بسم الله ..... وبه نستعين
أما بعد :-
(( هذا المقال الذي يبدو أن الشيخ ( على الطنطاوي ) كتبه بدم قلبه ودموع عينه فطار في الآفاق وترجم لأكثر من سبع لغات عالمية ، نصيحة من أب حنون لابنة تبحث عن النور في زمان الظلمة ... نضعه لقراء الساخر مع أخلص دعواتنا أن يرحم الله الشيخ علي الطنطاوي برحمته الواسعه ))
بنيتي أنا رجل يمشي إلى الخمسين قد فارق الشباب وودع أحلامه وأوهامه ، ثم إني سحت في البلدان ولقيت الناس وخبرت الدنيا فاسمعي مني كلمة صحيحة صريحة من سني وتجاربي لم تسمعيها من غيري ، لقد كتبنا ونادينا ندعو إلى تقويم الأخلاق ومحو الفساد وقهر الشهوات حتى كلت منا الأقلام وملت الألسنة وما صنعنا شيئا ولا أزلنا منكرا بل إن المنكرات لتزداد والفساد ينتشر والسفور والحسور والتكشف تقوى شرّته وتتسع دائرته ويمتد من بلد إلى بلد حتى لم يبق بلد إسلامي - فيما أحسب - في نجوة منه حتى الشام التي كانت فيها الملاءة السابغة وفيها الغلو في حفظ الأعراض وستر العورات قد خرج نساؤها سافرات حاسرات كاشفات السواعد والنحور .. ما نجحنا وما أظن أننا سننجح ، أتدرين لماذا ؟ لأننا لم نهتد إلى اليوم إلى باب الإصلاح ولم نعرف طريقه ، إن باب الإصلاح أمامك أنت يا بنيتي ومفتاحه بيدك فإذا آمنت بوجوده وعملت على دخوله صلحت الحال ، صحيح أن الرجل هو الذي يخطو الخطوة الاولى في طريق الإثم لا تخطوها المرأة أبدا ولكن لولا رضاك ما أقدم ولولا لينك ما اشتد أنت فتحت له وهو الذي دخل ، قلت للص تفضل ، فلما سرقك اللص صرخت أغيثوني يا ناس سرقت ، ولو عرفت أن الرجال جميعا ذئاب وأنت النعجة لفررت منهم فرار النعجة من الذئب ، وأنهم جميعا لصوص لاحترست منهم احتراس الشحيح من اللص ، وإذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها . فالذي يريده منك الرجل أعز عليك من اللحم على النعجة ، وشر عليك من الموت عليها ، يريد منك أعز شئ عليك : عفافك الذي تشرفين ، وبه تفخرين ، وبه تعيشين ، وحياة البنت التي فجعها الرجل بعفافها ، أشد عليها بمئة مرة من الموت على النعجة التي فجعها الذئب بلحمها إي والله، وما رأى شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها ثم تصورها بلا ثياب . إي والله ، أحلف لك مرة ثانية ، ولا تصدقي ما يقوله بعض الرجال ، من أنهم لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها ، وأنهم يكلمونها كلام الرفيق ، ويودونها ود الصديق ، كذب والله ، ولو سمعت أحاديث الشباب في خلواتهم ، لسمعت مهولا مرعبا ، وما يبسم لك الشاب بسمة ، ولا يلين لك كلمة ، ولا يقدم لك خدمة ، إلا وهي عنده تمهيد لما يريد ، أو هي على الأقل إيهام لنفسه أنها تمهيد . وماذا بعد؟ ماذا يا بنت؟ فكري . تشتركان في لذة ساعة ، ثم ينسى هو ، وتظلين أنت أبدا تتجرعين غصصها ، يمضي (خفيفا) يفتش عن مغفلة أخرى يسرق منها عرضها ، وينوء بك أنت ثقل الحمل في بطنك ، والهم في نفسك ، والوصمة على جبينك ، يغفر له هذا المجتمع الظالم ، ويقول : شاب ضل ثم تاب ، وتبقين أنت في حمأة الخزي والعار طول الحياة ، لا يغفر لك المجتمع أبدا . ولو أنك إذ لقيته نصبت له صدرك ، وزويت عنه بصرك ، وأريته الحزم والإعراض ، فإذا لم يصرفه عنك هذا الصد ، وإذا بلغت به الوقاحة أن ينال منك بلسان أو يد ، نزعت حذاءك من رجلك ، ونزلت به على رأسه ، لو أنك فعلت هذا ، لرأيت من كل من يمر في الطريق عونا لك عليه ، ولما جرؤ بعدها فاجر على ذات سوار ، ولجاءك (إن كان صالحا) تائبا مستغفرا ، يسأل الصلة بالحلال ، جاءك يطلب الزواج . والبنت مهما بلغت من المنزلة والغنى والشهرة والجاه ، لا تجد البنت أملها الأكبر وسعادتها إلا في الزواج ، في أن تكون زوجا صالحة ، وأما موقر ، وربة بيت . سواء في ذلك الملكات و الأميرات ، وممثلات هوليود ذوات الشهرة والبريق الذي يخدع كثيرات من النساء . وأنا أعرف أدبيبتين كبيرتين في مصر والشام ، أديبتين حقا ، جمع لهما المال والمجد الأدبي ، ولكنهما فقدتا الزوج فقدتا العقل وصارتا مجنونتين ، ولا تحرجيني بسؤالي عن الأسماء إنها معروفة !!
