اما "جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية" (الاحباش) فقد حرصت على الابتعاد عن اتخاذ مواقف واضحة سواء لجهة دعم الأكثرية أو المعارضة، وفضلت البقاء بعيداً عن كل التحركات وأصدرت بياناً وحيداً دعت فيه الى حماية السلم الأهلي والابتعاد عن الفتنة المذهبية".
وشهدت الساحة الاسلامية بروز اطار اسلامي جديد بإسم
"اللقاء الاسلامي المستقل" والذي ضم النائب السابق خالد ضاهر وبعض المشايخ السلفيين والقيادي السابق في "حركة التوحيد الاسلامي" الشيخ كنعان ناجي. وعقد اللقاء مؤتمراً صحافياً أعلن فيه مواقفه التي تحاول التوفيق بين دعم المقاومة ورفض الانقلاب على الطائف والتمسك بمرجعية دار الفتوى، مع الاشارة الى انه سبق لضاهر أن شارك في وفد باسم "تيار العدالة والتنمية" في زيارة السرايا الحكومية لدعم الرئيس السنيورة.
اما
"اللقاء الاسلامي الوحدوي" والذي تأسس في وقت سابق فلم يبرز أي دور فاعل له باستثناء زيارة المرجع السيد محمد حسين فضل الله واصداره بعض البيانات الرافضة للفتنة والداعمة للمقاومة.
المجموعات المتطرفة وخطر "القاعدة"
لكن العنصر الجديد الذي برز على الصعيد الاسلامي كان في التخوف الذي أبدته الأوساط الاسلامية المطلعة "من أن يؤدي الصراع السياسي ذو الوجه المذهبي الى بروز مجموعات اسلامية متطرفة تدخل على خط الصراع وتعمل لتأجيجه والمشاركة فيه، بما ينقل بعض ما يجري في العراق الى لبنان".
وازداد هذا التخوف واقعية بعد تأسيس اطار اسلامي جديد في المخيمات الفلسطينية باسم "فتح الاسلام" المنشقة عن حركة "فتح الانتفاضة" وما قيل عن انتقال نحو 200 عنصر اسلامي من سوريا الى لبنان واتهام بعض هؤلاء بالتخطيط للقيام باغتيالات لشخصيات لبنانية أو تنفيذ عمليات ضد قوات "اليونيفيل" في الجنوب.
وتزامنت هذه المعطيات مع تكرار المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس السوري بشار الأسد خوفهم من انتقال عناصر من تنظيم "القاعدة" الى لبنان.
وربطت بعض المصادر الاسلامية بين هذه المواقف وبين اعتقال بعض المجموعات الاسلامية التي لها صلة بتنظيم "القاعدة" في العراق والتي لا تزال تخضع للتحقيق حتى الآن.
لكن هذه المصادر تؤكد أنه "حتى الآن لا يمكن التأكيد على وجود هكيلية تنظيمية متكاملة لـ"القاعدة" في لبنان، وان تسرب بعض الاشخاص يأتي بسبب التضييق الذي تعرضوا له في سوريا أو بسبب المتغيرات الحاصلة في العراق.
وان كانت هذه المصادر تتوقع "ان تشهد المرحلة المقبلة المزيد من تسرب هذه العناصر الى لبنان لتنفيذ مهمات أمنية محددة وللاستفادة من الصراع الدائر في لبنان. وهذا الخطر يزداد قوة كلما ازدادت هذه الصراعات السياسية والمذهبية".
مستقبل الواقع الاسلامي
على ضوء هذه المعطيات والمتغيرات الحاصلة على الصعيد الاسلامي، فان العديد من الأوساط الاسلامية تبدي "تخوفها من ازدياد حالة الانقسامات في الساحة الاسلامية وتحول الصراع السياسي الى صراع مذهبي، مما يفتح الباب أمام المجموعات المتطرفة للتحرك على الأرض وفقدان السيطرة على الواقع وتكرار تجربة العراق، حيث لم تستطع كل المرجعيات الدينية والسياسية حتى الآن وقف عمليات القتل والذبح والتفجير على الهوية".
وتضيف هذه الأوساط "أن المشكلة الأكبر هي غياب الموقف الموحد الداعم للمقاومة، وتحول المقاومة الى فريق سياسي داخلي مما يخدم الأهداف الأميركية والاسرائيلية التي كانت تعمل لتطبيق القرار 1559 واعتبار "حزب الله" ميليشيا وليس مقاومة".
كما أن المجموعات والشخصيات الوحدوية تراجع دورها في هذه الأزمة واضطرت الى الابتعاد عن أي تحرك أو الى الانخراط في الصراع السياسي الى جانب أحد الأفرقاء".
وبالرغم من ان المرجع الاسلامي السيد محمد حسين فضل الله يؤكد في مجالسه الخاصة "أن لبنان محصن ضد الفتنة المذهبية، وأن هذا الصراع السياسي سينتهي الى تسوية داخلية، وان هناك خطوطاً حمراً تمنع الانجرار نحو حرب أهلية، لأن لا مصلحة للقوى الدولية والاقليمية بفقدان السيطرة الأمنية على الوضع في لبنان"، فإن بعض الأوساط الاسلامية تعيد التذكير "بما حصل خلال الأحداث اللبنانية وخصوصاً بعد انتفاضة 6 شباط وحرب المخيمات وحرب "أمل" ـ "حزب الله" والتي أسقطت كل الخطوط الحمر وأدخلت الساحات الاسلامية في صراعات قاتلة".
فهل سيدفع لبنان والساحة الاسلامية مجدداً ثمناً للصراعات الاقليمية والدولية، أم سينجح الحكماء في تجنيب هذه الساحة المزيد من الصراعات؟
المصدر :
جريدة المستقبل (تابعة لتيار الحريري)
- الخميس 28 كانون الأول 2006 - العدد 2488
http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?storyid=211462
____________
تعليقنا يتبع ان شاء الله