10-04-2006, 07:04 PM
|
Banned
|
|
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
|
|
***
وعلى الرغم من ذلك ينبغي شرح معاني الايات ومنطوقها وتطبيقها على الواقع بما تحمل وما ينبغي ان تدفع اليه من امر وقول وعمل والاية هنا ان تقرن وتقرا كاملة وبحسب المعنى الكامل لها واسباب نزولها هكذا :
{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } [ الرعد : من الآية 11]
وقد وردت الاية الكريمة في صيغ مختلفة ايضا و تنص جميعها على ان هذه المعاصي التي انتشرت والمنكرات التي فشت لا عاقبة لها إلا زوال النعمة و الهزيمة ؟ ولاتفشوا المنكرات الا حين يغيب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (اي يغيب الحارس الشرعي للامة ) كما هو حال المسلمين في القرن الماضي .وبالتالي تصبح الامة رهنا لعواصف الشيطان ومكره وجنوده الذين يعيثون فسادا بلا رادع ولا مقاوم ولا مجابهة ولا جهاد ... وهو واقعنا اليوم اجمع نحن (المسلمون ) !
قال الطبري في تفسير ( ج: 13 ص: 121) وقوله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم يقول تعالى ذكره إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضا واعتداء بعضهم على بعض فتحل بهم حينئذ عقوبته وتغييره .
فالمعاصي تضعف العبد أمام عدوه بل وأمام نفسه ، و من الدروس الغالية التي خرج بها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة أحد : وهي أن المعصية من أكبر عوامل الهزيمة ،قال ابن القيم رحمه الله ( زاد الميعاد جـ 3 ص:196) فصل في ذكر بعض الحكم والغايات المحمودة التي كانت في وقعة أحد :ـ فمنها : تعريفهم سوء عاقبة المعصية ، والفشل ، والتنازع ، وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك ، كما قال تعالى : { ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين } [ آل عمران : 152]
فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول ، وتنازعهم ، وفشلهم ، كانوا بعد ذلك أشد حذرا ويقظة ، وتحرزا من أسباب الخذلان..
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سمة تميز بها المسلمون عن غيرهم من البشر والأقوام، والمتتبع لأيات القرآن الحكيم وسنة المصطفى يجد أن هذه يجب أن تكون سجية من سجايا الأمة الإسلامية لا تتركها بحال ولا تتخلى عنها مهما كثرت النوازل وضاق الحال . ويجب أن تكون سجية وصفة تلازم كل مسلم على أي حال .
ولقد ضرب لنا السلف الصالح أروع الأمثلة في الثبات على الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما كلفهم ذلك ومهما كانت النتيجة وهم كثر . ولعل العلماء هم أبرز من جسد المثال وحق لهم وهم ورثة الأنبياء . ومن هؤلاء العلماء الذين تمسكوا بالحق وثبتوا عليه أمام حكام زمانهم وفي أحلك الأوقات أمثال سعيد بن جبير والحجاج الثقفي، بين حطيط والحجاج، بين سعيد بن المسيّب وهشام بن اسماعيل، بين أبي حازم وسليمان بن عبد الملك، بين مكحول ويزيد بن عبد الملك، بين الحسن البصري والحجاج الثقفي، بين الأوزاعي وعبد الله بن علي وغيرهم الكثير .
فقد جيىء بالعالم حطيط الزيات إلى الحجاج, فلما دخل عليه..
قال: أنت حطيط.
قال: نعم.
قال حطيط: سل عمّا بدا لك, فاني عاهدت الله عند المقام على ثلاث خصال: ان سئلت لأصدقن, وان ابتليت لأصبرن, وان عوفيت لأشكرن.
قال الحجاج: فما تقول فيّ؟.
قال: أقول فيك أنك من أعداء الله في الأرض تنتهك المحارم وتقتل بالظنة.
قال: فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان؟
قال: أقول أنه أعظم جرما منك, وانما أنت خطيئة من خطاياه.
