مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 25-10-2004, 11:13 PM
عدنان حافظ عدنان حافظ غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2002
المشاركات: 91
إفتراضي توحيد الأذان في مصر- فهمي هويدي

فهمي هويدي




عجزت عن العثور على تفسير مقنع لهذا الذي يحدث للمساجد هذه الأيام، وأخشى أن تستمر حيرتنا إزاءه طويلاً، الامر الذي يفتح الباب دون مبرر للبلبلة وسوء الظن، وفينا منهما ما يكفينا.
خذ مثلاً حكاية توحيد الأذان في المساجد، بدءاً بمدينة القاهرة. وهو المشروع الذي أطل علينا دون مقدمات، فأثار لغطاً تترددت أصداؤه في داخل مصر وخارجها. اذ في حين هلل له البعض بحسبانه إنجازاً على صعيد >>الاصلاح الديني>>، فإن كثيرين، الاغلبية في ما أتصور، استقبلوا الفكرة بانطباعات تراوحت بين الحذر والتوجس والاتهام.
لست أخفي أن طرح الفكرة كان مفاجئاً بالنسبة لي. اذ رغم انني أزعم انشغالاً ومتابعة لمسيرة الخطاب الديني خلال العقود الثلاثة الاخيرة على الاقل، فإنني ما تصورت أن يصبح توحيد الأذان في المساجد أمراً له علاقة بتطوير ذلك الخطاب أو تجديده. وعلى كثرة ما حضرت من ملتقيات ومؤتمرات في هذا الصدد، فلم يحدث ولو مرة واحدة أن أثير الموضوع باعتباره مشكلة في مجتمعات المسلمين تحتاج الى حل، ناهيك ان تتطلب تدخل سلطة الدولة بكل جلالها وهيلمانها.
نعم، قرأت على سبيل التندُّر ان بعض السياح الاجانب استكثروا مسألة رفع الأذان خمس مرات في اليوم الواحد، وتساءلوا: لماذا لا يكون ذلك مرة واحدة؟ وعذرتهم في ما قالوا. ووقعت على كتابات اخرى لبعض المثقفين في مصر خاصة، ممن عبروا عن استيائهم من الازعاج الذي يسببه لهم رفع الأذان من خلال مكبرات الصوت، خصوصاً حين يكون المؤذنون من أصحاب الاصوات النشاز. وهي ظاهرة أعاني منها شخصياً، بسبب وجود مسجد صغير تحت البناية التي أسكنها، تخصص في الاستعانة ببعض الاصوات المنفرة، واعتبر المشرفون عليه ان الأذان والصلوات لا تصح، ولا تقبل عند الله، إلا اذا تمت من خلال رفع صوت الميكرفون عند الحد الاقصى. وقد فشلت في إقناعهم بأن أبواب السماء تفتح للهامسين، وأن بلوغ تلك الابواب لا يحتاج الى مكبر للصوت. كما انهم أشاحوا وجوههم حين قلت إن الاسلام انتشر في أصقاع الارض بغير ميكروفون. واذ لاحظت ان المشرفين على المسجد أناس محترمون من ذوي المكانة الاجتماعية المعتبرة، فقد اعتبرت أن مسألة رفع الأذان والتلاوة في الصلاة من خلال مكبر الصوت هي مسألة اجتماعية وليست دينية. بمعنى انها من تجليات <<ثقافة الضجيج>> السائدة في مصر، حيث لا أحد يؤدي ما عليه في هدوء وصمت، بل كل يصيح ويصرخ ما وسعه الصوت. فالمسؤولون يطنطنون بإنجازاتهم من خلال وسائل الاعلام طول الوقت، والمثقفون يصيحون من فوق المنابر التي اعتلوها. والفنانون والموسيقيون يملأون الدنيا زعيقاً في الملاهي والافراح وحفلات طهور العيال، وسائقو التاكسي وراكبو الدراجات وأصحاب المقاهي يثبتون حضورهم في المجتمع من خلال التنافس على رفع أصوات الراديو وأجهزة التسجيل. ولان المتدينين جزء من هذا المجتمع وليسوا آتين من كوكب آخر، فقد أثبتوا حضورهم في الساحة من خلال تعلية مكبرات الصوت، وبرهنوا على انهم ليسوا أقل شأناً من غيرهم.
وأنا أسوّغ لنفسي تمرير المسألة، اعتبرت أن رفع الأذان من خلال مكبر الصوت أهون وأخف وطأة من غيره. على الاقل لان الأذان للصلوات الخمس لا يستغرق أكثر من عشرين دقيقة في اليوم كله، في حين أن حفلات الضجيج الاخرى تستمر طوال النهار. واذا كنا بصدد ملهى أو عرس، فالضجيج فيهما يمكن أن يستمر الى الساعات الاولى من صباح اليوم التالي.
