الحذر.. الحذر.. يا أهل الإسلام وحملته
بسم الله الرحمن الرحيم
كلٌ على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتينّ من قبله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن والاه ، وبعد
يا أهل الإسلام وحملته :
إنكم تعلمون علم اليقين أنّ دول الكفر و أعوانها يخوضون حرباً لا هوادة فيها على أمة الإسلام ، حربا لا تبقي ولا تذر ، بالقتل والتشريد ، وبالدعاية والإعلام ، وبالاستغلال والتجيير ، وبنهب الثروات وسرق مكامن القوة في الأمة ، وهذا كله من أجل الحيلولة بين الأمة ورجوعها إلى حال خير أمة أخرجت للناس كما كانت ، وكل هذا من أجل إطفاء نور الله كما قال الله تعالى : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } ، لأنهم أهل باطل يكرهون الحق وأهله حسدا من عند أنفسهم كما بين الله حالهم بقوله تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } ، ولكن أنّى لهم ذلك فقد حكم الملك و قضى ولا رادّ لحكمه وقضائه ، ورفعت الأقلام وجفّت الصحف على قوله : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ، وجفت الصحف على قوله : {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }.
يا أهل الإسلام وحملته :
إن ما يدمي القلب و يورث حسرة في النفس ليس ما تفعله دول الكفر وأعوانها بأمة الإسلام فهم كفرة ومشركون يكرهون الحق و أهله، ولكن ما يدمي القلب ويورث الحسرة في النفس هو ما ظهر من أقاويل وشبهات ما أنزل الله بها من سلطان ، كقول أنّ العمل المادي ويقصد به الجهادي عمل مستغل ومجير وأن الأعمال السياسية لا تجير ولا تستغل ، وأن مآل الأعمال الجهادية يصبّ في مصلحة دول الكفر وأعوانها وذريعة لهم لضرب الإسلام وأهله ، والقول بأنّ الأعمال الجهادية لا تقطع أرضاً ولا تبقي ظهراً وغيرها من الأقاويل .
ومحصلة هذه الأقوال وغيرها يقصد منها صرف النظر عن الأعمال الجهادية و قصرها فقط على الأعمال السياسية ، وهذه الأقوال ليس لها حجة ولا دليل من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل به أحد من علماء السلف .
فالعمل الجهادي لازم كالعمل السياسي ، وكلاهما مفروض على أمة الإسلام ، فالعمل السياسي بالصراع الفكري والكفاح السياسي واجب لإقامة دولة الإسلام ، جادل به من جادل، وخاصم له من خاصم ، فهو طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجد به سلطان الإسلام ، فعزّ الإسلام وساد ، والعمل الجهادي كذلك مفروض سواء كان لنشر الإسلام بعد إيجاد دولته أم للدفع عن بلاد الإسلام سواء وجدت دولته أم لم توجد ، فلا يشترط الدفع بدولة الإسلام ، والأدلة عليه مستفيضة من كتاب الله وسنة نبيه صلوات ربي عليه وسلامه ، جادل به من جادل، وخاصم له من خاصم ، فلا يُعطّل مشروع الدولة بفرض الجهاد ، ولا يُعطّل كذلك فرض الجهاد بالعمل السياسي لإيجاد الدولة ، فكلاهما شرع من الله .
إنّ شبهة القول بأنّ العمل المادي ويقصد به الجهادي عمل مستغل ومجير وأن العمل السياسي لا يجير ولا يستغل قول باطل لا دليل عليه ، بل إن الواقع يضرب به ، فالعمل السياسي يستغل ويجير كالعمل المادي ، كلاهما يحاول الكافر استغلاله وتجييره ليخدم مصلحته وينفذ مشاريعه وخططه ، وأحداث مدينة أنديجان ليست بالبعيد ، فاستغلت أعمال حملة الإسلام وما توصلوا إليه من قاعدة شعبية من قبل الكفار وأعوانهم إلى ضرب المسلمين ضربة شديدة مؤلمة في المدينة ، وكذلك استغل الكفار وأعوانهم تصريحات حملة الإسلام ضد يهود إلى إلصاق تفجير السفارة ( الإسرائيلية ) بهم و بأعمالهم ، بل لا يحدث تفجير في المنطقة ( أي منطقة آسيا الوسطى ) إلا و أشير بإصبع الاتهام إليهم ، وكذلك تصريحات حملة الإسلام في أوروبا استغلت من قبل الكافر بإلصاق تهمة ( معاداة السامية ) بهم مما أدى ذلك إلى منع نشاطاتهم في ألمانيا وغيرها من دول أوروبا ، وقد يستغل العمل لإيجاد دولة الإسلام من قبل الكفار وأعوانهم بإيجاد دول تلبس لباس الإسلام للتلبيس على أهل الإسلام كما حدث ذلك في الماضي ، وغيرها الكثير.. الكثير.. ، فكلما زادت أعمال حملة الإسلام المخلصين أدى ذلك بالكافر إلى محاولة استغلال الأعمال وتجييرها فينجح في بعضها ويفشل في البعض الآخر ، كالأعمال المادية سواء بسواء ، ولكن هذا كله لا يعني الكثير ، بل الذي يعنينا هل هذا الاستغلال والتجيير للعمل يعيب صاحبه ؟ وهل يضر به ؟ وهل مآله إذا كان ينتفع به الكافر يحرم العمل ؟ الجواب كلا وألف كلا .
فأعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة استغلت من قبل الكفار لتشويه سمعة الإسلام، فقيل عنه أنّه ساحر وكاهن وأنّ دعوته تفرّق بين الزوج وزوجته ، وبين الولد وأبيه ،وبين الولد وأمه ، وكذلك آلت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى جعل الكفار يزيدون في المؤمنين تعذيبا وتقتيلا وتشريدا ، ولم يكتف الكفار بذلك فعمدوا إلى أحكام الله يحرفونها عن موضعها كما قالت اليهود إنّ إله محمد فقير يطلب المال تعليقاً على قول الله تعالى : {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } قاتلهم الله أنّى يؤفكون ، ولم يكتف الكفار بذلك فقد استغلّوا ما فعله صحابة رسول الله رضوان الله عليهم وهو قتالهم في الشهر الحرام ، فقالوا محمد وأصحابه انتهكوا حرمة الشهر الحرام ، فردّ الله عليهم بقوله : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ، وغيرها الكثير.. الكثير.. ، فهل عاب ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته كي يعيبنا هذا الأمر ؟ كلا والله وحاشا عنه ذلك وعن أصحابه ، فهم أهل الحق وأصحابه ، وهم الأتقياء الأنقياء ، توكلوا على ربهم فكفاهم ، قال تعالى : {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }.
يتبع................
|