مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 02-05-2001, 08:21 AM
منصور آل سيف ونجيبة السيد منصور آل سيف ونجيبة السيد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 3
Post قصة قصيرة(الكفن المنسي)

منصور آل سيف ونجيبة السيد
ثنائي سعودي يكتبان القصة والرواية
صدر لهما:
عندما يحام الراعي(رواية)
لقاء مع الماضي(مجموعة قصصية)
دموع مسلّحة(رواية)
تحت الجذوع(رواية)
وإليكم منا هذه القصة القصيرة بعنوان: الكفن المنسي.


زمجرت حافلة النقل وهي تنفض غبار عجلاتها استعداداً لرحلتهــا نــحـــــــــو الإحساء، بسملت شفتان لوت التجاعيد صفحتيهما فصيَّرتهما مجرد ضــفــتــيــــــن متعرجتين ، وتسَّمرت العجوز في ترتيلة دعائية إعتادتها في صدارة كل مــشـــوار تغدوه سواءً داخل " القطيف" أو خارجها ، علت كلمات دعائية متقطعة من أحـــــد المسِّنين سرعان ما جاوبها بـعــض الـركـاب بالصــلاة علــى مـحمد وآل محمد00 وتوّجت نسوة الرحلة بحلقة من سلسلة أحاديث لا تنتهي حتى مع نـهــاية الرحلة00
صعّر أحد الشباب خدّه تبرماً من صراخ ٍمتواصل لرضيع ٍعـكـفت والـــــــدته على
إسكاته فما فلحت00
كانت الحافلة الزرقاء تقطع الطريق في رشاقةٍ ويسر غير آبهة بالثقل الآدمــــي الذي اكتنزت به ، وبينما أثقل سير الحافلة الرتيب جفون المسنين ، فإنه صعّد فـــي قلوب الشباب والغلمان الرغبة لحفلة العرس الموعودة00 ولرؤية "حـســــن" الذي تربى بينهم يُزَّف إلي عروسه ، لقد سبق أترابه إلي قطار الحياة الزوجية ، لم يكـــن أكثرهم ليصدّق أن والده كان جاداً في تزويجه، فــهــو لم يزل يتخـــطى فصــــــول الثانوية، قابله أصحابه بالتعليقات الساخرة وإن ندَّت بعض النظرات عن غبطة00 بينما تقبل "حسن" الأمر في استسلام ندّي00 هكذا درجت عادات الإحســــائـــيين على التبكير بزواج الفتيان فضلا عن الفتيات 0
استرخت أهـــداب المرأة العجوز لنوم ٍعميق ٍ حتى تمايل جســدها الضئيل مـع تمايل الحافلة ، ولم يقوَ تصفيق الشبان والصبية وصفيرهم على إرباك نومها، ردّد البعض مجموعة من أهازيج متعارفة في القطيف استعداداً للزّفة ، امتـــزجـــــــت بالضحك ومعاكسات شبابية ماكرة !
قاربت الحافلة مدينة " بقيق" البترولية ، بارحت العجوز نومـــها علــى رجــفة مفاجئة إثر زمجرة أخرى التقطت فيها الحافلة أنفاسها ، فتحت الــعجوز عيــنيــــها الغائرتين في ذهول، شرعت تتحسس حقيبة السفر التي علّقتها جانبا ، فتحتـــــــــها تبحث عن شيءٍ ثم أغلقتها ، صارت تفتش جوانب الكرسي غير مصّدقة وحــــيــن يئست ، نادت بصوت عالي شدّ انتباه الجمع فأجبر الأصوات على التوقف:
ـــ جاسم00 جاسم00 الحقيبة الصفراء00 هل هي معك00؟!
بحث جاسم في عناية 00 قال :
ـــ لا 00 لا أجدها ياجدتي0
والتفتت للخلف تنادي بصوت زاد علو نبراته :
ـــ زكاي00 ابحثي عن الحقيبة الصفراء00 لعلها معك0
بحثت فتاة الثالثة عشرة ، أجابت بصوت طفولي خفيض :
ـــ لم أجدها00
ـــ ابحث جيداً يا جاسم 00 وأنت يا زكاي00 مستحيل أن نكون نسيناها00
عاد يبحث00 تفشى البحث بين عامة الركاب00 الكل ينشد حقيبة " أم سلمان"
الصفراء بين أغراضه00 ليس من شيء0
ـــ يبدو أننا نسيناها00
توقفت العجوز في مكانها مرعوبة ، جحظت عيناها وهـــي تــضــرب علـــى صدرها كمن فجع بمصيبة ، ارتدّت يدها عن صدرها وهي تشير بصوتٍ منكوب :
ـــ مستحيل ، كفني00 أريد كفني00 كيف أسافر بدون كفني؟!
