صرخة عربي

[وائل الردادي]

وقف هذا العربيالمقهور أمام محاكم العالم الدولية، وانتفض بكل ما يعتمل بصدره تجاه هذه الموازين المختلة.. وقال قولته دونما وجل
على الأقل.. هو تكلم وعبّر عما يجول بداخله قبلما يقتله كمداً.. فهل لديك أنت القدرة على..
لا.. ليس الحديث أو الكلام، فهو شيء سابق للأوان..
وإنما فقط اختبر قدرتك على الصبر ولقراءة، ثم اكتشف إن كنت قادراً على تمرير هذه الرسالة لغيرك أم لا؟
----- * * * ----
تحيةً عربيةً من بلادٍ مسلمة
لبّيتُ تجاوزاً دعوتكُم للمحاكمة
دون أن يكونَ لي فيها خصمٌ ولا مخاصمة
لبّيتُها بدافعٍ من حسنِ النيّة وسلامةِ الطوية
وتعاوناً مع سَير التحقيق وتفهماً للمطالبِ الدولية
وأنا الآن أمامَكم وحدي المُتهم
وأنتم على تعدادِكم الخصمُ والحكم
فيا لها من مهزلة لا تستند إلى أصول
والغريبُ في المسألة أن القاتلَ يحاكمُ المقتول
وسيُقررُ في المحصّلة أنني الفاعل وأنتم المفعول
ولكنني في هذه المرحلة فضَلتُ الحضورَ والمثول
لأردَّ بنفسي على الأسئلة بدفاعٍ قد يطول
فهل سأنجو من ظلِّ المِقصلة
وهل سأقفزُ في المجهول
اسمعوني بعد البسملة وبعد الصلاة على الرسول (اللهم صلى على سيدنا محمد)
أسيادي القضاة
يا أصحاب القلوبِ القساة
يا من تستعذبون شعورَ الطغاة
أنتم الآن تتهمونَ العرب بالإرهابْ وتنعتوننا بالـ Terrorism
وتنظرون إلينا نِظرتَكم إلى غراب
وتعاملوننا بالبطش والحزَم
ولا ألومكم في هذا
فأنتم تعتبرونَ أنفسكم سادةَ العالم
تكرهونَ مَن حارب
وتعشقونَ مَن سالم
تُقرّبون مَن طأطأ
وتحقدونَ على من قاوم
تحتقرونَ طالبَ الحق
تحترمون مَن ساوم
وأنتم في سياستِكم أشد غطرسةً وغروراً
من قيصرَ وكسرى وفرعونْ
وإذا ما لمستُم في أدائكم قصوراً
فمن حلفائِكم تطلبونَ العون
استعليتُم واستكبرتُم
وها قد بلغ السيلُ الزُّبى
والله إذا بقيتُم على ما أنتم
لن تقول لكم دولة بعد الآن: مرحباً
أنتم تقفون عكسَ الريح
وتعكسون المُسلَّماتِ والمنطق
ومُعلِّمُكم الأحمقْ يستبيح
كل لسانٍ بالعربية ينطق
وربما لن يستكينَ ويستريح
حتى يحتلَّ بلادَ المشرق
وفوق كل هذا تمارسون سياساتِكم بسماجة
واستعلاءٍ وتعجرف
فإن قال أحدنا: يا رب يا قاضي كل حاجة
تتهمُونَه في دينِه بالتطرف
وإن أكثرَ الدعاء
وحسَّن الدِّيباجة
يملأكُم التخوُّف
وإن سبَّحَتْ ربَّها دَجاجة
حِرتُم معها.. كيف يكونُ التصرف؟
فأنتم تَخشوْن ديننَا ومبادءنا وسياستنا
وتحاولون جَرَّ الضعيف من ساساتنا
وكل من حَلَب في إنائكم فهو الشجاعُ الأبيُّ الحُر
وكلُّ من عَزَفَ عن مبادئكم صار عندكم محوراً للشر
وأتوجه بالحديث لحكامنا وولاةِ أمرنا فأقول
هل ينامُ القطُّ الأليف في حضنِ النَّمرِ الشَّرس
وهل يُصادقُ سمكُ السَّردينِ الضعيف سمكَ القرشِ المفترس
