هذا قولنا إن الله سميع بصير حي عالم قادر مخالف للحوادث فعال لما يريد قادر على ما يشاء لا يعجزه شىء ولا يحول بينه وبين إرادته شىء جميع الخلائق مقهورون بقدرته وكل ما أثبته الله لنفسه فهو ثابت لا يجوز إنكاره وإن منكر مثل هذا المعلوم من الدين بالضرورة كافر خارج عن الإسلام يستتاب وإلا قتل لردته.
أما مسألة الاشتراك في الصفات فهذه لم توفق فيها فإن سمع الانسان وسمع الله لا شبه بينهما بوجه من الوجوه, فكلاهما سمع لكن لا شبه بينهما مطلقا فليست هذه الصفات مشتركة بيننا وبين الله.
فمثلا علم الله أزلي أبدي لا يجوز عليه الزيادة والنقصان, الدليل:
لو كان يقبل الزيادة فإما أن يكون أكمل مما كان عليه من قبل, وهذا فيه إثبات جهله والعياذ بالله لنقصان علمه من قبل وحصول هذه الزيادة من بعد وهذا ظاهر الفساد فإن أعلم من ألفاظ التفضيل وأكمل كذلك, فيكون أكمل مما كان عليه ولا يقول بهذا من في قلبه وزن ذرة من إيمان, وإما أن يكون أنقص مما كان عليه فهذا فيه أيضا تجهيله ولا يقول بهذا من في قلبه وزن ذرة من إيمان.
أما علم المخلوق فظاهر, فإن كان صاحب هذا العلم مخلوقا فمن باب أولى أن تكون صفاته مخلوقة, وعلمنا حادث بعد أن لم يكن وهو حاصل عن نظر واستدلال, يقبل الزيادة والنقص, فكيف يكون هناك اشتراك في صفة العلم بيننا وبين الله؟ هذا علم وهذا علم ولكن الشبه بينهما معدوم.
ظننتك أتيت بما لم تستطعه الأوائل فإذا هو تلاعب بالألفاظ.
أما ظنك أننا ننفي الصفات فهذا باطل وقد قلت لك بكفر من أنكر الصفات, وكذلك كلمة استوى - ولها نحو أربعين معنى - ثابتة في القرءان ومن أنكره كفر, لكن المصيبة في الذين يفسرونه بالجلوس والاستقرار والعياذ بالله من ضلالات التشبيه وترهات الباطل.
أما عن كوننا أهل العقل, فالحمد لله رب العالمين العالمين على هذه النعمة العظيمة, نعمة العقل, ولم سمي العقل عقلا؟ لأن به تعقل الأمور وتوضع في مكانها, فقد ثبت أننا أهل عقل.
وقد وجدنا العقل ممدوحا في القرءان - وهذا بيان لك أنك على غير صواب - فقال تعالى: وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا من أصحاب السعير.
فالحمد لله أننا أهل عقل, ومن لم يكن عاقلا فهو مجنون, ومن كان عقله خفيفا فهو غبي.
قال صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم وعن النائم حتى يصحو وعن المجنون حتى يعقل.
ليس كمثله شىء. فلا وجه للشبه بينه وبين المخلوقات مطلقا والله أصدق من أي أحد.
|