مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 10-06-2005, 12:36 PM
tijani tijani غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: Netherlands/Marocco
المشاركات: 32
إفتراضي هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغربية للإسبان؟ 2

التجاني بولعوالي
شاعر وكاتب مغربي مقيم بهولندا
tijanib@yahoo.com

الحلم الإسباني الذي يتحول إلى سراب خادع

كما هو معلوم أنه في العقود الأولى من الهجرة إلى الشمال، كانت إسبانيا لا تشكل إلا معبرا للمهاجرين المغاربة نحو البلدان الأوروبية الشمالية والغربية الغنية كفرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وغيرها، حيث يروي أولئك المهاجرون الأول الكثير عن تخلف الإسبان وتردي أحوالهم المعيشية، وغياب أدنى المرافق العمومية والسياحية والتجهيزات التحتية. لكن اليوم صارت إسبانيا تعادل الحلم أو تضاهيه، خصوصا بعد أن أقفلت أغلب الدول الأوروبية الشمالية والغربية أبوابها في وجه المهاجرين غير الشرعيين، إلى درجة أنك ولو حدثت الكثير من المغاربة عن أن العمل بإسبانيا صعب، والدخل هزيل، والقوانين شبه منعدمة، لم يضعوا فيك الثقة، وإن وضعوها فيك، أتبعوها بسؤال محير وإشكالي: وماذا نعمل في وطننا؟ هل نبقى (ننُشُّ الدَّبان!) أي نتضارب مع الذباب؟! (وهو مثل يكنى به في العامية المغربية عن الذي واتته فرصة ما فلم يستثمرها، فبقي صفر اليدين، مكسوف البال، ينتظر الذي يأتي ولا يأتي!) وما يثبت ذلك أكثر، هو ما تورده في الآونة الأخيرة وسائل الإعلام المغربية والدولية بمختلف أصنافها، حول أولئك الأفارقة الذين يقطعون آلاف الأميال ليصلوا إلى المغرب، حيث يستوطنون غابات الشمال التي تطل على الحلم الإسباني، الذي كلما تراءى لهم عبر الأنوار القصية التي تبعثها بعض الجزر الناعسة على زرقة البوغاز، إلا وزاد شوقهم إلى ما وراء الماء، فيجازفون بكل ما يملكون من مال وعرض ونبض، ولا يهمهم لا البحر القاتل ولا الأمواج العاتية.

حتى أصبح الحلم بما هو إسباني أو غربي يتخذ طابعا أسطوريا، ما دام يشكل البديل الممكن الذي يخرج المهاجرين من الوضعية الحرجة، التي هم عليها في بلدانهم الأصلية، لكن هذا البديل ليس دائما ناجعا، لأن الهجرة بشكلها الحالي الذي يبدو شرسا، يعد ضحاياها أكثر من مستفيديها، فثمة أكثر من دافع يسهم في فتح شهية الأغلبية لمغادرة الوطن، أهمها الإعلام الذي يبرز العالم الغربي باعتباره نموذجا مثاليا للديموقراطية وحقوق الإنسان، ثم إن العديد من المهاجرين يقدمون صورة مغلوطة حول واقع الهجرة، فتراهم أثناء العطل الصيفية يرتدون الثياب الجديدة، ويقودون العربات الأنيقة، فيظهر عليهم أثر النعم والترف، مما يجعل المواطن الأصلي ينخدع بهذه الأشكال والألوان، فينجذب إلى ما وراء البحر، وهو يحلم بأن يبلغ الدرجة التي بلغها أخوه المهاجر، وهو لا يدرك الحقيقة العميقة التي مؤداها؛ أن هذا المهاجر الذي يزور كل عطلة صيف وطنه الأصلي في هيأة سائح، يقضي حوالي أحد عشر شهرا في عمله القاسي والرتيب، مسكونا بمشاعر الغربة القاتلة، ومحاصرا بأصوات العنصرية المهينة، لا يتمتع بحلاوة النوم، ولا بطعم الأكل، ولا بدفء العائلة والأصحاب، يظل جل عمره مطاردا بالمشاكل المختلفة التي تساوره نهارا، في عمله أو مدرسته أو طريقه... وتغتاله ليلا، وهو يتقطع ألما لذريته، التي اقتلعها الانحراف أو الانبهار أو الانفتاح من تربة الهوية التي يحملونها، أو الثقافة التي يمثلونها، أو العقيدة التي يؤمنون بها... ويأتي ذلك الشهر ليرتاح فيه، أو يرجع إلى الحياة الأولى التي كان قد شب عليها قبل زمن الهجرة.

