بيتك .. بيتك
بيتك .. بيتك
قد يخطر ببال البعض ، أن هذا العنوان هو للإهابة بالتمسك بالدفاع عن البيت !
لكن لا .. إنها عبارة كانت تقولها العجائز عندما يحل المساء ، و يردن أن يجعلن دجاجاتهن تنام في بيوتهن .. لم تكن بيوت ، بل كانت أبنية حقيرة منخفضة تصنع لإيواء الدجاج ، بما يتيسر من مواد بناء قديمة ، كلوح خشب مكسور ، أو لوح زينكو عتيق ، أو جزء من برثعة حمار ، كانت تجمع ، منها للتخلص منها كنفايات ، ومنها لاستثمارها في إيواء الدجاج ..
كانت العجوز على ضعفها ، تحمل بيدها قطعة من قصب قديمة ، تلوح بها للدجاج ، تفخم له مكان المبيت ، فتقول بيتك .. بيتك ( وكأن الدجاج يفهم !) .. ومع ذلك كان الدجاج يطيعها ، رغم أنه عهد ظلمة هذا البيت وحقارته ، أو لعل الدجاج كان يخشى أن تحرمه العجوز من مخصصات الطعام الفقيرة أيضا .. فقد كان طعام الدجاج هو من بقايا البيادر من الحبوب الرفيعة والزيوان وبذور الأعشاب التي تخرج بعد عمليات الغربلة ..
إنه الظلم و الخداع العفوي من قبل العجائز للضحك على الدجاج ، وهذا يذكرني بحكومات محلية كانت عندما خرج العثمانيون من البلاد العربية ، وفرغت البلاد من هيبة السلطة ، أن تقوم جماعة عصبية وقوية ، وتستغل قوتها النسبية ، وغياب من يردعها ، فتتفنن في تلذذها بتعذيب بعض الضحايا ، فترسم لهم دائرة على الأرض بطرف عود ، وتأمرهم أن يبقوا داخله ، و أحيانا كان يبقى المحبوس داخل هذا الخط أسبوعا دون أن يتجرأ على الحركة !
اليوم ، وبعد أن كانت البيوت أكثر فخامة ، و الأعلاف أكثر دسما و تنوعا ، فإن دجاجاتنا ، ترضخ للعجوزين الإمبريالية و الصهيونية ، حتى قبل أن تقومان بأمرهن بالتزام بيوتهن !
__________________
ابن حوران
|