الحطام ...
في الخليل وفي قراها وهي تأكلها الجراح
في القدس في حيفا ويافا
وهي تصرخ ياعباد الله ...
الليل خبّأ ثوب عرسي
الليل يعبث في صباي
الليل ينسج من دموعي وجوده
الليل حطّ رحاله في كل دار ...
واشترى قمرا ليذبحه أمامي
لينثره وينثرني في حزن "رافات"(1) اللتي لبست
أساور جرحها ...
لتزف ما بين الذهول وبين دمعات العيون
شهيدها
وهي تهمس للسماء
حقا رحلت أبا البراء ؟! (2)
ام أنه صمت الحبيب لدى الوداع
واخوف من طول الغياب
والخوف من بعد اللقاء ....
عشرون عاما يا أبي وأنا أغار من اشتياقي للحبيبه
ليت لي قلبا كبيرا مثل هذا الشوق
كي أقلب التاريخ
كي أنسى ...
وكي أنفك من هذا الحصار
من صورة القسّام في وضح النهار
من قسوة التاريخ في صبرا
ومن عمق المرارة في سؤالي
كيف أرسمها "شتيلاّ
هل سأرسم طفلة تبكي
وأهرب من جنوني حين يأكلها الحريق ...
ام أنني سأظلّل الغيم المشبّع بالسواد
بأي لون باهت
حتى أعالج كبريائي ...
ليس لي ...
الموج أغرق مركبي
ورفعت أشرعتي على كفّي وطن
وطرحت أوردتي حطاما تشتهي عرق السنابل
حين يجمعها الحصاد ..
وحملت تاريخي المعبىء بالحنين
حاولت في الجمل الطويلة أن أفك الطلسم العربي
عن قبر القضيه ..
حاولت في الجمل القصيرة أن أجادل
هل أسلّم أم أقاوم ؟؟
حاولت لكني فشلت مع الكلام
اه لوكان الكلام
يجبّ أيام الظلام
لملأت أوراقي كلاما ...
ورحلت مع كل الحمام الى القصائد
وصنعت لي وطنا
وحلّفت المشاعر أن تبوح بما لديها
وكتبت:
ليس لي يا أيها العصفور مثلك أن أهاجر
ليس لي يا أيها العصفور مثلك أن أهاجر
(1)رافات :قريه تقع بالقرب من نابلس الحبيبه في فلسطين وهي القريه اللتي ولد وتربى فيها الشهيد يحيى عيّاش .
(2)أبو البراء :كنية الشهيد يحيى عياش اللذي اغتيل في عام 1996
بعد أن كان المطلوب رقم 1 لدى اسرائيل وينتمي لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس .
مع محبتي
محمد السلفيتي
آخر تعديل بواسطة محمد السلفيتي ، 29-04-2002 الساعة 01:53 PM.
|