حوار خاص مع landles
يا landles:
أنت تقول في المنتدى الإسلامي كلاما يدل على عدم إيمانك بالله وبخالق للكون، وبمدبر له، وبأن الكون خلق صدفة، وتتهجم على جميع الرسالات السماوية، وتقول بأن أهل اليابان وغيرهم من المشركين عبدة الأوثان والنيران والبقر يعيشون أفضل من المؤمنين بالله، وتتهجم على كلام عيسى عليه السلام فتقول إنه "لا يثمنه المنطق الاصطفائي الطبيعي"…. وكل كلامك هذا يدل على أنك لا تؤمن بالله ولا بنبي ولا بديانة ولا برسالة….. فإذا جئنا إلى المنتدى السياسي وجدنا الأستاذ landles شخصا آخر يؤمن بالنبي الفلسطيني، ويحتفل بأعياد الميلاد ويهنئه المسلمون في المنتدى بأعياد الميلاد، وتحاول أن تنسب نفسك زيفا إلى النصارى الغساسنة أو المناذرة….. يعنى أنك هناك تؤمن بالله وبالأنبياء وبالكنيسة….. وقد حيرتنا… فالسؤال الموجه إليك قبل أن نتحاور في أي شئ آخر: هل تؤمن بالله وبالخالق وبالأنبياء الذين يتلقون الوحي من الله أم لا؟؟؟ فأنت بين أحد شخصين: إما نصراني مؤمن بوجود الله والأنبياء الذين ذكروا في الكتاب المقدس جميعهم ، أو علماني لا تؤمن بوجود الله وبأن الكون خلق صدفة وبأن كلام الأنبياء لا يصلح الآن وغير ذلك من أقوالك . وهناك شخصية ثالثة وهي التي قد ذكرتها أنا من قبل، وهي الشخصية النصرانية التي لم تستطع الثبوت أمام الموجة العلمانية الزاحفة منذ حوالي ثلاثمائة عام، والتي عليها بصمات يهودية صهيونية… فهذه الشخصية تذهب إلى الكنيسة يوم الأحد أحيانا وفي أعياد الميلاد، ولكن بقية الأسبوع وبقية السنة تقول بالنظرية العلمانية: لا إله إلا المادة. فاختر أي شخصية من هذه الشخصيات الثلاثة قبل أن تكتب أي كلمة أخرى حتى نستطيع أن نعرف شخصية من نحاوره….وعلى أي أساس نحاوره ؟ وأرجو أن تذكر عقيدتك لنا….
إنك تقول أن ديكارت يقول كذا:" (أنه يفكر إذن هو موجود). فأي دليل عندك يثبت بأن هذا الشخص يقول هذا الكلام؟….إن أي دليل تأتي به لتثبت بأن هذا الشخص يقول هذا الكلام لهو نفس الدليل على أن الله عز وجل أنزل الكتب السماوية. فكما أن هذا الشخص نسب الكتاب إلى نفسه، فكذلك قال الله:"إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون". وإن شهد جمع غفير على أن ذلك الشخص قد كتب هذا ونقلوه في كتبهم، فقد شهد جمع أكبر على أن الكتب السماوية أنزلها الله على الأنبياء، ونقلوا كلامه في كتب أكثر من الكتب التي نقلت عن ذلك الشخص، وقام الآلاف من البشر بتفسيره واستخراج أحكامه والملايين بحفظه وتعلمه وتعليمه في كل العصور منذ أن نزل من السماء وحتى عصرنا هذا، وليس هناك كتاب على وجه الأرض محفوظا في الصدور مثل القرآن الكريم منذ أن نزل وحتى هذا الوقت، وليس هناك كتاب يقرأ ويرتل من هذا الكم من البشر مثل القرآن الكريم…. من العجيب أن تصدق بنسبة أي كتاب إلى أي كاتب ولا تحاول أن تصدق
-ولو بنسبة ولو افتراضا- نسبة كتاب ربك إليه سبحانه وتعالى، وهو من خلق السماوات والأرض وعقوبته أشد من عقوبة أمثال ديكارت إن أنكر أحدهم نسبة الكتب إليهم…..
ومنهج الشك عند ديكارت الذي أضل به اليهود النصارى وأضلوا به كثيرا من المسلمين، أصبح صاحبه الآن أولى بالشك فيه من الله… وجوابكم سيكون:إن ديكارت كتب شيئا، ونقل عنه الناس شيئا فلا بد أنه كان موجودا…… وردنا سيكون: إن الله عز وجل أنزل كتبا وأرسل أنبياء ونقل الناس عنهم وعن كتبه الكثير فلا بد من أنه عز وجل موجود….
وفي القرآن الكريم ما يكفي للرد على نظرية الشك عند ديكارت… ولكن هناك خطأ في تطبيقها عند الكثير وهو أنه لا يريد تطبيقها إلا على الإلهيات فقط، وهناك من الأمور الظاهرة الملموسة المحسوسة ما يدل على الغيب….
وتكون النظرية : أنا أفكر إذن أنا موجود، وأنا موجود إذن فالله موجود….