الزواج أقصى أماني المرأة ولو صارت عضوة البرلمان وصاحبة السلطان ، والفاسقة المستهترة لا يتزوجها أحد ، حتى الذي يغوي البنت الشريفة بوعد الزواج إن هي غوت وسقطت تركها وذهب (إذا أراد الزواج) فتزوج غيرها من الشريفات لأنه لا يرضى أن تكون ربة بيته وأم بنته إمراة ساقطة والرجل وإن كان فاسقا داعرا إذا لم يجد في سوق اللذات بنتا ترضى أن تريق كرامتها على قدميه وأن تكون لعبة بين يديه إذ لم يجد البنت الفاسقة أو البنت المغفلة التي تشاركه في الزواج على دين إبليس وشريعة القطط في شباط طلب من تكون زوجته على سنة الاسلام ، فكساد سوق الزواج منكن يا بنات لو لم يكن منكن الفاسقات ما كسدت سوق الزواج ولا راجت سوق الفجور ، فلماذا لا تعملن ، لماذا لا تعمل شريفات النساء على محاربة هذا البلاء ؟ أنتن أولى به وأقدر عليه منا لأنكن أعرف بلسان المرأة وطرق إفهامها ولأنه لا يذهب ضحية هذا الفساد إلا أنتن : البنات العفيفات الشريفات البنات الصيّنات الديّنات في كل بيت من بيوت الشام بنات في سن الزواج لا يجدن زوجا ، لأن الشباب وجدوا من الخليلات ما يغني عن الحليلات ، ولعل مثل هذا في غير الشام أيضا ، فألفن جماعات منكن من الأديبات والمتعلمات و مدرسات المدرسة و طالبات الجامعة تعبد أخواتكن الضالات إلى الجادة ، خوّفنهن الله ، فإن كن لا يخفنه فحذرهن المرض ، فإن كن لا يحذرنه فخاطبهن بلسان الواقع ، قلن لهن : أنكن صبايا جميلات فلذلك يقبل عليكن الشباب ويحومون حولكن ولكن هل يدوم عليكن الصبا والجمال ؟ ومتى دام في الدنيا شيء حتى يدوم على الصبيّة صباها وعلى الجميلة جمالها ؟ فكيف يكن إذا صرتن عجائز محنيات الظهور مجعّدات الوجوه من يهتم يومئذ بكن ومن يسأل عنكن ، أتعرفن من يهتم بالعجوز ويكرمها ويوقرها ؟ أولادها وبناتها وحفدتها وحفيداتها ، هناك تكون عجوز ملكة في رعيتها ومتوجة على عرشها على حين تكون الأخرى أنتن أعرف بما تكون عليه . فهل تساوي هذه اللذة تلك الآلام ؟ وهل تشتري بهذه البداية تلك النهاية ؟. وأمثال هذا الكلام لا تحتجن إلى من يدلكن عليه ، ولا تعد من وسيلة إلى هداية أخواتكن المسكينات الضالات ، فإن لم تستطعن ذلك معهن فاعملن على وقاية السلمات من مرضهن ، والناشئات الغافلات من أن يسلكن طريقهن .
يتبع ،،،،،
ودمتـــــــم ،،،،،