المقاومة والادب
المقاومة والادب
هشام عودة ـ عمان
شهدت ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ازدهارا ملحوظا لما بات يعرف بادب المقاومة الفلسطينية , وتحول الادباء الفلسطينيون والعرب الذين انتموا لهذه الظاهرة , الى فدائيين من نوع خاص , والى مقاتلين في ميادين لاتقل اهمية عن ساحات المعارك واحتفل النقد العربي بهذه الظاهرة , وبغض النظر عن درجة التساهل التي حظي بها ادب المقاومة الفلسطينية نقديا , الا انه استطاع تكريس نوع مختلف من الادب , اثار اهتمام النخبة والعامة على حد سواء .
واليوم , ونحن نعيش ظاهرة مميزة في فعل المقاومة , متمثلة في المقاومة العراقية , يظل السؤال كبيرا وساخنا بحجم الفجيعة العربية ذاتها , هل سنقرأ في قادم الايام ادبا للمقاومة العراقية , يسجل فعلها وبطولاتها ويحمي شمعتها التي تضيء ليلنا الطويل .
السؤال يحمل في جوانبه ادانة للواقع العربي , ويقف في مواجهة " جيش" المثقفيين العرب الذين تجرأوا على الكتابة للمقاومة الفلسطينية , ويديرون اليوم ظهورهم للمقاومة العراقية الباسلة .
هناك استثناءات اكيدة , لكن الاقلام المشبوهة التي عجزت عن تشويه ارادة المقاومة الفلسطينية , امام المد الشعبي العربي , خرجت اليوم لتقف في صف " المارينز" وتعمل بدون ادنى خجل على تجميل صورة الاحتلال الاميركي الغاشم للعراق , مستهينة بالموقف الشعبي , وضاربة عرض الحائط بكل القيم والاخلاق والثوابت الوطنية .
بغداد التي كانت في يوم مضى , حصنا منيعا للمقاومة الفلسطينية , ورعت الادباء الذين كتبوا لفلسطين , تنتظر من المثقفين العرب ان تقرأ نتاجهم الذي ينتمي لوعي الامة ووعدها في مستقبل يليق بنا , يسهم المقاومون العراقيون في بناء بعض ملامحه الزاهية.
بغداد التي انتخت للامة في كل معاركها , تقاتل اليوم نيابة عنا جميعا , وتعيد بدم ابنائها صياغة مشهد الحياة العربية من جديد .
القادم من الايام , سيعيد لادب المقاومة زهوه وحضوره , وسيكون المقاومون العراقيون هم الملهمون والمستفزون لوعي المثقفين العرب وقرائحهم التي ستنتج حتما ما يليق بالدم المقاتل الذي يزرع الارض العراقية , قمحا ووردا ونخيلا يعانق الفضاء. ما اسسه المثقفون الفلسطينيون والعرب لظاهرة ادب المقاومة , لم يكن كلاما في الهواء , بل هو اداة وعي اسهمت في تكريس هذا التزاوج العظيم بين الفعل والقول , في الشعر والقصة والرواية والمسرح وغيرها من فنون الابداع , وهو ما تبشر به بطولات المقاومة العراقية, اليوم وغدا .
|