الذكرى00
للمنفلوطى
وقف ابو عبد الله اخر ملوك غرناطة بعد انكسارة امام جيوش الملك فرديناند و الملكة ايزيبلا على شاطىء الخليج الرومى تحت ذيل جبل طارق قبل نزولة السفينة المعدة لحملة الى افريقيا وقد وقف حولة نساؤة و اولادة و عظماء قومة من بنى الاحمر0فالقى على ملكة الذاهب نظرة طويلة لم يسترجعها الا مبللة بالدمع0
فانة لواقف موقفة هذا و قد ذهل عن نفسةوموقفة اذ احس هاتفا يهتف باسمة بصوت كانما ينحدر الية من علياء السماء فرفع راسة فاذا بشيخ ناسك متكئ على عصاة واقف على باب مغارةمن مغارات الجبل المشرف علية ينظرالية و يقول: "نعم لك ان تبكى ايها الملك الساقط على ملكك بكاء النساء فانك لم تحافظ علية مثل الرجال0انك ضحكت بالامس كثيرا ابك اليوم بمقدار ما ضحكت بالامس فالسرور نهار الحياة و الحزن ليلها و لا يلبث النهار الساطع ان يعقبة الليل القاتم0
"لو ان ما ذهب من يدك من ملكك ذهب بصدمة من صدمات القدر او نازلة من نوازل القضاء من حيث لاحول لك فى ذلك و لا حيلة لهان امرةعليك اما و قد اضعتة بيدك و اسلمتة الى عدوك باختيارك فابك علية بكاء النادم المتفجع الذى لا يجد لة من مصابة عزاء و لا سلوى0
لا يظلم الله عبدا من عبادة و لا يريد باحد من الناس فى شأن من الشئون شرا و لاضيرا و لكن الناس يأبون الا ان يقفوا على حافة الهوة الضعيفة فتزل بهم الاقدام و يمشوا تحت الصخرة البارزة المشرفة فتسقط على رؤوسهم0
"لم تقنع بما قسم الله لك من الرزق فابيت الا الملك و السلطان فنازعت جيرانك الامر و استعنت عليهم بعدوك و عدوهم فتناول راسيكما معا و ما زال يضرب احدهما بالاخر حتى سال قدميكما قليب من الدم فغرقتما فية معا
اتخذ بعضكم بعضا عدوا و اصبح كل واحد منكم حربا على صاحبة فسقتم المسلمين الى ميادين القتال يضرب بعضهم و جوة بعض و العدو يتربص بكم الدوائر و يرى ان كلا منكم قائد من قوادةينبعث بين يدية لقتال اعدائة والمناضلة على ملكة حتى راكم تتهافتون على انفسكم ضعفا
ووهنا فاقتحمكم فما هى الا جولة او جولتان حتى ظفر بكم
"ستقون غدا بين يدى الله يا ملوك الاسلام و سيسالكم عن الاسلام الذى اضعتموة و هبطتم بة من علياء مجدة حتى الصقتم انفة بالرغام و عن المسلمين الذين اسلمتوهم بايديكم الى اعدائهم ليعيشوا بينهم عيش البائسين المستضعفين و عن مدن الاسلام و امصارة التى اشتراها اباؤكم بدمائهم و ارواحهم ثم تركوها فى ايديكم لتذدوا عنها و تحموا زمارها لم تحركوا فى شائنها ساكنا حتى غلبكم اعداؤكم عليها فاصبحتم تعيشون فيها عيش الغرباء الاذلاء و تطردون منها كما يطرد الغرباء فماذا يكون جوابكم ان سئلتم عن هذا غدا؟
"ليت المسلمون عاشوا دهرهم فوضى لا نظام لهم و لا ملك و لا سلطان فقد كان خيرا لهم من ان يتولى امرهم رجال مستبدون يلفون على اعناقهم جميعا غلا واحدا يسوقنهم بة الى موارد التلف و الهلاك من حيث لا يستطيعون ذودا عن انفسهم و ما تفعل الفوضى بامة ما يفعل الاستبداد0
يسالكم الله عن اولادى الذين انتزعتموهم من يدى انتزاعا احوج ما كنت اليهم و سقتموهم الى ميادين القتال ليقاتلوا اخوانهم المسلمين قتالا لا شرف فية و لا فخار حتى ماتوا جميعا موت الاذلاءالادنياء 0 فلا انتم تركتموهم بجانبى آنس بهم فى وحشتى و الجأ اليهم فى شيخوختى و لا انتم ذهبتم بهم الى ميدان قتال شريف فاتعزى عنهم من بعدهم بانهم ماتوا فداء لدينهم وو طنهم0ثم اختنق صوتة بالبكاء فادار و جهة و مشى يتوكأ على عصاة حتى دخل مغارتة و غاب عن العيون فنالت كلماتة من نفس الاميرما لم يتل منها ضياع ملكة و سقوط عرشة فصاح:
"ما هذا انما صوت العدل الالهى ينذرنى بشقاء المستقبل فوق شقاء الماضى فليصنع اللى بى ما يشاء فعدل منة كل ما يصنع00"
ثم انحدر و اهلة الى سفينتة تشق بهم عباب الماء شقا فسجل التاريخ فى تلك الساعة:
"ان قد تم جلاء العرب عن الاندلس بعد ما عمروها ثمانمائة عام0
و الى اللقاء فى الجزء الثانى ان شاء الله
__________________
قال تعالى ""
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ المائدة الآية 45