كلام في النظرية العلمية
كلام في النظرية العلمية
كثيرا ما يحتج محاور على محاوره بأن كلامه غير علمي ، وكثيرا ما يفخر متكلم بسوق دلائله بالحديث ومزينا لها بأنها تستند الى النظرية العلمية .. وأحيانا يكون هناك إدعاء بأن هذا الكلام علمي ، أو عكسه غير علمي ..
فما هي النظرية العلمية ، التي يحتكم اليها المتحدثون ، أو الكتاب في تحليلهم، هل هي مجرد لغو ؟ أم أن لها أصل وفصل ؟ وهل لها علاقة بالمختبرات والرياضيات والفيزياء ، وغيرها من العلوم البحتة ؟
تستند النظرية العلمية ، الى ثلاث ركائز مهمة .. لا تكتمل بدون أي منها النظرية العلمية .. أو الإدعاء بالاستناد عليها وهي :
1 ـ عمومية العلم :
ويقصد بها أن كل الاكتشافات والاختراعات العلمية .. ملك لأبناء البشرية جميعا وان احتفظ المخترعون أو دولهم في أسرار تلك الاكتشافات ، فانهم لن يستطيعوا الانفراد بتلك الأسرار الا لوقت معلوم .. وبعدها ينكشف أمر تلك الأسرار وتصبح مشاعا في كل أنحاء الأرض .. فلم تعد اللوغاريتمات ملكا للعرب وحدهم ولم تعد أسرار الصناعات العسكرية حكرا على مخترعيها .
2 ـ الحتـــمية :
ان كل سير باتجاه سيصل الى نهاية الطريق ، ما لم يحدث شيء مفاجئ يوقف الحياة للسائر .. فان كان هناك راكب سيارة يقصد الانتقال من مدينة الى أخرى فانه حتما واصلها ما لم يحدث له موت ، وغيره فان كل العوائق ستذلل وسيعاود سيره .. هذا للفرد .. أما للشعب فان الموت لن يوقف السير للوصول للهدف ، طالما أن هناك من يؤمن بتكميل المسير ، وطالما أن هناك نساء تحمل وتلد وترفد مسيرة الشعب بالمؤمنين بتلك المسيرة ..
3 ـ الوضــعية :
لكل سير قوانين ، ولكل حركة قوانينها .. والقوانين تلك يضعها البشر فيما بينهم بما يتوافق مع مصالحهم الجمعية وفق ثوابت يؤمنون بها .. فكما يضع القائمون على لعبة كرة القدم قوانين يحفظها الحكام ويقبل بها اللاعبون .. وكما توضع قوانين السير لتضبط حركة مرور المركبات ، فان كل شؤون الحياة الدنيوية يوضع لها قوانين .. وهذه الخاصية تدعى الوضعية ..
ان فهم هذه الركائز لا يتعارض مع الإيمان بالله عز وجل ولا يتناقض مع أحكام الشرع .. وان النكوص عنها ، والتسليم بقوى غيبية أخرى ، كما يفعل سكان أواسط وشرق وجنوب آسيا .. بالتسليم لقوة الأبراج والنجوم وغيرها ، تحت مسمى ( النظام العرفاني ) لتسيير شؤون الحياة .. ان خلط هذا الفهم بغيره لا يعود ينسجم مع النظرية العلمية ..
__________________
ابن حوران
|