20-09-2007, 02:14 AM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
|
|
مِنْ صحابـة رسول الله الذين وطأوا ثـرى الأردن
صحابة ... وطأوا ثرى الأردن
عكرمة بن أبي جهل (رضي الله عنه)
وهو عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي؛ صحابي جليل، كُنّي بأبي عثمان، وليس له عقب، وكان قد تزوّج من أمُ حكيم بنت الحارث بن هشام، وهو أبن أبي جهل الذي كان من أشد اعداء الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة الاسلامية منذ بدايتها وحتى مقتله في معركة أحُد، وقد تولّى عكرمة رئاسة بني مخزوم بعد مقتل والده .
وقد تأخر إسلام عكرمة وشهد مع المشركين وضد المسلمين معارك منها بدر وأحُد، وكان يوم فتح مكة على الشرك وهرب من مكه بعد فتحها الى اليمن، وأهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه حتى لو تعلقّ بأستار الكعبة مع أربعة رجال هم: (عبد الله بن خطل، ومقيسَ بن صُبابه، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح) وقد ركب عكرمة البحر مهاجرا الى اليمن وخلال رحلته البحريه قرب ساحل من سواحل تهامه أصاب سفينتهم عاصف، فقال الملاح لركاب السفينة: أخلصوا؛ فان آلهتكم لا تغنُي عنكم شيئا هاهنا . واضاف موجها حديثة الى عكرمة: أخلص! قال: أي شيء أقول؟ قال: قُل: لا إله الا الله!!؟ فقال عكرمة: ما هربتُ الا من هذا . ولمّا أصّر الملاح على طلبه للركاب بالاخلاص فكّر عكرمة قليلا ثم قال لنفسه: لئن لم يُنجنّي في البحر الا الاخلاص ما يُنجنّي في البر غيره!!! اللهم إن عليّ عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه، أني آتي محمدا حتى أضع يدي في يده، فلآجدنّه عفوا كريما.
أسلمت أمُّ حكيم زوجة عكرمة بن ابي جهل يوم فتح مكة ثم قال للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! قد هرب عكرمة منك الى اليمن، وخاف أن تقتلهُ فآمنهُ، فقال صلى الله عليه وسلم: (هو آمن) فخرجت زوجته وهي على الاسلام ومتنقبة في طلب زوجها وكان معها غلام لها رومي يخدمها .
وخلال الطريق الى اليمن راودها الغلام عن نفسها، ولم تدر ما تفعل فأخذت تمَّنيه حتى وصلت الى حّي من عُكَل، واستعانت بهم عليه فأوثقوا رباطه وحبسوه عندهم . وتابعت هي طريقها وحيدة اليمن حيث أدركت عكرمة على ساحل من سواحل تهامه؛ وبدأت بحديث لين تمهّد له بقولها: يا ابن عم جئتُك من عند أوصل الناس وأبّر الناس وخير الناس!! لا تُهلك نفسك . ثم أضافت إني قد أستأمنتُ لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أنت فعلت؟! قالت: نعم!! أنا كلمتهُ فأمنّكَ . عندها وافق عكرمة على العودة معها الى مكة؛ وفي الطريق اخبرته خبر الغلام الرومي، فلمّا وصله عكرمه قتله
وقال صلى الله عليه وسلم لاصحابه رضوان الله عليهم في مكة: (يأتيكم عكرمة بن ابي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبّو أباه، فان سبّ الميت لا يؤذي الحيّ، ولا يبلغُ الميت) . فيما كان عكرمة خلال الطريق الى مكه وإلى أن بلغها يطلب زوجته للجماع فتأبى عليه وتقول: إنّك كافر، وأنا مسلمة، فيقول (إن أمرا منعك عني لآمر كبير).
روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أنه دخل الجنّة، فرأى فيها عذقا مُذلّلا فأعجبه . فقيل: لمن هذا؟ قيل: لآبي جهل، فشقّ ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: (ما لآبي جهل والجنّة؟ والله لا يدخلها أبدا) . فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم عكرمة قادما اليه أوّل رؤياه بأن ذلك العذق هو عكرمة بن ابي جهل ففرح الرسول صلى الله عليه وسلم بقدوم عكرمة، ووثب وما عليه رداء قائلا له مرحبا بالراكب المهاجر)، ولما وقف عكرمة ومعه زوجه متنقبة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم قال عكرمة: يا محمد وان هذه أخبرتني أنك أمنتني؟! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (صدقت، فأنت آمنٌ عكرمة: فإلآم تدعو يا محمد؟ قال صلى الله عليه وسلم: (ادعو الى ان تشهد أن لا اله الا الله، وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاه .... وعدد اركان الاسلام . فقال عكرمة: والله ما دعوت الا الى الحّق، وأمر حسن جميل!! قد كنت والله فينا قبل أن تدعو الى ما دعوت اليه، وأنت أصدقنا حديثا، وأبرنا أمانة!! ثم قال عكرمة: فأني أشهد أن الا اله لا الله وأشهد ان محمدا عبده ورسوله . فسُّر الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا بذلك. وبعدها قال عكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم: ((إني لا أسالك مالا، وإني لاكثر قريش مالا، ولكن أَسالك ان تستغفر لي كل عداوة عادُيتكها، أو مسير اوضعت منه (أي: بالافساد) أو مقام سبُبتكّ فيه أو كلام قُلتُه في وجهك، أو أنت غائب عنه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه الى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك، وأغفر له ما نال مني ومن عرض في وجهي، أو أنا غائب عنه) فقال عكرمة: رضيت يا رسول الله . وقد حسُن إسلام عكرمة وإنفاقه وبذله في سبيل الله بعد ذلك.
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما قدم عكرمة المدينة، وجعل يمر بالانصار فيقولون هذا إبن عدو الله، ابن ابي جهل، شكا عكرمة ذلك لها وقال: ما أظنني الا راجعا الى مكة، فأخبرت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فخطب الناس فقال: (انما الناسُ معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام اذا فقهوا، لايؤذينّ مسلم بكافر).
ولمّا دعا الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه لغزو الروم، وعسكر الجيش في الجرف قرب المدينة المنوره تفقدهم أبو بكر فشاهد خباءا عظيما حوله مرابط ثمانية أفراس، ورماح وعّدة ظاهرة؛ فلما بلغه وجده خباء عكرمة فسلّم عليه وعرض عليه المعونة، فّرد عكرمة؛ أنا غنٌي عنها، معي ألفي دينار، فأصرف معونتك إلى غيري، فدعا له أبو بكر بخير . وقد شارك عكرمة في معركة اليرموك راجلا كما يفعل الآمراء، وقاتل في فحل قتالا ضاريا بعد أن نادى: من يبايع على الموت فبايعه بعض الصحابة ونحوا من اربع مائة من فرسان الجيش؛ فقيل لعكرمة: إتق الله وارفق بنفسك . فقال: (كنت أُجاهد بنفسي عن اللات والعُزّى وأبذلها فأستبقيها الان عن الله ورسوله؟ لا والله أبدا!! فلم يزدد الا اقداما، واستشهد رضي الله عنه في فحل فوُجد في جسده بضعة وسبعين بين ضربة وطعنة ورمية وكان ذلك في السنة الخامسة عشرة للهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة بفضله .
|