رددتها غير شاعرة بنفسها ،علقت كلماتها بأفئدة بضّة وأخرى معّتقة، غامــت
العقول بسحابة استنكار لموقفها :
ـــ يا دافع البلاء00 هذا وقت ذكر أكفان يا أ م سلمان !
ـــ ذكري الله يا أم سلمان00
وعلّقت إحدى النساء في خبثٍ واضح :
ـــ يبدو أن العجوز قد خرفت00
ضحكت النساء في حذر بينما جاهرت قهقهات الشباب والغلمان عن نفسهــا ،
أحسَّ جاسم ببعض الحرج والضيق، قال موضحاً :
ـــ جدتي لا تذهب أي مشوار إلا بصحبة كفنها00 هكذا اعتادت00
ردَّ أحدهم بصوتٍ جاد لم يخل من التندّر :
ـــ يا حجية أم سلمان 00 ترى الأحساء فيها أكفان !
صرخت العجوز محتدة :
ـــ أكفان الأحساء لا تلزمني0
وأضافت في عنادٍ واضح :
ـــ أبداً00لا والله00 لا أريد إلا كفني00 ثوبي إحرام حججت بهمــا إلي البـــيت، الحرام واستلمت بهما الركن ، وسعيت بين الصفا والمروة00
أكملت إحداهن في نبرة العارف بدقائق الأمور :
ـــ معلوم يا أم سلمان00 ليست حجة ولا حجتان وإنما اثنا عشرة حجة كلها بنفس ثوبي الإحرام00
جاوبت نبرات العجوز ممتنة لله:
ـــ الحمد لله 00 الحمد لله00
ثم عادت عالية محتدة .
ـــ لا والله00 لا أريد إلا كفني00 أنزلوني يا جاسم00 أوقف السيارة 00
ـــ والعرس يا أم سلمان ؟!" حسن " في معزة ولد من أولادك !
ـــ أجلب الكفن وأرجع00 بالغة إنشاء الله لعرسه0
ـــ صل على النبي يا أم سلمان ، نحن الآن في "ابقيق" يا جاسم حاول أن تهدئ جدّتك00
قال مترجياً والحرج ما يزال يلوّن وجهه :
ـــ الآن نمشي على خير00 حين نصل الإحساء أتصل بعمي "إبراهيم" يبعث لك ثوبي الإحرام00أقصد الكفن!
ضربت على رأسها، قالت:
ـــ وهل تريد أن أبقى طول هذا الوقت بدون الكفن00لا00لا يا عينــي00إمـــــا نرجع أوننزل0
قالتها وهي تحمل حقيبتها مشتملة بردائها الأسود ذي الخطوط الحمراء الداكــنة في ذيله ، متلفعة بخمارٍ أسود مثقوب ينسدل على كامل وجهها فترى منه ولا ترى، وقفت في الدهليز الضيق بين ضفتي كراسي الركاب تترنح في وقفتها مـــحاولة أن تتماسك ، والغلام يحتضنها من كل جانب محاولا ًتجنيبها السقوط، صارت تدفعـــه
في عناد بعيدا عنها، مصرّة على ما عزمت عليه ، صرخت به :
ـــ ابتعد يا جاسم 00 إما نرجع أو ننزل!
لم تبق امرأة ولا رجل إلا تدّخل لإقناعها دون جدوى00، وحين توقفت الحافلة للتزود بالوقود ، وجد جاسم نفسه صاغراً00 نزلا وهي تغمغم بما لم تسمعه أذنـــاه فوعاه فؤاده ، ذاك الكفن يعادل روحها00 يراها تصطحبه معها في أسفارها ، فــي حلها وترحالها ، وتذّكّر به من حولها كلما اضطرت لتغيير مكانه00 ترى أي حـظ تعيس ذاك الذي جعلهم ينسون الكفن00هاقد مضى الجميع ليدفع الثمن من رصيده، سوف يخسر بالتأكيد حضور الزّفة وسيتباهى رفاقه أمامه ، تأفأف وهو يفرك رأسه بيده ويتطّلع الطريق الطويل في يأس بحثاً عن سيارة تقلهم إلي القطيف0
احتضنت الحقيبة الصفراء بقوّة وهي تحتمل نفســها من البــيت ثـانية نــــــحو الإحساء ، تبرّع أصغر أولادها "إبراهيم" بإيصالها بنفسه ، كان جاسم ينظر إلــى ساعة يده بين اللحظة والأخرى ، ويحدج عمه بنظرة تعجّل به ، سوّى إبراهيم مــن وضع عقاله ، تقدّمهما لتشغيل سيارته ، رنَََّ الهاتف ، رفعه جاسم ، احتقن وجهــــه نبس في أسى :
ـــ غير معقول000 حادث00 حافلتنا00 أنا لله وإنا إليه راجعون0
تـــــمـــــت
الأحد الموافق20 /2/2000 م
14/11 /1420 هج


الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م