كتيب فلسطين بلادنا الحبيبة هو كتيب صغير لا يتعدى فى حجمه حجم كف اليد يتكون من حوالى 60 صفحة لمؤلفه الدكتور محسن محمد سليمان صالح
( 1 )
تقديم
لقد جمع الإسلام الأمة الإسلامية على خمسة جوامع توحدها وتؤلف بينها وهى العقيدة والشريعة والحضارة والأمة ودار الإسلام .... وعندما كانت وحدة الأمة هى الإطار الجامع لشعوبها وقومياتها وأجناسها وأقطارها كانت جامعتها الإسلامية جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى وكانت صيحة ( وا إسلاماه ) تجد الإستجابة فى كل ديار عالم الإسلام ... وفى ظل تلك الجامعة الإسلامية فتح المسلمون فى ثمانين عاما أوسع مما فتح الرومان فى ثمانية قرون – وشتان بين فتح التحرير وفتح الإستعباد – وقهر المسلمون أشرس الغزاة وأخطر التحديات من الصليبيين الذين شنوا حربا عالمية غربية على الإسلام والمسلمين دامت قرنين من الزمان ( 489 - 690 هـ ) ( 1096 – 1291 م ) إلى التتار الذين كسر المسلمون شوكتهم ثم هداهم الإسلام فأصبحوا قوة ضاربة مدافعة عن ديار المسلمين .... ومع هذه الفتوحات والإنتصارات مثل المسلمون – فى الحضارة – ( العالم الأول ) على ظهر هذه الأرض لأكثر من عشرة قرون بينما كان الغرب يغط فى سبات عصور الجهالة والظلام
فلما جاءت الغزوة الإستعمارية الأوروبية الحديثة التى بدأت بسقوط غرناطة ( 897 هـ/1492 م ) والإلتفاف حول عالم الإسلام ثم ضرب قلبه بحملة بونابرت ( 1213هـ/1798م ) والتهام أقاليمه إقليما وراء إقليم وحتى إسقاط الخلافة العامة ( 1342هـ/1924م ) وعمت بلوى هذه الغزوة الإستعمارية الحديثة حيث أحل الغرب التشرذم الوطنى والقومى والفطرى محل رابطة جامعة الإسلام فانشغل كل شعب وكل قطر بتحرره الوطنى عن قضايا غيره من شعوب الإسلام
ولتكريس هذا التشرذم ولتأبيد هذه القطرية ولإعاقة أية محاولة للنهضة التى تعيد الحياة والتكامل إلى أعضاء جسد الأمة الإسلامية أقام الإستعمار الكيان الصهيونى على أرض فلسطين سرطانا عنصريا غربيا يقطع وحدة أرض الأمة ويهدد كل مشاريع النهضة والوحدة للعرب والمسلمين
كان هذا جزءا من المقدمة بقلم د/محمد عمارة
تاريخ مجيد
1) يطلق اسم ( فلسطين ) على القسم الجنوبى الغربى لبلاد الشام وتقع فلسطين على ساحل البحر الأبيض المتوسط غرب قارة آسيا وتعتبر صلة الوصل بين آسيا وأفريقيا كما تتميز بقربها من أوروبا ويحدها شمالا لبنان ومن الشمال الشرقى سوريا وشرقا الأردن وجنوبا مصر وتبلغ مساحة فلسطين فى حدودها المتعارف عليها 27ألف كم2 وهى تتمتع بمناخ معتدل ( مناخ البحر الأبيض المتوسط )
2) أرض فلسطين من أقدم المناطق الحضارية فى العالم وحسب الإكتشافات الأثرية الحديثة فهى أول أرض شهدت تحول الإنسان إلى حياة الإستقرار والزراعة قبل حوالى 9آلاف سنة ق.م وفى ربوعها أنشئت أقدم مدينة فى التاريخ ( مدينة أريحا ) وكان ذلك منذ حوالى 8آلاف سنة ق.م ومازالت فلسطين معمورة زاخرة بالحضارات المختلفة إلى عصرنا هذا
3) لأرض فلسطين مكانة عظيمة فى قلب كل مسلم فهى أرض مقدسة ومباركة بنص القرآن الكريم وفيها المسجد الأقصى أول قبلة للمسلمين وثالث المساجد مكانة فى الإسلام وهى أرض الإسراء فإليها أسرى بمحمد صلى الله عليه وسلم وهى أرض الأنبياء فقد ولد فى هذه الأرض وعاش فيها ودفن فى ثراها الكثير من الأنبياء عليهم السلام الذين ذكروا فى القرآن الكريم وهى تعد فى المنظور الإسلامى أرض المحشر والمنشر وعقر دار الإسلام والمقيم المحتسب فيها كالمجاهد فى سبيل الله ومركز الطائفة المنصورة الثابتة على الحق إلى يوم القيامة
4) أرض فلسطين أرض مقدسة لدى اليهود والنصارى أيضا فيعدها اليهود أرضهم الموعودة ومحور تاريخهم ومرقد أنبيائهم ومركز مقدساتهم فى القدس والخليل ، ويعدها النصارى مهد ديانتهم حيث ولد عيسى عليه السلام وقام بدعوته وبها مراكزهم الدينية العظيمة فى القدس وبيت لحم والناصرة
5) يؤمن المسلمون أنهم الورثة الحقيقيون الجديرون بميراث داود وسليمان وصالحى بنى إسرائيل ممن حكموا فلسطين ردحا من الزمن تحت راية التوحيد لأن المسلمين هم رافعوا راية التوحيد من بعدهم والسائرون على درب الأنبياء ويعتقد المسلمون أن اليهود تنكبوا عن طريق الحق وحرفوا كتبهم وقتلوا أنبيائهم وباؤوا بسخط الله سبحانه وغضبه
6) كان سلوك اليهود والنصارى فى أثناء حكمهم فى فلسطين – وخصوصا بيت المقدس سلوكا مانعا يرفض التعايش مع الديانات الأخرى ويضطهد أتباعهم ويسعى للتخلص منهم أما المسلمون فكان سلوكهم جامعا مبنيا على التسامح والتعايش وكفالة حقوق الآخرين وحمايتها
7) إن أقدم شعب معروف سكن فلسطين وطبعها بطابعه هم ( الكنعانيون ) الذين قدموا من جزيرة العرب منذ نحو 4500 عام وعرفت أول الأمر باسم ( أرض كنعان ) وشعب فلسطين الحالى ومن اختلط بهم بعد ذلك من شعوب شرقى البحر المتوسط الـ ( بلست ) والقبائل العربية ورغم أن فلسطين حكمها أقوام شتى بين فترة وأخرى إلا أن أهلها ظلوا يعمرونها دونما انقطاع وإن أهل فلسطين هؤلاء هم أنفسهم الذين أسلمت أغلبيتهم الساحقة وتعربت لغتهم مع قدوم الإسلام حيث تأكدت الهوية الإسلامية لأرض فلسطين لأطول فترة تاريخية متواصلة منذ الفتح الإسلامى لها فى ( 15هـ/636م ) حتى الآن ولا عبرة بإخراج جزء من أهلها قهرا تحت الإحتلال الصهيونى من عام 1948
لنا عودة إن شاء الله تعالى مع الجزء الثانى من السلسلة