فى التعديلات الدستورية : مشاركة أم مقاطعة؟
سيد يوسف
http://sayed-yusuf00.maktoobblog.com/?post=244510
بعد أن تأكد للناس فى مصر أن التعديلات الدستورية المرتقبة هى مؤامرة يتدبر أمرها لجنة سرية تسمى لجنة السياسات وتهدف إلى التوريث وكأنه العقد المكتوب بين الشعب وبين الرئيس الجديد، ويصرخ منها الأحرار فى مصر، ولا يعرف عنها شيئا عامة الناس فى بلادى اللهم إلا أنها بهدف التوريث وبأنها لتكريس الاستبداد وبأنها تمهيد للصوص أن يسرقوا بالقانون وبأن يحتموا بالقانون دون معرفة بتفصيلات المواد المقترحة ... نقول بعد أن تأكد للناس كل حسب فئته بعض ذلك فإن ما يشغل بال كثير من الناس فى مصر الآن الموقف من الاستفتاء حول هذه التعديلات...هل يشاركون فيها أم يقاطعونها؟هل نكفر ما أعطانا الله من نعم كاليد والعقل فنعطيها للمزورين يزورون إرادتنا بأنفسهم فيزورون أصواتنا حين نقاطع الاستفتاء؟وهل من الحكمة أن أكون أداة لمزوري الإعلام حين يقولون إن الناس قد أقبلت على المشاركة ووافقت على التعديلات ويُظهرون للناس إقبالا منقطع النظير وهم فى الحقيقة يزورون إرادة الأمة؟ ولماذا قاطع الناس الاستفتاء حول المادة 76 من قبل ثم هم يقبلون على المشاركة فى التعديلات المرتقبة؟! المقاطعة... لماذا؟؟والمشاركة... لماذا؟من أين يبدأ الطريق؟؟
المقاطعة ....لماذا؟
يحسن أن نجمل آراء المقاطعين للمشاركة فى التعديلات الدستورية المرتقبة فيما يلى بلا شرح لدواعى الاختصار:
1/ لدى معظم المصريين قناعة بان التعديلات الدستورية المرتقبة لا يمكنها أن تغير من الأوضاع... وهذا حس شعبى عام، والحس الشعبى قانون قلما يخطئ...ومن ثم فالمشاركة هى بمثابة تعزيز لصورة النظام أمام الإعلام الدولى وكاميرات الفضائيات...وبهذا فالمشاركة هى فرصة لتجميل وجه النظام ...وكأننا بهذا نعطى العريان كرافتة يتجمل بها.
2/ فى المقاطعة فوائد عدة منها: تفعيل الإجماع الوطنى الذى تبنته معظم حركات التغيير الناشئة، ومنها تعرية للنظام أمام نفسه وأمام العالم، ومنها تعرية لمؤيدى النظام وإظهارهم وكأنهم صوت نشاز وسط جمهور الأمة.
3/ تعد المقاطعة بمثابة رفض سلبى للتعديلات الدستورية.
الخلاصة إن المقاطعة تهدف إلى تعرية النظام وعدم إضفاء الشرعية المزعومة له أمام المجتمع الدولى، هذا بالإضافة طبعا لعوامل أخرى تقدر حسب كل اتجاه أو حركة أو حتى بعض الأفراد.
وماذا عن المشاركة؟
كان صوت المقاطعة هو النغمة التى تتسق مع موقف يوم الاستفتاء على المادة 76 من قبل،
ويعلل المؤيدون للمشاركة مع رفض الاستفتاء بما يلى:
1/ العجز عن إيجاد البديل المناسب ومن ثم فإن رفض التعديلات هو بمثابة رفض ايجابى ولماذا نلجأ للرفض السلبى طالما كان بمقدورنا الرفض الايجابى؟!!
2/ حتى لا يكون المقاطعون عونا للمزورين على التزوير فغياب الناس مدعاة لتزوير أصواتهم.
3/ المشاركة ايجابية بخلاف المقاطعة فهى سلبية.
والخلاصة تهدف فكرة المشاركة إلى التفعيل وعدم السلبية، وإن كانت هناك آراء أخرى تقدر بحسب الأفراد والحركات والاتجاهات .
ملاحظات وخاتمة
1/ نلاحظ أن هدف المؤيدين والمشاركين واحد إلى حد ما، وهو تعرية النظام غالبا، وإن اختلفت وسيلة كلٍ وهذا مقبول لكن الأفضل أن يتفق المعظم على خط واحد ثابت وكيف يتحقق ذلك والحركات لم تتحد؟!!
2/ هناك روح عامة بأن تحقّق التغيير عبر التعديلات الدستورية هو بمثابة حلم أو ترف لا نملك ثمنا له... ولقد يئس كثير من الأفراد والأحزاب من وقف تلك التعديلات عبر المناقشات وإقناع نظام الحكم عندنا.
4/أين تكمن مشكلتنا؟هل فى الاختلاف؟هل فى المصالح ولو على حساب الوطن؟هل فى غياب الضمير؟هل فى غياب العقل المفكر والمشخص لمشاكلنا؟هل فى أمراض القلوب التى تحول دون اتحاد بعض الحركات من أجل وحدة ومصلحة الأمة؟هل فى النقص الحاد فى وعى جمهور الأمة؟
لا شك أن الإجابات متنوعة تحمل فى طياتها بعض ما سبق ولكن التغيير الحقيقى ينبع من قاعدة الهرم لا من قمته...علينا بتوعية الناس المطحونة والتى سوف يشارك كثير/ أو قليل منهم فى تلك التعديلات كل على حسب مزاجه ساعتئذ، وهذا الوعى يحتاج إلى سنين وعقول وبرامج واتحاد وضمير وأحزاب فاعلة وأخلاق تعلى من مصلحة الوطن ولو على مصالحها الشخصية...ومن ثم نقول إن الطريق طويلة لكن من هنا يبدأ الحل ولا يستعجل البعض فالأمة أمامها عوائق كثيرة لا تقوى على تحملها إلا بوعى جيد وأخلاق فاضلة وضمير حى وعقل يقظ.
