اعرف ان قد لا يكون هنا مكانه ولكنني اصر لأنني ارى المراءة جزء لا يتجزأ من الاسرة مهما كان ما تقوم به من عمل
يدور الحديث حول المرأة وقضيتها بأشكال مختلفة، نعم من هي المرأة؟ وما هي قضية المرأة؟ بأي جانب من جوانبها تفرض هذه القضية النقاش؟
عن أية امرأة نتناقش، أتلك التي تقضي العديد من ساعات النهار في صالونات تصفيف الشعر؟ أم تلك التي تحمل ولدها كما الجرة، وتدعه يغفو في ظل بالحقل؟
أيجب أن نتناقش عن المرأة التي تنظم وقتها للبقاء أكبر فترة ممكنة في صالونات التجميلجمال، أم المرأة القروية التي تخرج من البيت مع بزوغ الفجر، وتعود مع غروب الشمس.
أيجب أن نناقش قضايا المرأة التي تسرع من حفلة رقص إلى حفلة رقص، ومن حفلة الرقص إلى عرض الأزياء، أم المرأة العاملة التي لا تستطيع حتى إرضاع أطفالها وتقضي عمرها واقفة أمام طاولة العمل؟
نتناقش حول فعالية المرأة التي تريح الضمير بخداع الأنظار في جمعية الرفق بالحيوان، وجمعية حماية الأطفال الفقراء، وفي نادي ليوننس، أم تلك التي حياتها محددة بجدران البيوت غير المرخصة للبناء، وتعمل في تربية الأطفال والخدمة في بيوت الأغنياء؟
نعم عن أيهن نتحدث؟
فهل نتحدث عن حرية العشق، ونشاطات هدم "الخرافات المقدسة" للمرأة ا"المثقفة" البرجوازية الصغيرة التي ليس لها اسم.
كلا إن قضيتنا ليست مناقشة قضايا المرأة البرجوازية والمرأة البرجوازية الصغيرة المتطلعة إلى المرأة البرجوازية، وأزماتها التي تفيض إلى صفحات المجتمع الراقي.
إن قضيتنا تختلف عن قضايا أولئك الذين يتحدثون عن الانحرافات الجنسية باسم الحرية وهدم الخرافات، نحن نتحدث عن قضية تحرر المرأة العاملة والكادحة، والمرأة البرجوازية الصغيرة، إننا نتناول الموضوع من وجهة نظر طبقية، ونختلف مع أولئك في إعداد رسم قضايا المرأة العاملة، والمرأة البرجوازية عبر رسمها بنفس القلم، وذلك بتناول القضية من الزاوية الجنسية فقط.
وان طريقنا يفترق أيضاً مع الذين يبحثون عن حل قضية المرأة في إطار النظام القائم، والإصلاحات البرجوازية، والتغيرات الجارية على الورق، مع رؤيتنا للحل في الثورة، لا نطلب الانتظار وعقد الأيادي فوق الصدور، إننا نؤمن بضرورة توسيع حقوق المرأة، والقيام بخطوات في تحقيق معالجات وخوض هذا النضال أيضاً مع وجود هذا النظام القائم. ولكننا لا نحدد النضال ضمن هذه الحدود فقط وإنما نبين الهدف أيضاً: "بدون الثورة لا يمكن التفكير بإمكانية تحرر المرأة ".
ñ
المرأة من الأمس حتى اليوم
عند تفحص كتابات فلاسفة الطبقات المهيمنة، نرى بأنها مملوءة بالأكاذيب المتعلقة بكون المرأة في الموقع الثاني على مر التاريخ، وان فلاسفة البرجوازية يلجئون إلى الكذب والتشويه لإثبات مساواة المرأة وتغير قدرها في الرأسمالية، بالنسبة لهؤلاء تعتبر المرأة قد تحررت وأن المساواة تحققت وأصبح الرجل والمرأة متساويين أمام القانون.
وهل الحقائق هكذا؟ وهل مساواة الرجل والمرأة المكتوبة على صفحات قوانين البرجوازية قد تحققت؟ وهل كانت مكانة المرأة دائما بعد الرجل كما يدعي أصحاب الأقلام المأجورة للطبقات المهيمنة؟
إن جواب هذه الأسئلة يكمن في تاريخ المجتمعات، حيث أظهر الماركسيون اللينينيون الذين عرجوا على تاريخ المجتمعات في ضوءهدي المادية التاريخية، بأن المرأة كانت هي زعيمة المجتمع في المجتمعات الإنسانية الأولى. وان انكشاف هذه الحقيقة يظهر ضرورة تحقيق بحث أكثر دقة لتاريخ تحول المرأة من الزعامة إلى العبدة الحرة.
