القيادة الفكرية في الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اليكم اخوتي في الله هذا الموضوع المهم جدا جدا وهو مرتبط الارتباط الكبير بموضوع القومية و الوطنية , الذي قمت بنقله لكم......
القيادة الفكرية في الإسلام
تنشأ بين الناس كلما انحط الفكر رابطة الوطن ، وذلك بحكم عيشهم في أرض واحدة والتصاقهم بها ، فتأخذهم غريزة البقاء بالدفاع عن النفس ، وتحملهم على الدفاع عن البلد الذي يعيشون فيه ، والأرض التي يعيشون عليها ، ومن هنا تأتي الرابطة الوطنية ، وهي أقل الروابط قوة وأكثرها انخفاضاً ، وهي موجودة في الحيوان والطير كما هي موجودة في الإنسان ، وتأخذ دائماً المظهر العاطفي . وهي تلزم في حالة اعتداء أجنبي على الوطن بمهاجمته أو الاستيلاء عليه ، ولا شأن لها في حالة سلامة الوطن من الاعتداء وإذا رد الأجنبي عن الوطن أو أخرج منه انتهى عملها ، ولذلك كانت رابطة منخفضة .
وحين يكون الفكر ضيقاً تنشأ بين الناس رابطة قومية ، وهي الرابطة العائلية ولكن بشكل أوسع ، وذلك أن الإنسان تتأصل فيه غريزة البقاء فيوجد عنده حب السيادة ، وهي في الإنسان المنخفض فكرياً فردية ، وإذا نما وعيه يتسع حب السيادة لديه ، فيرى سيادة عائلته وأسرته ، ثم يتسع باتساع الأفق ونمو الإدراك فيرى سيادة قومه في وطنه أولاً ثم يرى عند تحقق سيادة قومه في وطنه سيادتهم على غيرهم ، ولذلك تنشأ عن هذه الناحية مخاصمات محلية بين الأفراد في الأسرة على سيادتها ، حتى إذا استقرت السيادة في هذه الأسرة لأحدها بانتصاره على غيره انتقلت إلى مخاصمات بين هذه الأسرة وبين غيرها من الأسر على السيادة ، حتى تستقر السيادة على القوم لأسرة أو لمجموعة من الناس من أسر مختلفة ، ثم تنشأ المخاصمات بين هؤلاء القوم وغيرهم على السيادة والارتفاع في معترك الحياة . ولذلك تغلب العصبية على أصحاب هذه الرابطة ، ويغلب عليهم الهوى ونصرة بعضهم على غيرهم . ولذلك كانت رابطة غير إنسانية ، وتظل هذه الرابطة عرضة للمخاصمات الداخلية إن لم تشغل عنها بالمخاصمات الخارجية .
وعلى ذلك فالرابطة الوطنية رابطة فاسدة لثلاثة أسباب : أولا - لأنها رابطة منخفضة لا تنفع لأن تربط الإنسان بالإنسان حين يسير في طريق النهوض . وثانياً - لأنها رابطة عاطفية تنشأ عن غريزة البقاء بالدفاع عن النفس والرابطة العاطفية عرضة للتغيير والتبديل ، فلا تصلح للربط الدائمي بين الإنسان والإنسان . وثالثاً - لأنها رابطة موقتة توجد في حالة الدفاع ، أما في حالة الاستقرار - وهي الحالة الأصلية للإنسان - فلا وجود لها ولذلك لا تصلح لأن تكون رابطة بين بني الإنسان .
وكذلك الرابطة القومية فاسدة لثلاثة أسباب : أولاً - لأنها رابطة قبلية ولا تصلح لأن تربط الإنسان بالإنسان حين يسير في طريق النهوض . وثانياً - لأنها رابطة عاطفية تنشأ عن غريزة البقاء ، فيوجد منها حب السيادة . وثالثاً - لأنها رابطة غير إنسانية ، إذ تسبب الخصومات بين الناس على السيادة . ولذلك لا تصلح لأن تكون رابطة بين بني الإنسان .
ومن الروابط الفاسدة التي قد يتوهم وجودها رابطة بين الناس الرابطة المصلحية ، والرابطة الروحية التي ليس لها نظام ينبثق عنها .
أما الرابطة المصلحية فهي رابطة موقتة ولا تصلح لأن تربط بني الإنسان ، لأنها عرضة للمساومة على مصالح أكبر منها ، فتفقد وجودها في حالة ترجيح المصلحة . ولأنها إذا تباينت المصلحة تنتهي ، وتفصل الناس عن بعضهم ولأنها تنتهي حين تتم هذه المصالح ولذلك كانت رابطة خطرة على أهلها .
وأما الرابطة الروحية بلا نظام ينبثق عنها ، فإنها تظهر في حالة التدين ، ولا تظهر في معترك الحياة . ولذلك كانت رابطة جزئية غير عملية ، ولا تصلح لأن تكون رابطة بين الناس في شؤون الحياة ومن هنا لم تصلح العقيدة النصرانية لأن تكون رابطة بين الشعوب الأوروبية مع أنها كلها تعتنقها ، لأنها رابطة روحية لا نظام لها .
ولذلك لا تصلح جميع الروابط السابقة لأن تربط الإنسان بالإنسان في الحياة حين يسير في طريق النهوض . والرابطة الصحيحة لربط بني الإنسان في الحياة هي رابطة العقيدة العقلية التي ينبثق عنها نظام .
وهذه هي العقيدة الاسلامية و النظام الاسلامي , هي التي تربطنا ببعض , و ليس اي شيء اخر.
و السلام عليكم
|