( 6 )
صراع من أجل التسليم للإيمان
Struggling to Surrender Dedication
بقلم جفرى لانج
الفصل الأول
نظرت إلى الثلاثة ، وقلت "نعم أريد أن أكون مسلما" .
تهللت وجوههم بالبهجة والإرتياح ، وذكرونى بمهندسى الناسا وهم يحطون على سطح القمر . فعجبت لماذا كل هذا الإهتمام ، هل تحولوا هم أيضا للإسلام ؟؟؟
على كل حال ، لم أتحول بعد رسميا ، وما زال أمامى إجراءات رسمية . فتح باب المسجد ثانيا ، وكان هناك ظل شخص آخر يلبس جبة وعمامة ، أضخم قليلا من غسان ، فقد كان الضوء خافتا .
"مصطفى" ... ناداه غسان . هذا الأخ يريد أن يدخل فى الإسلام .
كان وجه مصطفى أبوى كبير ، تهلل وأقبل يعانقنى .
"مصطفى" ، قال غسان ، عليه أن ينطق بالشهادتين ، وتراجع بهدوء . فلتعلمه ماذا يقول .
أخذ مصطفى يشرح لى معنى الشهادتين ، باللغة الإنجليزية ، ثم أتبع شرحه باللغة العربية ، طالبا منى ترديدها خلفه . "أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" . رددتها وراءه ، وشعرت بالحماية ، والأمان ، والإنطلاق ، والحرية .
لقد غمرنى شعور من الحب ، وأحسست بحب الواحد الأحد لى . لقد عدت إلى حقيقتى مرة ثانية .
"الله" ... نطقها مصطفى . وكررتها مرتين خلفه .
بعد يومين ، أديت أول صلاة للجمعة فى المسجد . كان يوما مشرقا دافئا فى سان فرانسيسكو ، ووقفت فى الصف الثانى ، بينما غسان يرتل القرآن الكريم ، بطريقته المحببة المميزة . كانت التلاوة ببطء ، لها وقع موسيقى جميل ، وتخرج من فم غسان بعمق ، كأنه طفل تائه يلتمس أبويه بنغمة حانية . كنا نقف جنبا إلى جنب ، وكتفا إلى كتف .
"الله أكبر" ... وحين سماع الأمر نركع ويدينا على ركبتينا ، وظهورنا عمودية على أرجلنا . وتمتمت "سبحان ربى العظيم ... أحمدك يارب أن جئت بى إلى هنا" .
"سمع الله لمن حمده" ... "ربنا ولك الحمد" . وعدنا وقوفا ، فى حركة كأننا جسم واحد . لقد صليت أربع صلوات فى المسجد مع آخرين ، ولكن ليس بهذا العدد . الآن يوجد بالمسجد ثمانون شخصا ، فى هذه الغرفة الضيقة . شباب من كل بقاع العالم ، يمثلون ربما حوالى عشرون دولة ، يحيُون معنى الأخوة .
"الله أكبر" ... انحنينا بسيولة وبشكل رشيق ، إلى الأرض ، أولا على ركبنا ، ثم وضعنا أصابعنا على الأرض ، ثم جباهنا على السجاد ، "سبحان ربى الأعلى" كررتها عدة مرات ، مناجيا ربى "اللهم لا تجعلنى أعود لما كنت فيه" .
"الله أكبر" ... جلسنا على الأرض فى صفوف خلف غسان ، وكنت فى الصف الثالث ، فقد كان غسان يقف فى الأول بمفرده .
"الله أكبر" ... سجدنا على السجاد ذو الخطوط الحمراء والبيضاء ، ثم جلسنا مرة ثانية . وشملنا الهدوء ، كأن الصوت قد أغلق .
وحينما نظرت إلى الأعلى ، وجدت غسان إلى شمالى فى المنتصف ، أسفل الشباك ، والضوء خافت من خلاله ، وكان بمفرده دون صف بجانبه ، وكان يلبس جلبابا أبيضا طويلا ، وعلى رأسه غطاء أبيض بخطوط حمراء .
"الرؤية" صرخت من داخلى . "الرؤية بالضبط" ، لقد كنت قد نسيتها بالمرة ، والآن ذهلت وارتعبت . هل أنا فى حلم ؟؟؟ هل سأستيقظ منه ؟؟؟ وأخذت أتلفت حولى لأطمئن أنى لست نائما !!! أحسست ببرودة شديدة ، جعلتنى أرتعش . يا إلهى !!! إنها حقيقة . وفجأة شعرت ببعض الدفء ، فقد انهمرت الدموع من عينى !!!
"السلام عليكم ورحمة الله" ... التفتنا إلى اليمين ورددنا الكلمات .
"السلام عليكم ورحمة الله" ... التفتنا إلى الشمال ورددنا الكلمات ... وانتهت الصلاة .
جلست على البساط ، وأخذت أحملق فى الجدران وأفكر لمدلول هذه الرؤى !!! ... شئ غريب هذه الرؤى ، وهناك الكثير الذى لا نفهمه !!! ولكن مهما كانت الآلية خلفها ، ففى هذه الرؤية ، رأيت خلالها تفاصيل حياتى --- أشياء فعلتها .. أناس قابلتهم .. فرص مرت بى .. خيارات اخترتها لم يكن لها معنى فى حينها --- كلها أدت إلى هذه الصلاة وكانت تتويجا لإستسلامى للإيمان . الآن أشعر بأن الله كان دائما قريبا منى يوجهنى ، ويخلق لى الفرص لأختار ، تاركا الإختيار لى .
كنت شارد الفكر عن حقيقة القرب والحب لله الموحى بها للبشر ، ليس لأننا نستحقها ، ولكنها هناك لمن يطلبها منه سبحانه وتعالى .
لا أستطيع أن أقول بالضبط ، ما معنى هذه الرؤية ، ولكنى أرى فيها فرصة جديدة للثبات على الإيمان .
انتهى الفصل الأول "الشهادة" ... ويتبع الفصل الثانى "القرآن الكريم"