أيام مضت كنت أستيقض فيها باكرا فقط..لكي أسمع صياح ديكك
الأحمر و الأسود ريشه ..و أتذكر ذلك اليوم الذي طاردنا فيه
دجاج الجارة كي لا يستعمر ساحة منزلكم...ساحة منزلكم التي
لم يبق منها الآن الا ذكريات تكاد تكون أكاذيب...تلك المساحة
الصغيرة التي كنا نجوبها مشيا أو ركضا كأنها اميال و أميال لا
تنتهي...و لم نكن نشعر بالتعب من قياسها بخطواتنا او بأغصان
شجرة اللوز العجوز...كنت حينها اراك كل الناس......
كنا نسير في طرق بلدتنا القصيرةو أزقتها القليلة...نحيي صاحب
المقهى العجوز...أتذكره ؟ ..أتذكر ما كنا نقوله عندما نصل
الى حيث المقهى؟ ...ما زلت أذكره انا...كنا ننظر الى بعضنا..
نبتسم..و ننطق في لحظة واحدة..تختلط عباراتنا..تمتزج أصوات
ضحكاتنا..ثم ننظر الى بعضنا من جديد فيومئ أحدنا الى الآخر
للحديث...فيتكلم مرددا نفس العبارة"لقد وصلنا الى المقهى..."
نبتسم..نطلق ضحكات خجولة لأننا حينها نكون قد وصلنا الى بابها..
حيث يجلس حكيم البلدة و صاحب المقهى العجوز...نحييهما في احترام..
فيردان التحية بمحبة...ثم يبتسمان...و يقول الحكيم"ألم تفقص البيضة
بعد؟" نضحك و يبتسم صاحب المقهى ...و يبتسم الحكيم..ثم نجيب "لا
ليس بعد.."فيقول صاحب المقهى"لن تفقص البيضة الآن.. لا زال الوقت
مبكرا على ذلك.."نبتسم ..ننظر الى بعضنا ..ثم ننفجر ضاحكين...
نواصل سيرنا .. و نودعهما ...كنت أراك حينها كل ما أحب.....