<br><br>
دُروسٌ في العَقِيدَة
<br><br><br>
(مِنْهَاجٌ مُعَدٌّ للمُجَاهِدينَ في سَبِيلِ الله)
<br><br>
أعَدَّ هذه الدروس/ عبد العزيز بن محمّد (أبو أسامة العراقي)
<br><br>
الدرس الخامس
<br><br>
(ذو القعدة 1427 للهجرة)
<br><br>
تنبيه: مِن باب الصدق والأمانة فإنّي كثيراً ما أسوق كلام العلماء دون العزو إليهم، وقد أذكره معزواً إلى قائله فاقتضى التنبيه.
<br><br>
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيّئات أعمالنا.مَن يهده الله فلا مُضلّ له،ومَن يُضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم.
أمّا بعد.
<br><br>
ألإقرار بتوحيد الربوبيّة وحده لا يكفي في حصول الإسلام
<br><br>
بيّنا في الدرس السابق معنى توحيد الربوبيّة، وذكرنا أنّ هذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة مِن بني آدم، ثمّ بيّنا مسألة في غاية الأهمّية وهي أنّ توحيد الربوبيّة يستلزم توحيدَ الإلهيّة، وإفرادَ الله تعالى وحده بالعبادة والقصد.وهو سببٌ لتوحيد الإلهيّة ودليلٌ عليه، كما يحتج الله تعالى به في القرآن على المشركين.
فتوحيد الربوبيّة حقٌّ لا ريب فيه، ولا بدّ منه، ولكنّ الإقرار به وحده لا يكفي في حصول الإسلام، وليس الإقرار به هو الغاية التي يُنتهى إليها، فقد أقرّ به طوائف بني آدم حتّى مشركو الأمم الذين كذّبوا الرسل كما سبق.
<br><br>
ومِن هذا نعلم ضلال أهل الكلام ومَن وافقهم مِن الصوفيّة ونحوهم الذين جعلوا الإقرار بتوحيد الربوبيّة هو الغاية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (مجموع الفتاوى) (2/31):
(وكلّ واحد مِن وحدانيّة الربوبيّة والإلهيّة وإنْ كان معلوماً بالفطرة الضروريّة البديهيّة، وبالشرعيّة النبويّة الإلهيّة، فهو أيضاً معلومٌ بالأمثال الضروريّة التي هي المقاييس العقليّة.
لكن المتكلّمون إنّما انتصبوا لإقامة المقاييس العقليّة على توحيد الربوبيّة، وهذا مما لم ينازع في أصله أحدٌ مِن بني آدم، وإنّما نازعوا في بعض تفاصيله، كنزاع المجوس والثنويّة والطبيعيّة والقدريّة، وأمثالهم مِن ضلال المتفلسفة والمعتزلة، ومَن يدخل فيهم، وأمّا توحيد الإلهيّة [فهو] ++ الشرك العام الغالب الذي دخل مَن أقرّ أنّه لا خالق إلا الله، ولا ربّ غيره، مِن أصناف المشركين، كما قال تعالى (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) [يوسف: 106] كما قد بسطنا هذا في غير هذا الموضع)انتهى.
<br><br>