كنت في صيف 1999 بإسبانيا، حيث رأيت بأم عيني طوال ثلاثة شهور حقيقة المهاجرين، وهي حقيقة تنم عن مفاهيم أدنى من مفردات الذل والدونية والإحباط ونحو ذلك، فكنت أتساءل دوما: ما أقسى هذا الوطن الذي يصدر أبناءه لهؤلاء الرأسماليين الذين لا يبدو لهم المهاجر إلا رقما في معادلة اقتصادية؟ أجل، رقم ولا أكثر! إلى درجة أن العديد من الشركات الفلاحية تتعامل مع اليد العاملة المهاجرة ليس بناء على أسمائها الشخصية أو العائلية، وإنما تمنح كل واحد من عمالها رقما يحتفظ به، فتناديه بذلك الرقم، وتدفع له الأجر بذلك الرقم وهكذا، مما جعلني أماثل ذلك بما هو سائر عليه في السجون، حيث يعلق على كل سجين رقما يتميز به عن باقي السجناء، فأصور إسبانيا كأسر عريض، يؤدي فيه المهاجرون أعمالا شاقة، لا يرضى القيام بها حتى الأسرى الحقيقيون، فلا يستفيد العمال الأجانب إلا من الأعمال في ميادين الفلاحة والبناء، عدا القلة القليلة التي حظيت ببعض الفرص في المرافق التي لها صلة بالمجال السياحي كالفنادق والمطاعم والمقاهي... حتى أن أغلبهم يعاني بعد مدة وجيزة من العمل من آلام ومضاعفات مختلفة في الظهر والمفاصل...

ومن الأمور الواقعية التي عايشت آنذاك أو حكيت لي من أناس أعرفهم، أن العديد من المهاجرين الذين حالفهم البحر أو الحظ حتى بلغوا وطن الحلم، يغتربون في ضيعات فلاحية، حيث يمنح لهم رب الضيعة بيتا وضيعا ملحقا بحقوله، لا يحتوي على أدنى مستلزمات الحياة الكريمة التي كان يحلم بها هؤلاء المغتربون قبل أن يغادروا وطنهم، فيقضون زهرة حياتهم بين العمل الشاق في الحقل، والسكن الذليل في ذلك البيت، ولا يخرجون من ذلك السجن الإجباري إلا أيام العطل، إذ يتوجهون نحو المدن المجاورة لقضاء بعض الحاجيات! هكذا يدرك الكثيرون أنهم انخدعوا بالحلم الأوروبي، الذي ما هو إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، فغامروا من الوهلة الأولى، التي انبهروا فيها بعالم ما وراء المتوسط، بكل ما يملكون، فمنهم من باع أرضه أو حلي زوجه، ومنهم من أغلق دكانه أو أوقف نشاطه، بل ومنهم من ضحى بوظيفه ليستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى، فيصبح فلاحا عوض أستاذ، أو مربي دواجن عوض مربي أجيال!

العلاقة المغربية الإسبانية بين الشراكة والتبعية

إن العلاقات السياسية والدبلوماسية المغربية الإسبانية، لا تأخذ اتجاها ثابتا لا تثنيه بعض العواصف السياسية التي تهب من حين لآخر على أجواء المملكتين، وذلك يرجع إلى ترسبات تغطي الذاكرة التاريخية المشتركة بين كلا القطرين، من مثل الموقف الإسباني المتعاطف مع البوليساريو، والصراع البارد حول المدينتين المغربيتين المحتلتين من لدن الإسبان، وملف الصيد البحري الذي يخلق أحيانا بعض الاختناق في العلاقة الدبلوماسية للبلدين الجارين، والمنافسة التجارية القائمة بين المنتوجات الفلاحية الإسبانية والمغربية المعروضة على السوق الأوروبية، إضافة إلى مشكل الهجرة السرية التي تنطلق من السواحل المغربية نحو إسبانيا.

رغم كل هذه التحديات الكائنة بين هاتين الدولتين، وهي تحديات ليست في صالح المغاربة، لأنها غالبا ما تميل إلى الكفة الإسبانية، فإن السياسيين المغاربة يعملون كل ما في وسعهم قصد تلميع العلاقة الدبلوماسية التي تقرنهم بإسبانيا، ولو كان ذلك على حساب مصالحهم الوطنية والترابية، وهم يعون أن هذا الجار لا يبني ارتباطه بالمملكة المغربية إلا من منطلق ما تستوجبه مصلحته الاقتصادية، فلا يرى في المغرب إلا تلك اليد العاملة المتجلدة التي بمقدورها دفع عجلة الاقتصاد الإسباني إلى الأمام، كما دفعت عجلة اقتصاديات دول شمال وغرب أوروبا، أو تلك الثروة السمكية التي لا تسيل فقط لعاب البحارة الإسبان، وإنما كذلك لعاب المسؤولين والسياسيين الإسبانيين، أو تلك المدينتين السليبتين (سبتة ومليلية) اللتان تدران أموالا طائلة على الخزينة الإسبانية، من خلال التجارة السوداء التي تمارس عبر المدن المغربية المجاورة لتلك المدينتين رغم أنف الاقتصاد المغربي.