إن هذا البحث سوف يكشف عن تاريخ عبودية المرأة التي يعتقد بأنها تستحق التقييم القائل: "أنها طويلة الشعر، قاصرة العقل"، والتي يقول عنها الدين: "خلق الرجل من أجل الله أما المرأة فخلقت من أجل الرجل".
ñ
من المرأة الأمازونية حتى المرأة العبدة
قبل انقسام البشرية إلى أسياد ومضطهدين (بكسر الهاء)، لم يكن هناك لا قمع ولا استغلال ولا عدم المساواة بين الرجل والمرأة، ولن تحتقر أو تباع كبضاعة، ولم تكن مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية مقتصرة على تربية الأطفال وطهي الطعام. إن انتظام عملية جمع الحطب داخل الجماعة وعدم اعتمادها على الصدفة كما هو الحال بالنسبة للرجل في الصيد قد زاد من الاحترام الذي حققته لها أمومتها، وأما النسب فكان يحدد نسبة إلى الأم.
لهذا السبب كانت الأم هي الزعيمة داخل العائلة وان نساء الغأمازون اللاتي وصفن بالعداء للرجال في القصص الخيالية كن آخر نموذج لمجتمعات الأمومة (أي المجتمعات التي تسود فيها الأم) في الأناضول.
وباكتساب الأعمال التي تتطلب قوة جسمانية في تقسيم العمل الاجتماعي أهمية لأول مرة اهتزت مكانة المرأة في المجتمع، ومع ظهور الملكية الخاصة، أدت إلى وجوب معرفة والد الطفل الذي سيكون وريثا، إلى إزاحة الأم من موقع الزعامة.
وهكذا انتهى نظام الأمومة وولدت العائلة الأبوية التي تعتمد على تفوق الرجل، وفقدت المرأة مكانتها في الإنتاج وحقها في إدارة الحياة الاجتماعية وتحولت إلى عبدة لدى الرجل.
إن الملكية الخاصة جعلت المرأة مغلوبة الرجل، وحولتها إلى أداة لمتعته وإنجاب الأطفال له. وهكذا أصبحت بالنسبة للرجل مجرد كائن حي يخدمه ويلد له من يرثه من بعده. لقد تضاعفت عبودية المرأة في المجتمع، العبودية التي كانت أول مجتمع طبقي، حيث كانت عبدة لسيدها ولزوجها في أن واحد.
إن المرأة التي كانت غنيمة حرب والبضاعة الأولى في أسواق بيع الأسرى كانت لذلك السنيور أولاً (السيد) ومن ثم الرجل الذي تزوجت منه والسنيور (السيد) يختار لها زوجها ويستطيع بيعها وضربها ومعاقبتها وإهداءها للآخرين فالابن الذكر في السن السابعة من عمره يصبح رئيس العائلة عند غياب الأب، وحتى والدته كانت مجبرة على إطاعته. وان السنيور (السيد) له حق الليلة الأولى. كانت المرأة كادحة تعمل في الأرض، وأداة متعة وأم. وهي التي كانت تنقطع في الأديرة، أو يعلنونها ساحرة، ويضرمون فيها النار. ولم تكن تستطيع الزواج من أحد بدون موافقة السنيور (السيد) فالكنيسة كانت تعتبر الزواج اتحادا للأرواح، وترفض الشهوة. ولكن الكنيسة نفسها كانت تقبل بالفواحش باعتبارها "فسادا لا مفر منه".
كما الكنيسة التي حددت المرحلة الإقطاعية، الإسلام أيضاً احتقر المرأة ووصفها بخطر يمكن توجيهه من قبل الشيطان.. السلطة الدينية اعتبرت كل ما هو حلال للرجل حرام على المرأة وان قتل المرأة رجما وجلدها تعتبر عقوبات بسيطة.
فالدين الإسلامي الذي خرج من بين علاقات العبودية الفاسدة، ووأد البنات، حرر المرأة من أسر العبودية لكنه زج في ظلام الرجعية الإقطاعية، وان خلاصها من الوأد وحصولها على جزء من الميراث لم يكن يعني خلاصها من التعرض للسحق والمهانة.