لست أشك في أن بعض الذين انتقدوا رفع الأذان من خلال مكبر الصوت فعلوها بحسن نية، وربما كانوا محقين في شكواهم. لكني أيضاً لا أستطيع أن أتجاهل أن بين الناقدين أناس تضيق صدورهم بالأذان والصلوات، ويعتبرونها من قبيل التزمت و<<الاصولية>>، وربما طربوا لما تبثه المكبرات الصادرة عن الملاهي والافراح وأعياد الميلاد. وهم الذين قال عنهم القرآن انه اذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم. مع ذلك فإنني لم آخذ مثل هذه الانتقادات على محمل الجد، واعتبرتها من قبيل المناوشات وعمليات التراشق الاعلامي والدعائي التي يتعرض لها المتدينون كما تتعرض لها الشعائر والطقوس في ظروف الرياح غير المؤاتية. ولكن حين ترجم ذلك الطنين والتناوش الى مشروع أيدته المراجع الدينية الرسمية (الاوقاف والازهر ومجمع البحوث)، فلم يعد هناك مبرر لتمرير الامر وغض الطرف عنه. ومن ثم حان أوان الكلام الجاد في الموضوع.
يفيدنا لا ريب أن نقوم بتحرير الموضوع اولاً، لكي نعرف عن أي شيء نتحدث. وقد وجدت أن ذلك أمر ضروري، بعد الذي قرأته للبعض، ممن استخفوا بمسألة الأذان وقللوا من شأنه، حتى ادعوا أن أي تسجيل بصوت رخيم لم يقترحوا صوت نانسي عجرم يمكن أن يطرب المتدينين ويرطب جوانحهم، ويجذب الناس الى الصلاة في المساجد. ومنهم من قال إن المؤذن ليس إلا مذيعاً لنشرة أخبار الصلوات على مدار اليوم، حيث لا يتجاوز دوره إعلام الناس بدخول الوقت.
الامر ليس كذلك عند أهل العلم، فالأذان عبارة عن شعيرة من شعائر الصلاة، صحيح انه إخبار بدخول الوقت، لكنه عبادة وقربة الى الله أيضاً. وفي الاحاديث النبوية: لو يعلم الناس ما في النداء (الأذان) والصف الاول (من الاجر والثواب)، ثم لم يجدوا إلا ان يستهموا عليه (يقترعوا) لاستهموا و.. المؤذن يستغفر له كل رطب ويابس، ويغفر له مدى صوته و.. المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة. وثمة حديث آخر يقول ما معناه: لو كان أحدكم في جبل وليس معه سوى غنمه، ولا يسمع صوته أحد، لوجب عليه أن يؤذن وأن يقيم الصلاة.
الامر اذن لا ينبغي الاقلال من شأنه أو الاستهانة به. وحكاية الاكتفاء ببثه من خلال التسجيل ليست مقبولة بأي حال. وقد أحس الذين طرحوا المشروع الذي نحن بصدده، حين ذكروا ان الأذان <<المركزي>> سيكون حياً، وسيتم بواسطة ثلاثة من المؤذنين من ذوي الاصوات الجيدة، يتردد أذانهم في مختلف مساجد العاصمة، من خلال شبكة اتصال خاصة. وحين سألت مفتي مصر، الدكتور علي جمعة، عما اذا كان ذلك سيلغي وظيفة المؤذنين في المساجد (للعلم في القاهرة وحدها 35 ألف مسجد) فإنه أجاب بالنفي، وقال إن المؤذن سيتولى إقامة الصلاة، وله ان يؤذن للصلاة قبل ذلك ان شاء، ولكن دون استخدام مكبر الصوت. وقرأت في <<الاهرام>> تصريحاً بنفس المعنى لوزير الاوقاف الدكتور محمود زقزوق، الامر الذي خفف بصورة نسبية من حجم البلبلة والالتباس الذي شاع في أوساط المعنيين بالامر.
ثمة خبرات محدودة عالجت مسألة الأذان بصور مختلفة. فالفكرة المطروحة في مصر طبقت في الاردن منذ ثلاثة عقود تقريباً، حين كان الدكتور عبد العزيز الخياط وزيراً للاوقاف. وأغلب الظن ان الصغر النسبي لحجم الاردن، وبالتالي لعدد المساجد فيه، ساعد على إنجاحها. (سكان الاردن حوالى أربعة ملايين نسمة، أي ربع سكان مدينة القاهرة). في تركيا عولج الامر بصورة مغايرة، حيث لا يسمح باستخدام مكبرات الصوت خارج المساجد، ثم ان المؤذنين يخضعون لدورات ومسابقات تنظمها إدارة الشؤون الدينية بالحكومة، بحيث يتم انتقاء أفضل الاصوات لرفع الأذان.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م