فلماذا هنا استخدمت العقل في نسبة كلام ديكارت إليه، ولم تحاول استخدام العقل في قضية أخطر وأعظم من ذلك وهي وجود الله وعقابه وثوابه وناره وجنته… أنت كمثل من يجد ويجتهد في اللهو واللعب، ثم يهزل ويهزأ في الجد أمام النار والمخاطر والأهوال والنتائج العظام….. فالله الخالق البارئ عز وجل وعقابه وثوابه أهون عليك من ديكارت وغيره؟…
سيادتك عندما ناقشت الإخوة الأفاضل في المنتدى أول مرة في صفحة "لا أدين بدين الإسلام" ذكروا لك كلاما، فرددت إن كلامكم نصي، فرفضت النصوص، فلماذا هنا تعترف بنص لديكارت، وقد رددت نصوص ربك وخالقك ومولاك؟….. ثم: لما ناقشناك مناقشة عقلية: أخرت "الوعي" عن المادة، ولم تعترف بوجود الوعي في إثبات المادة… فأنت لا تريد أن تتحاكم إلى نص ولا إلى وعي، فأنت بلا نص ولا وعي. فليس لك أي دليل أو حجة لأن الحجة نوعان نص وعقل…
وإذا قلنا بأن الوعي تابع للمادة، والإنسان عبارة عن وعي ومادة، فما الذي يحرك هذه المادة أي الإنسان؟؟؟ المادة أيضا لتحتاج إلى من يحركها، فهل رأيت سيارة تسير بدون قائد، أو كمبيوتر يعمل دون أن يحرك أزراره أحد أو يبرمجه أحد؟….
…ليس هناك إجابة إلا "الوعي" أي العقل، أو الهوى، فتصبح المادة هنا تابعة للوعي لا العكس…. وقد كنت أقرأ آية في القرآن لم أفهمها إلا الآن: { كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء}(سورة البقرة) وآية أخرى:{كأنهم خشب مسندة}(المنافقون)، فالخشب مادة بلا عقل، فلم أفهم تلك الآية حتى ذكرت لي أنت أن هناك أناس قد ألغوا العقل والوعي في الحجة والبرهان، فهذه من الإشارات الفلسفية في القرآن الكريم…..
وعلى كل حال فأنت بوجودك في المنتدى الإسلامي على الحقيقة قد أفدتنا كثيرا جدا، فأنا لم أكن أفكر في تلك الحقائق، ولكن كلامك المؤثر قد فتق في قلبي وعقلي ما لم أكن أفكر فيه قبل، فازددت إيمانا بالله وبوجود الخالق وبعظمته من كثرة التفكير في هذه الأمور… وأنا عندما قرأت مقالتك افترضت صحتها جدلا حتى أصل إلى الحقيقة بعقل ووعي قبل أن أصل إليه بالنص، فلم تكن ظنونك وافتراضاتك بالنسبة للنص وللعقل إلا هباء منثورا….. وكذلك استخرجت أنت-عن قصد أو غير قصد- كثيرا من معاني الإيمان من أقلام الإخوة الأفاضل في المنتدى، فشكرا لك.
وأما قولك:"الدفاع عن السماء". فهذا ليس دفاعا عن السماء فإن بالسماء قوة لأن تدافع عن نفسها، وإنما هذا من باب فعل المأمور من السماء بالدعوة إلى الله لنأخذ عليه ثوابا يوم القيامة، وقد أمر الله عز وجل بالدعوة إليه حتى يقيم الحجة على عباده يوم القيامة، فلا يعذب أحدا إلا وقد بلغته الدعوة: يعنى عندما تقف بين الله تعالى ثم يقال لك يا: landles، أما سمعت عن الله وعن كلامه وعن كتابه وعن نبيه في المنتدى الإسلامي، فتقول نعم سمعت ورأيت وشاهدت كل شئ، فيقال لك لماذا لم تؤمن، فتقول أنت وأمثالك {لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} فتقول أنت وأمثالك :لو كنا نسمع النص أو نفكر بالعقل…. {"ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون".}
أما شتيمة بعض من في المنتدى لك، فبالطبع هذا خطأ، ولكن خطأ أكبر منه شتيمتك لخالقك وخالقهم وخالق الكون -بقولك إنه ليس موجودا أو هناك شك فيه- وتهجمك على كتابه وأنبيائه. تعالى الله عما تقولون علوا كبيرا…. ولو سببت أحدا من الذين يشتمونك لما شتموك ولكنك لما تهجمت على من يحبونه أكثر من حب أنفسهم ومن حب المادة فإنهم لا يصبرون على هذا، فأرجو أن يتسع صدرك لهم ولكلامهم.
ولو سمحت حاول أن تكتب بالفصحى دائما، لأني لا أعرف لهجتك السورية تلك.. وقد ظللت مدة طويلة لا أعرف من هي"ألبي" التي تذكرها في جميع مقالاتك، حتى استخدمت العقل والوعي الذي لا تعترف به أنت كحجة، فاستطعت أن أكتشف بعد مدة أن معناها"قلبي".
__________________
أبو سعيد
|