سيأكله على التَّو يا لطيف
فيا أيها العربي احترس
ومِن ثُم نحنُ لا نحبُّ استيرادُ مناهجِكم السياسية
هذا مستحيلٌ ومحال
فلا تُصَدِّروا لبلادِنا خنازيرُكم البرية
على أنها ذُبِحت بالحلال
أوجَعَكُم في أوطانِكم تفجير
وانهار عندكم بُرجان
فما أسرع ما أقمتم النَّفير
على العربِ والإسلام والأفغان
وأعلنُتم الحربَ على الإرهاب
وخصصتُم الشرق الأوسط
وأصبحتُم في هِياجٍ عُسِّراً
كفرسٍ ليس لها مربط
وصارت تصريحاتكم مُحَيِّرة
زلاتُ لسانِكم قذرة
نشراتُ أخبارِكم مُنْكرة
تحليلاتُكم مُفتعلةً مدبرة
معلوماتِكم مزيفةً مزورة
نصفها مَسخرَة والنِّصف الآخر زَعْبَرَة
فلا دِقَّةَ في الخبرِ ولا حِيادْ
تبثونَ ما يروقكم لكم
وتعرضون على العباد
ما يتفقَ ومصالحَكم
ثم إنكم جعلتُم من أنفسكم راعي سلام
وتَجاهلتُم صفاتِ الراعي
وناديتُم بالتعايشِ والوئَام
بين الحملانِ والأفاعي
ومفروضُ بالراعي
أن يسعى لعدم التَّحيُّزِ والانحياز
ولكنكم مُنحازون للأفعى مع درجةِ امتياز
ولا عجبَ في الأمرِ ولا غَرابة
فلكُم بين ظَهْرانينا ولاية
حكّامُها عبارةٌ عن عصابة
وجدت عندكم الحماية
وفي كل ثانيةٍ تُعطونها دبابة
وسلاحاً متفوقاً للنَّكاية
والذي هي ترفضُ استيعابه
ماذا لو رفعتُم عنها الوصاية
والله يا سيدي لولا أنتم وَراءها
لعجنَّاها ودحلناها وخبزناها بالمخبز
ولكننا مُحبطون إِزَاكم وإزاءها
فالعينُ لا تُقَاوم المِخْرَز
لهذا
وعلى سبيلِ الاستعاضة
نطلبُ الموت بدل العار
وسلاحُنا في الانتفاضة
عِصي وسكين وأحجار
أما أنتم يا سيدي القاضي الجليل
فإرهابكم الاقتصادي ما له مثيل
قارتُكُم بالثَّرواتِ مُفعمة
والكلُّ وراءَ دولارِكم مُنْساق
ومؤسساتُكم بالأموالِ مُتخمة
وكلها من قَطْعِ الأرزاق
استوليتُم على النفط والبترول
من الشعوبِ بالصحراء
وشَرهتُم شَرَهِ الغول
وبرعتُم في مصِّ الدماء
وصاحبُ النّفطِ كالمذهول
لا يملكُ رداً للقضاء
وإذا قال لكم ولن يقول:
هذه ثرواتي يا أصدقاء.
ربما قذفتموه بالزَّرْبول
وحَجَرتُم عليه كالسفهاء
والشعوبُ بثرواتها مفجوعة
وأنتم تَمتصُّونها كالدراكولا
وتشفطونَ نِفطها كالبلوعة
وتُقَدمون عِوضاً عنه الكوكا كولا
تَسرقونَ من العينِ الكحل
ودائماً على قولةِ هات.
ولهذا ينطبقُ عليكم بالفعل:
الذي استحَى قد ماتْ
تريدون لو تُصبحون
بالعالمِ كلها ميتماً
وأنْ ترَوا سكانَ العالمِ يمشُون بالبوابيش والأَسْمال
كي وقتها تَتَصَدَّقون عليهم ببعضِ المال
وبعدها تُمَنِّون وتُفاخرون بأنكم أصلحتُم الحال
فهل نحن في الاقتصادِ إرهابيون
أو العكسِ يُقال
سيدي القاضي.. سيدي المدعي العام
يا أحفادَ الأنكل سام
تُسرِّحونَ العُمال وتستغنونَ عن العمالة
وتدمجون الشركات الكبرى
وتزدادُ لديكم في كل حال
نسبةُ البطالة، والرزالة، وهلمجرا..