5/ من هاهنا فإني أرى( وهى وجهة نظر خاصة)* أن مجهودنا ليس أمام صناديق الاقتراع فالنتائج الآن محسومة سلفا... لكن حين يوجد وعى بصير فإن النتائج ستكون محسومة سلفا فى اتجاه مصلحة الوطن...ولكن لا مناص من عمل ما ينبغى عمله قدر الاستطاعة ومن هنا نوصى بدراسة اتخاذ تلك التدابير
* استقالة أعضاء مجلس الشعب والمستقلين والغيورين على مصلحة البلاد قبل التصويت على تلك التعديلات كإشارة إلى رفض تلك التعديلات المشبوهة. **
* التوحد حول رفض المشاركة فى الاستفتاء على هذه التعديلات عبر مقاطعة الاستفتاء على تلك التعديلات.
* تشكيل لجان مراقبة من منظمات المجتمع المدنى وبعض الأحزاب لفضح التزوير المرتقب
( ونحن لا نحاكم النيات لكن تاريخ النظام فى التزوير لا يشى باحتمالية غير ذلك)
* على القضاة الامتناع عن الإشراف على تلك التعديلات المشبوهة وعلى حركات المجتمع المدنى أن تؤيد مطالبهم...مع حث الناس على ذلك.
* رفع قضايا ضد التزوير حين حدوثه والاستمرار فى تفعيل هذه القضية حتى يفصل القضاء فيها...الخ
سيد يوسف
هوامش
* ينطلق هذا الرأي من عدة عوامل نذكرها هاهنا بشكل شبه مفصل:
(1)
فى اعتقادى أن الموضوع مرتبط بترتيبات ما يعرف بمشروع الشرق الأوسط الكبير - رغم نفى بعض المخضرمين له – وذلك من أجل تقسيم المنطقة العربية تحديدا لا سيما مصر الجائزة الكبرى والتى سُربت بعض المعلومات بنية الهجوم عليها لأغراض خاصة بالغرب فى بدايات 2015 ويرجى ها هنا متابعة مشروع تفتيت مصر ( فى ذلك مقالات متعددة منها موضوعان لكاتب هذى السطور) ولا يتحقق ذلك إلا من خلال تدمير الصف الداخلى لمصر من خلال عوامل متعددة منها
* العمل على دعم المستبدين عبر قبول فكرة التوريث مثلا( والتى تهدف تلك التعديلات لتكريس التوريث والاستبداد) ...والعمل على زيادة كراهية الناس لحكامها عن طريق بعض الحكام الأغبياء توهما أن الناس سوف تستقبل الغزاة بالورود كما توهموا ذلك فى العراق بالأمس القريب.
* خلق طابور خامس غبى يحسب أنه ليس مفضوحا بيننا يرحب- بطريق غير مباشر- بتدخل الأمريكان من خلال طرح بعض أطروحات القوم كتفكيك الجيش المصرى، والترويج للحرية حين يغزونا الغرب، وتصوير ظلم الحكام بأنه لا مواجهة له سوى بالاستعانة بالغرب وأمثال هاتيك الدعوات أو التبريرات الغبية.
* تدمير البنية الصحية للمواطنين عبر السرطانات والتلوث والمياه الملوثة ولا عجب حين نرى أن بمصر عشرين مليونا مرضى بالتهاب الكبد الوبائى منهم خمسة ملايين فى انتظار الموت خلال فترة زمنية تقدر ب5: 10 سنوات.
* قتل الانتماء فى شباب البلاد لعوامل عدة.
(2)
فى اعتقادى أن ليس ثمة نفى من استغلال النظام الحاكم لأصوات المشاركين فى
* تجميل وجه النظام فى الإعلام لا سيما الخارجي، وكأن الاستفتاء عليه إقبال جماهيرى.
* تزوير إرادة الناخبين لا سيما مع انعدام توافر الضمانات اللازمة من حيث الإشراف الدولى أو تعيين قاض لكل صندوق أو من حيث حيادية أجهزة أمن الدولة...وقد شهدنا ماذا فعل النظام فى الانتخابات الماضية والتى راح ضحيتها أكثر من 12 قتيلا نرجو من الله أن يتقبلهم فى الشهداء.
ولا ننس أن الاستفتاء فى ظل عدم وجود ضمانات إنما هو بمثابة مهزلة والعاقل ينأى بنفسه فى المشاركة فى مهزلة الخاسر فيها الوطن.
ويعجبنى قول أحدهم حين قال: نرجو رفع الشرعية عن النظام لأنه يستطيع تزوير النتائج لكنه لا يستطيع تزوير وقوف الناس خارج اللجان.
والمقاطعة لا يمكن وصفها فى ظل هذه المعطيات بأنها عمل سلبى لا سيما أنها لا تعنى الجلوس في المنزل أو التوقف بعد الانتخابات كما يريدون لنا( يرجى مراجعة المقترحات الأربعة الواردة بالرسالة الأصلية).
** أكرر إن فكرة استقالة الأعضاء إنما هى محل دراسة وهم أهل الشأن فى ذلك فليس من الحكمة أن يقرر أحد ما لغيره ماذا يفعل ... وقد هدفت تلك الفكرة إلى احتمالية أن تفضحهم تلك الاستقالة قبل تصويت المجلس عليها عل وعسى.