عجوز عامي يقيم الحجة على رأس مرجئي !
[الكاتب: إبراهيم بن عبد العزيز بركات]
على منصة التدريس يجلس شيخ مرجئي يعظ الناس، وحوله أناس كثيرون منهم الخواص، ومنهم العوام، وبينما كان الشيخ مندمجاً في الشرح والتفصيل، وإذا به يفاجئ بعجوز عامي يستوقفه قائلاً: أيها الشيخ الجليل.
الشيخ - بدهشة -: ما بك؟
العجوز: أريد أن أسألك عن مسألة.
الشيخ: بكل سرور.
العجوز: إن لي أبناً يعقني، ولا يبالي بأمري، وأنا كما ترى شيخ كبير.
الشيخ: وماذا أيضاَ؟
العجوز: وهو فوق ذلك لا يصل الأرحام، ولا يحسن الكلام، ويكثر الآثام، ويؤذي الأنام.
الشيخ: وماذا بعد؟
العجوز: لا يأمر أهله بالصلاة، ولا يؤتي الزكاة، ولا يغضب من أبنائه العصاة، ولا يضرب المذنبين بالعصا.
الشيخ: وهل بعد ذلك جرم؟
العجوز: تخرج نساؤه متبرجات، وهن على كل فاحشة متفرجات، ومع أهل الفسق والزيغ مندمجات، وكل طريق باطل منتهجات.
الشيخ: إنها كبيرة، ليس فوقها جريرة.
العجوز: لا يخرج للجهاد، ولا يعمل لإصلاح البلاد، وعن الآثام لا ينهى العباد.
الشيخ: إنه شيء عظيم، وخطره واضح جسيم.
العجوز: وهو فوق ذلك، يقصي عنه المؤمنين، ويدني منه الكافرين، ويرفع شأن المنافقين، ولا يرحم المساكين، ولا ينصر المستضعفين، ولا يخفف آلام الثكلى والأيتام المحرومين.
الشيخ: إنه زنديق... زنديق.
العجوز: يقاتل إخوانه مع الأعداء، ويثقل عليهم بالبلاء، ويقتل من سمع منه للحق النداء.
الشيخ: هذا أفاك أثيم.
العجوز: ويقتل القتيل، ويمنع عن أهله المُعيل، ولا يرحم الصغير مهما اشتد به العويل، ولكنه يقول؛ إني عظيم الإيمان، فقلبي ممتلئ بالإحسان.
الشيخ: هذا كذوب كذوب، فلو استقر الإيمان في قلبه لما وقع في ما وقع فيه من الآثام، ولما آذى الأنام، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول؛ (وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد القلب كله، ألا وهي القلب).
العجوز: وما حكم هذا الرجل؟
الشيخ: إذا كان الأمر ما ذكر، فهذا أمره عسر، يقام عليه حد المحارب لله والرسول، ويضرب بالسيف الصارم المسلول.
العجوز: وهل ينطبق ذلك على الحكام؟
الشيخ، كلا بلا كلام.
العجوز: وما الفرق يا حاذق، حتى تفرق بين مارق ومارق؟
الشيخ: الفتنة يا عجوز، وهذا أمر لا يجوز.
العجوز: أما أمر الله سبحانه أن تبذل لدفع الفتنة النفوس، وبذلك نزل على النبي الناموس.
الشيخ: الأمر متوقف على الاستحلال، وهذا حق بلا محال.
العجوز: أما قلت إن صلاح الأبدان من صلاح القلوب، أم هنالك فرق بين عيوب وعيوب؟
الشيخ في مأزق: الباب يا هذا مفتوح، والعيون بالأسرار تبوح.
العجوز: القلوب هي القلوب، فمن صلح قلبه صلح عمله، ومن فسد قلبه فسد عمله، لا فرق بين محبوب، ومحجوب.
الشيخ: آه... آه... آه...