فأمر الحجاج أن يضعوا عليه العذاب, فانته به العذاب الى أن شقق له القصب, ثم جعلوه على لحمه وشدوه بالحبال ثم جعلوا يمدون قصبة قصبة, حتى انتحلوا لحمه, فما سمعوه يقول شيئا, فقيل للحجاج أنه في آخر رمق.
فقال: أخرجوه فارموا به في السوق.
قال جعفر (وهو الراوي): فأتيته أنا وصاحب له, فقلنا له: يا حطيط ألك حاجة؟.
قال: شربة ماء.
فأتوه بشربة ثم استشهد, وكان عمره ثماني عشرة سنة رحمه الله.
(الحياء الجزء الخامس ص 54).
وهذا موقف لمكحول يرينا كيف كان قلبه مطمئن بتقوى الله ولا يخشى الحكام في الله. فقد جلس التابعي الجليل مكحول عالم أهل الشام في مجلسه يلقي درسه كعادته وحوله طلاب العلم يأخذون عنه, اذ أقبل الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك في زينته وتبختره وجاء الى حلقة مكحول, فأراد الطلاب أن يوسعوا له.
فقال مكحول: دعوه يتعلم التواضع.
(سير أعلام النبلاء 5\150).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية وهو من المعلوم من الدين بالضرورة لكثرة أدلته واستفاضتها. وهو مراتب وأعلاها أمر الحاكم ونهيه .
والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جداً، ولنذكر منها ما يناسب هذا المقام. عن حذيفة ابن اليمان أن النبي قال: " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليوشكن اللّه أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم" (رواه أحمد والترمذي).
وعن عائشة قالت: سمعت رسول اللّه يقول: "مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم" (رواه ابن ماجة).
وفي الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول اللّه : "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، رواه مسلم.
وعن النبي قال: "إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها، كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها، كان كمن شهدها" (رواه أبو داود).
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه قام خطيباً فكان فيما قال: "ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول الحق إذا علمه"، فبكى أبو سعيد، وقال: قد واللّه رأينا أشياء فهبنا.
وفي الحديث قال رسول اللّه : "افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة).
وعن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول اللّه متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم" قلنا يا رسول اللّه وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: "الملك في صغاركم، والفاحشة في كباركم، والعلم في رذالكم" قال زيد: تفسير معنى قول النبي والعلم في رذالكم: إذا كان العلم في الفساق (رواه ابن ماجة) .
حدثنا رافع بن أشرس المروزي، حدثنا حفيد الصفار، عن إبراهيم الصايغ، عن عطاء، عن جابر -رضي الله تعالى عنه-، عن النبي قال"سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قال إلى إمام جائر، فأمره، ونهاه، فقتله".
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قاعدة من القواعد التي بها يصان المجتمع وهي من ضمانات تطبيق الإسلام .
ففي صحيح البخاري والترمذي عن النعمان بن بشير عن النبي قال: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا". ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة. وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال : "إن اللّه لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه، فلا ينكرونه، فإذا فعلوا ذلك عذب اللّه الخاصة والعامة" (رواه أحمد).
وعن رسول الله أنه قال: "كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعننكم كما لعنهم" وخرجه الترمذي أيضا.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله "ان بني اسرئيل لما عملوا الخطيئة نهاهم علماؤهم تعزيرا، ثم جالسوهم وآكلوهم وشاربوهم كأن لم يعملوا بالامس خطيئة، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض، ولعنهم على لسان نبي من الانبياء، ثم قرأ رسول الله : والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، ولتأطرنهم على الحق أطرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، وليلعننكم كما لعنهم".
ولقد وصف الله الأمة الإسلامية بأنها خير أمة أخرحت للناس لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله . :﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾. آل عمران (111).
وهي صفة أرادها الله لعباده المؤمنين وطلب منهم ان تكون عملهم الدائم . : ﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ آل عمران (114) وقال : ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾. التوبة (71)
وأوجب عليهم أن يقيموا أحزابا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، :﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾.آل عمران (104).
آخر تعديل بواسطة لظاهر بيبرس ، 10-04-2006 الساعة 07:10 PM.
|