إذن، رغم كل هذه الحقائق المعلنة من الطرف الآخر، تسلك الدولة المغربية تارة سياسة السكوت على الحق المغتصب، فلا تعامل الإسبان معاملة الند للند، بقدرما تعتصم بحبال الصمت والتهدئة خشية فقدان بعض المصالح المشتركة، حيث شراكة المغرب لإسبانيا غير مبنية على المنافسة والتوازن وإنما على التبعية وطلب المساعدة، وهذا ما يتأكد بجلاء في تعامل الدبلوماسية المغربية مع ملف المدينتين المحتلتين، فهي لا تطالب بتحرر هذه الرقع ذات البعد الاستراتيجي والجيوسياسي، علما بأن إسبانيا شيدت عليهما قواعد عسكرية تشكل تهديدا للمغرب وفي عقر داره، إضافة إلى الأسلوب المتسلط الذي تدار به المفاوضات حول مدى استفادة الإسبان من بحر وسمك المغرب، والذي ينعكس على الشارع الإسباني الذي يكشف من فينة لأخرى عن بغضائه الخفي للمغرب، لا لشيء إلا لأنه لا يريد من أحد أن يستغل بحره بشكل استنزافي، فيسقط كل من المهاجر المغربي والتجار المغاربة، الذين يعبرون التراب الإسباني ببضائعهم نحو باقي الدول الأوروبية ضحية ذلك. وتارة أخرى تنهج السلطات المغربية سياسة الاستجداء، وهذا ما اتضح بشكل مخجل أثناء إقدام عناصر من الجيش الإسباني على احتلال جزيرة ليلى المغربية، وذلك صيف (يوليوز) 2002، حيث لم يتجاوز الموقف المغربي التنديد الشكلي والاستعطاف والاستنجاد بالدبلوماسيات الأجنبية، زيادة إلى موقف إسبانيا المتعاطف مع البوليساريو الذي يشكل شوكة في حلقوم الدولة المغربية.

هكذا يجد المغرب نفسه عاجزا أمام إسبانيا، التي يعتقد أنها تضمن له شتى المصالح الحيوية ابتداء من احتضانها لمئات الآلاف من المهاجرين المغاربة، وصولا إلى تفضلها بإنعاش الاقتصاد المغربي بعدد من الاستثمارات والمشاريع، لكن يغيب عن هذا الاعتقاد أن المصلحة المغربية من هذا الجار المتوسطي تقابله مصالح لا تحصى من المغرب له، فاليد العاملة المغربية لا تتلقى العملة الصعبة التي تعتبر متنفسا للاقتصاد المغربي بمثابة صدقة في سبيل الله، وإنما مقابل خدمات شاقة وتضحيات جسيمة يترفع السكان الأصليون عن أدائها، ثم إن السعي الحثيث للدولة المغربية خلف بريق الاستثمارات الإسبانية، التي يعتقد أنها بمقدورها تنمية العديد من القطاعات المالية والاجتماعية والخدماتية وغيرها، ما هو إلا مضيعة للوقت وهدر للطاقات، بالنظر إلى سياسة التخريب المقنن الذي تمارسه الدولة الإسبانية عن طريق التجارة السوداء، التي تشجعها عبر المناطق المغربية المتاخمة للمدينتين السليبتين، كذلك يجب ألا ننسى مدى الاستنزاف العاتي الذي تعرضت إليه الثروة البحرية المغربية طوال عقود طويلة، مقابل حفنة من (البسيطات) الإسبانية التي لا نعرف أين ذهبت ولا في ماذا استثمرت! في اللحظة التي يشهد فيها التاريخ أن حوالي المليون صياد إسباني كان يعيش من بحر وخير المغرب، الذي حرم منه أبناؤه الوطنيون وذووه الشرعيون.

استنادا إلى هذه الوقائع الملموسة يبدو أن المستفيد الأكبر من هذه الشراكة غير المتكافئة هو إسبانيا، أما المغرب فلا يحظى إلا بالنزر القليل من هذه المصالح الحيوية، وهذا النزر ليس من شأنه أن يحرك عجلة الاقتصاد المغربي في شيء، ما دام الذي يبنى بالاستثمارات يهدم بالتجارة السوداء، فيصبح المعول الإسباني ذا وظيفتين متضادتين؛ البناء والهدم! مما يكرس تبعية المغرب له، لا شراكته معه، لأن الشراكة الحقيقية لا تتحقق إلا إذا تكافأت كفتا العلاقة الرابطة بين البلدين.
__________________
التجاني بولعوالي
شاعروكاتب مغربي مقيم بهولندا
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م