فالإسلام مثله مثل غيره من الأديان رفع من شأن الرجل، وكان يرى المرأة نصف الرجل، وعبدته التي يجب عليها إطاعته وكائنا ينجب له الأطفال وهو الدين الذي دفع بمكانة المرأة إلى أبعد ما يمكن في الحياة الاجتماعية.
إن الإسلام الذي جعل الصمت والاستسلام للمصير والمعاملة من الدرجة الثانية في الجنة وعداً للمرأة، أدرج في الأحاديث حق الرجل بضرب زوجه. مكان المرأة هو أن تكون أما في البيت فلنقرأ من القرآن الكريم رأي الإسلام - الذي يوجه مستقبل الناس ويشكل روحهم- في المرأة:
"...الرجال متفوقون على المرأة لأن الله جعلهم متفوقين على المرأة في أشياء كثيرة، وانهم يعيشون نساءهم ويشبعونهم بأموالهم، فالصالحات قانتات) كما أن الله يحفظ حقوقهن، مهن يحفظن عفافهن حتى في غياب أزواجهن".
"سورة النساء"
وبالادعاء أن المرأة كائن ضعيف يحتاج إلى الحماية أعطى الإسلام للرجل حق الزواج من أربع نساء. حينما منعت الكنيسة الطلاق لأي سبب كان، ربط الإسلام مستقبل المرأة بكلمة -أنت طالق– تخرج من بين شفتي الرجل.
إن طوق القمع المحيط بالمرأة في المجتمع الإقطاعي لم يكن عبارة عن الكنيسة، والشريعة والإقطاعية، وإنما كانت في البيت أيضاً أسيرة الرجل الذي أنيط له أمرها. هي أولا عبدة للأرض ومن ثم عبدة في البيت وفي النهاية أما.
أنهت البرجوازية القمع الإقطاعي على المرأة، واشتركت المرأة بكل ما تملك من قوة في الحركة البرجوازية التي شقت ظلام القرون الوسطى بشعارات "المساواة". لكن الذي حصل هو أن التحرر الذي حققته الثورة البرجوازية، و النظام البرجوازي المتوطد لم يعترف للمرأة بالحرية التي كانت تنتظرها. فالتغيير الذي حصل في وضع المرأة من العبودية إلى البرجوازية لم يكن سوى التغير في الشكل فقط.
دافعت البرجوازية عن تحرر المرأة من الاضطهاد بنفس المنطق الذي عرفت به حرية الكادح على أنها بيع هذا الأخير لقوة عمله في شروط أكثر ملاءمة. كونها مجرد عبدة في البيت، ما كانت المرأة لتحقق فائدة تذكر للبرجوازية التي تحتاج إلى قوة العمل العنصر المنتج الحيوي لرأس المال.
فمن أجل استغلال قوة عمل المرأة كانت هناك ضرورة للاعتراف بحريتها بالقدر الذي يمكن معه جلبها إلى المصنع، وهذا ما قامت به البرجوازية.
وهكذا فالرأسمالية عندما كانت تتصاعد بالثورة الصناعية خرجت مواد البناء من دماء النساء والأطفال أيضاً. وجعلت الأطفال والنساء أرقاء بالأجرة في المصانع والمناجم في ظروف عمل سيئة للغاية، وقسوة بالغة بعثت الشفقة حتى لدى فلاسفة البرجوازية. تم إحياء رأس المال باستغلال قوة العمل الرخيص للمرأة بيوم عمل وصل إلى 16-18 ساعة.
واجهتة البرجوازية التي أخرجت المرأة من البيت وجلبتها إلى المصنع من أجل الاستغلال مع أمر لم تكن تتوقعه فالمرأة التي منحت مكانا واسعا من قبل الرأسمالية كانت قد اكتسبت أهمية مفاجئة في هدم شروط الاضطهاد التي تطوقها.
عندما تحدث بيبل عن طيلة 20 سنة ما قبل انفجار ثورة 1789 الكبير هرولت المرأة بشكل جماعي للدخول في جمعيات سياسية وعلمية، كان يشير إلى هذا التطور. شكلت المرأة تنظيمات تهدف إلى امتلاك حقوق مساوية مع الرجل مثل "نادي أصدقاء الثورة"، وعند إعلان حقوق الإنسان، فمن أجل إسماعاسماع صوتها للآخرين كتبت المرأة أيضاً.
يتبع