فأنتم أصحاب سياساتِ التَّضييق
والحِصار الاقتصادي
على القريب والبعيد والصفيق
وحليفُكم يشدُّ على الأيادي
أنتم أصحابُ التسليح الجماعي
والتجويع، والفساد المنظم
وفي سبيلِ مجتمعٍ إباحي
تقرِّونَ كل فعلٍ محرم
أما إرهابُكم الاجتماعي
فمعروفٌ ومفضوح
وكل ما نعتبره لا إنساني
هو عندكم مسموح
والدليلُ على هذا الكلام:
لم يحملِ السلاحَ أولادُنا الفوارس
ولا فكّروا في العدوانِ والإجرام
وارتكبوا المجازرَ في المدارس
هذا هو مخزونٌ من العنف
مزروع في رؤوسِ أولادِ العم سام
رشاشاتٌ ومسدساتٌ من كل صنف
ومثلهم الأعلى جيمس بوند وفاندام
ثم إن فضائحَ رؤسائِكم مشهورة
وفضائحُهُم أب تو ديت up to date
تنتهي بمونيكا لوينسكي الأمَّورة
وتَبتدي بووتر جيت Water Gate
وديموقراطياتكم شوربة
قراراتِكم ناقضٌ ومنقوض
تقصفونَ البلدانَ الضعيفة بالقنابل
وتدمرونها دماراً وتدميراً
ثم ترسلون لها قمحَ السنابل
بحجةِ أنكم تُساعدونَ شعبها الفقيرا
سيدي القاضي
أشكرك على عدم مقاطعتي واعتراضي
وحُيِّيت لاستيعابكَ الافتراضي
نحن العرب لسنا أصحابَ ذلِّ ومسكنة
بل أنتم من ابْتُلي بالغطرسةِ والفرعنة
وأمثالُكم في التاريخ كثيرون عديدون
فأين هو كسرى وأين هولاكو أين هتلر وأين نيرون
تريدونَ سيادةَ الكونِ من قطبيه
هاا
وقديماً حَلِمَ الثُّور بحملِ الكرة على قرنيه
ما طارَ طيرٌ وارتفع إلا كما طارَ وقع
والشجرةُ مهما عَلَتْ لا تبلغُ السما
ومصيرُها دائماً حطبٌ للشوا
لا تقولوا: كان هذا قَبلنَا
ونحنُ الآن في القرن الحادي والعشرين
لا تقولوا: قد ينفعنُا علمُنا
وسنسودُ العالمَ إلى يومِ الدين
قال هذا الكلام طغاةٌ قبلَكم
وانتفشوا في قبورِهِم مُمَدَّدِين
قالوا على ما أذكرُ دامَ فضلكم
(مَا هَذَا إلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)
سيدي القاضي:
إن كنتُم تتباهونَ بعلمِكُم
وتحتقرونَ جهلَنا
فأين كنتم عندما سُدْنا العالم
سُدْناه عِلماً وفكراً
ولا يزال اسمنُا منقوشاً في ذاكرةِ العالم
ونحنُ بكلِ فخرٍ دينُنا الإسلام
وليس في الإسلامِ تنكيلٌ وإرهاب
واللهُ من أسمائِه الحسنى السَّلام
وليس للإرهابِ بعدَ اسمِهِ تنظيمٌ وأحزابْ
فمَهْمَا أسرفتُم في مهاجمةِ ديننا
فننصحُكم أن ترتَدِعوا ولا تُسرفوا
لأنَّ كلَّ قوانِينِا نستمدُّها من شرعنا
ورائدُنا في ذلك المُصحف
فإنْ أسرفتُم في النَّيْلِ من ديننا
فبالحفاظِ على ديننا نُسْرِف
نحنُ نحترمُ جميعَ الأديانْ
وليس لدينا عليها أيُّ نِقمَة
هكذا قد علَّمَنا القرآنْ
أن نحترم ما أَمْكَنَ أهلُّ الذِّمة
سيدي القاضي
يا صاحب الحِلْم والصبر والعقل الرياضي
إنني من هنا من قلبِ هذه المحكمة
أقولُ لأثريائنا بالنَّبرةِ المُتَهَكِّمَة
تُغْدقُونَ يا أثرياءْ أموالَكم على المحطاتِ الفَضائيَّة
وتَفْخَرونَ صُبحَ مَساءْ ببرامجِها الدعائيةِ التِّجارية
فهلاَّ أسَّستُم بحقِ الأنبياء محطاتٍ عربيةٍ قومية
لتعرفَ شُعوبَ العالمِ ماهِيّةَ دينِنا وقضيتِنا السياسية
ولتكنْ موجهةً يا أصدقاءْ باللغةِ الإنجليزية
ليفهمَ مَن في الأرض ومَن في السماءِ عَدالةَ قَضِيّتنا العربية
محطاتُ الغربِ تُسابقنا
وتعرضُ كل ما يُشوّهنا
تبُثُّ الذي قد يُضايقُنا
وتحذف كلَّ ما يُشَرِّفُنا
تظنُّ الشعوبُ الغربية بأنَّنا راكبوا حميرٍ وبغال
وبأن مُيولنَا إرهابيِّة
وبأننا مَن يذبحُ الأطفالْ
أسِّسُوا من زكاةِ أموالِكُم محطاتْ
وأسهموا في نشرِ المعلوماتِ الصحيحة
وأكثروا من الشَّرحِ والتفصيلِ واللَّقطات
عن العربِ وحضارتِهم وعن فلسطينِ الجريحة
فليس لدينا الكثيرُ من القنواتْ
وإن وُجدت فهي بالفائدةِ شَحِيحة
سيدي القاتل.. عفواً سيدي القاضي
السادةَ الحلفاء
أي دفاعٍ منطقي
سوف يُبري ساحتي
ثم أَنْجُو من قرارٍ أحمقٍ
إن حَكَمْتُم فاشنقوني أو إذا لم أُشْنقِ
حَسْبي الآن بأنِّي لم أُفَاخِر بالسكوتِ المُطْبقِ
***
طبعاً كان الحكم حاضراً:
لبْسُوه بِيجَاما حَمرا وخُذوه على جوانتانامو