الحداثة وليس التجديد
الحداثة وليس التجديد : تلك هي المسألة
إطلالة ممهدة لانطلاق الحوار حول التجديد في الفكر الديني .
بقلم : السلفي المحتار ذو الشوارب المستعار
في ظل تفاقم الأوضاع المريرة التي تعصف بالأمة الإسلاميّة والعربيّة وجعلها تراوح محلها في مجال الدائرة المفرغة من اليأس والإنهاك والإحباط ، يصيبها الجمود ويفقدها الحراك ، فتكون كالأطلال الحزينة تتحلق حولها السباع لتفترس ما تبقى منها كما الجثث المائتة !! . إلا أن بقاء الحال من المحال ، طالما توفرت إرادة إنسانيّة حقيقية تتحين النهوض وتسعى للتحرر من ربقة التخلف والبؤس ، إرادة تنبس بومضات التغيير ، وتكرر ذاتها الحراكيّة للبحث عن التجديد، متطلعة إلى مستقبل يمتلىء بالحيوية والأمل ، لكن !! عن أي إرادة يكون الحديث ؟ في واقع لم يعد مكترثا للحراك الفردي بقدر ما يعتني به جماعيا ، وبكل تأكيد تظل الأمور في حيزاتها النظرية عندما تكون حبيسة أذهان المفكرين والمثقفين ، بل يكون السعي حثيثا تجاه إيجاد أنساق من التواصل الإيجابي ما بين القيادة والقاعدة وقد يصبح الهرم مقلوبا في عمليّة إصلاحيّة وتجديديّة إن لم تتصدر حلقات وصل وقواسم مشتركة تجمع كافة العقول في بوتقة مشتركة ، وذلك عبر نوافذ الحوار الخلاّق لتقريب وجهات النظر ومن أجل اتساق النفوس إلى حيز التعايش، وإلاّ تصبح حركة التجديد في حكم الإجهاض قبل استنشاقها أوكسجين التعاطي الإيجابي مع الذات والآخر الحضاري معًا .
ولو شرعنا في ماهية التجديد المبتغى سيصل بنا المقام إلى تفسيرات عدة قد تساهم في إمالة الحوار عن دوائره الموضوعيّة ، عندها تصبح الإطالة ضربا من الفوضى والشتات لذا كان لزاما التطرق لمدى تداخل مفهوم "التجديد" مع مفهومَي "الأصالة والتراث"؛ حيث يُقصَد بالأصالة تأكيد الهويَّة والوعي بالتراث دون تقليدٍ جامد، وتلك المقاصد جزءٌ من غايات التجديد. كما يشتبك "التجديد" مع مفهوم "التغريب"، الذي يعبِّر عن عملية النقل الفكريّ من الغرب، وهو ما قد يحدث تحت دعوى التجديد.
ومن الطبيعي وعلى صعيد المفاهيم الحركيَّة، تُطرَح مفاهيم مثل "التقدُّم" و"التحديث" و"التطوُّر" و"التقنية" و"النهضة" لتعبِّر عن رؤيةٍ غربيَّةٍ لعمليَّة التجديد، نابعةٍ من الخبرات التاريخيَّة الغربيَّة، ومستهدفةٍ لربط عمليَّة التجديد في كلِّ الحضارات بالحضارة الغربيَّة، باعتبارها قمَّة التقدُّم، وهدفاً للدول الساعية نحو التنمية.
كما تظهر مفاهيم مثل: "الإصلاح" و"الإحياء"، وهي نابعةٌ من الرؤية الإسلاميَّة لعمليَّة التجديد، حيث التجديد هو إحياءٌ لنموذجٍ حضاريٍّ وُجِد من قبل، ولم تحدث تجاهه عمليَّات التجاوز والخلاص، وقد يتَّضح مدى الارتباط بين "مفهوم التجديد" فكرًا وممارسةً، وبين الخبرة التاريخيَّة والمرجعيَّة الكبرى النهائيَّة للمجتمع".
إلا أننا ما نستطيع أن نؤكده وهو أن الإنسان في حركة دائبة ومستمرة ولا ينفك عن ذلك ولو أراد أن يلقي بنفسه في حفائر السّكونيّة !! ، إلا أن الحركة تعني بالضرورة النظام والانتقاء والدينامكية الممنهجة ، من هنا اقتضى الأمر للبحث عن الجديد وفق مضي الحراك المستمر لدى فكر الإنسان " الفرد ، الجماعة " ليسعى إلى استخراج رؤى جديدة تساعده على الانسجام ومتغيرات الواقع ومحدثاته ، وما تطور الحياة السريع الرتم إلا ويفرض على الإنسان باستمرار أن يعيد تشكيل نظامه الفكري حتى يستطيع أن يتناغم ومنظومة النمو المعرفي الهائل لتمنحه التعاطي الإيجابي في العمق ولا يكون هامشيا ضمن سيرورة الاستهلاك التي تؤدي به بشكل أو بآخر الإصابة بنكسة نفسيّة تقوده إلى طريقين لا ثالث لهما إما أن يكون يجعل من جسده قنبلة موقوتة !! ، وإما أن يستسلم لليأس إثر ذهول عارم !!
والرغبة تظل لديه جامحة في التجديد إلا أن رهاب الجديد يكون نصب عينيه دوما ، لما للجديد دوما من تحديات ومصاعب قد ترتطم والكثير من الثوابت التي يقرّ بها ، فيفضل عندها أن يكون محافظا لاعتقاده بأنه أسلم الطرق وأيسرها ، فمن هذا المنطلق يأتي دور الحوار ليفجّر لدينا الدقائق التفصيلية فيما يعني التجديد في الفكر الديني !؟ إنه الحوار الخلاّق الذي ندفع به عبر نافذة الكترونيّة يطّوف حولها نخبة من الباحثين والمثقفين ليتحفونا بما يملي عليهم فكرهم ورأيهم تجاه مسألة مهمة وهي مسألة " التجديد في الفكر الديني " ، بهذا نحن لا نتخطى أية رؤية في هذا الزحام والذي يعني بالتجديد بقدر ما أردنا إيجاد حالة من الاستفزاز الذهني والتي تظل متموجة في حراكها على صعيدي الفكر والممارسة ، إذن نبحث عن وجودنا في ظل هذا الشحذ الفكري المتدفق لاستغلال" النص " كونه يحاكي المرونة الكافية لاستيعاب التطورات الإنسانية، والذي لم يأتِ إلاّ لتأمين المناخ الإبداعي من خلال فرض مجموعة أنظمة اجتماعية وثقافية ومعرفية ونفسية وأخلاقية، تتيح للمعنى الإنساني إزالة كافة العراقيل التي تحد من حركته وحريته ونظمه .
لندع المجال للأخوة الضيوف ليدلوا بدلوهم حول الكثير مما يجول في خلدهم حول مسألة التجديد الديني الذي نترقب منهم المزيد من الطرح الجريء والموضوعي ليقفوا بذلك على الكثير من الإفاضات التي طالما توقعها المتلقي منهم ويظل يترقبها على الدوام .. وقبل أن نطلق السؤال علينا أن نذكر بأسماء الأخوة المتحاورين ( الترتيب لا يعني المقام ) وهم :
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]
|