بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
الأحبة في الله ..سمعت درسا من دروس الشيخ محمد حسان حفظه الله تعالى واعجبت كثيرا بل والله أصبت بدهشة واعجزني كلام قاله ماشاء الله في تفسير شيء ردا عن سؤال لأحد الإخوة..فخطر على بالي وضع هذا الموضوع راجية منكم بعد الله تعالى ان تشاركوني وتتحفوني بإضافاتكم بإذن الله..ومضمونه هو أن نضع مختارات من الكلام لشيوخ وأئمة وعلماء حفظهم الله تعالى ورحم من مات منهم رحمة واسعة برحمته آمين يا رب..
وبسم الله أبدا انا على بركة الله تعالى :
كان هذا ردا للشيخ محمد حسان حفظه الله تعالى على احد السائلين الكرام وسؤاله هو الآتي:
* وسؤالي هو شرحت فضيلة الشيخ أن من أعظم صفات الله سبحانه وتعالى هي الرحمن
والرحيم فهل من الممكن إعادة تفسير هذه الصفات فضلاً لا أمراً ؟
* فقال حفظه الله تعالى:
الرحمن والرحيم اسمان جليلان من أسماء الحق تبارك وتعالى يثبتان صفة الرحمة لله جلّ وعلا .
وقلت : بأننا نثبت لله تبارك وتعالى ما أثبته لنفسه جلّ وعلا من الأسماء الحسنى
والصفات العلى من غير تحريف لا للفظ ولا للمعنى ومن غير تعطيل يعني لا نعطل صفة من
صفات الله تبارك وتعالى يعني لا ينبغي أبداً أن نعطل مثلاً صفة الاستواء فالله جلّ
وعلا يقول ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طـه:5]
فيأتي المعطلة كالجهمية وغيرهم ويقولون لا ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
يعني استولى لتعطيل صفة الاستواء، وهذا خلل في الفهم ونسأل الله سبحانه وتعالى أن
يبصرنا بالحق وأن يتوفانا عليه ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
نثبت لله صفة الاستواء بما يليق بجلاله فنقول ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ استوى كما أخبر وعلى الوجه
الذي أراد وبالمعنى الذي قال استواءً منزهاً عن الحلول والانتقال فلا العرش يحمله
ولا الكرسي يسنده بل العرش وحملته والكرسى وعظمته الكل محمول بقدرته مقهور بجلال
قبضته جلَّ وعلا قال جل جلاله ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ
جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر:67] يقول جهم بن صفوان : لو كان
الأمر بيدي لحككتها من المصحف وجعلتها الرحمن على العرش استولى، ليُلغي أو ليعطل
صفة الاستواء .
﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾[الفجر:22] يقولون : وجاء أمر ربك لإلغاء أو لتعطيل صفة التنزل
أو نزول الحق تبارك وتعالى، لا ، الله جلّ وعلا يتنزل كل ليلة إلى السماء الدنيا
حين يمضي ثلث الليل الأول تنزلاً يليق بكماله وجلاله وهكذا، فكل اسم وكل صفة أثبتها
الله لذاته وأثبتها نبيه صلى الله عليه وسلم له فنحن نؤمن بها من غير تحريف للفظها
ولا لمعناها ومن غير تعطيل أو تشبيه أو تمثيل . فمن أعظم الأصول أننا لا نشبه الحق
تبارك وتعالى في أسمائه وصفاته بالمخلوقين فالله يتكلم وأنا أتكلم لكن هل كلامي
ككلام الحق تبارك وتعالى ؟
الله يعجب وأنا أعجب لكن هل تعجبي كتعجب الحق تبارك وتعالى ؟
الله يغضب وأنا أغضب لكن هل غضبي كغضب الحق تبارك وتعالى ؟
اقطع الطمع في إدراك كيفية الذات، وأنا أضرب مثالاً لهؤلاء الذين يريدون أن يفلسفوا
حتى هذه المسائل العقدية فلسفة عقلية وأقول هل ينكر صاحب عقل رشيد أن عالماً يسمى
بعالم النمل يعيش بيننا؟
والجواب : لا، لا ينكر عاقل رشيد أن النمل يعيش معنا لأننا نرى النمل .
السؤال الثاني هل ينكر عاقل أن للنمل لغةً يتكلم بها ؟
والجواب : لا، بل للنمل لغة بدليل أنك ترى النملة إن عجزت عن حمل لقمة خبز كبيرة
ذهبت فأتت بسرب من النمل فحملوا هذه اللقمةَ معها .
والقرآن يثبت صفة الكلام للنمل ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ
قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾[النمل:18]
الآيات .
السؤال الثالث : هل طمع عاقل أن يأتي بمكبر صوت عبر كاسيت ووضعه يوماً بين مجموعة
من النمل ليسجل لغة النمل ؟
والجواب : لا، لم يطمع عاقل في ذلك، قطع العقلاء الطمع في إدراك كيف يتكلم النمل
أفنقطع الطمع في إدراك كيف يتكلم النمل وهو من خلق الله ولا يقطع الطمع في إدراك
كيف يتكلم الله وهو الخالق .
فاقطع الطمع في إدراك كيفية الذات، فالله تبارك وتعالى له أسماء نثبتها وله صفات
نثبتها، بما يليق بكماله وجلاله تبارك وتعالى قال جلّ وعلا ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11] فالاسمان الجليلان يثبتان صفة
الرحمة لله تبارك وتعالى، وهي من أجلِّ صفات الله، ومن أعظم صفات الحق تبارك
وتعالى، ورحمة الله لا تحدها حدود، ذكرت بعض الأدلة، أذكر دليلاً جديداً في هذا
الباب أيضاً ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال ( إن الله تعالى جعل الرحمة مائة جزء ) الله الله الله ( إن الله تعالى
جعل الرحمة مائة جزء فأنزل إلى الأرض جزءاً واحداً وأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً )
اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ! أنزل إلى الأرض جزءاً واحداً ، يقول النبي صلى الله
عليه وسلم ( فمنه ) أي فمن ذلك الجزء قال ( فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترى
الدابة ترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبة ) انظر إلى الرحمة، يعني رحمة النبي صلى
الله عليه وسلم جزءٌ من جزءٍ من مائة جزء من رحمة الله لأن الله أنزل من رحمته إلى
الأرض جزءاً من هذا الجزء رحمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحمة الأم بولدها،
رحمة الطبيب بمريضه، رحمة الغني بالفقير، رحمة القوي بالضعيف، كل صورة من صور
الرحمة تلمسها وتراها في الكون إنما جزءٌ من جزءٍ من مائة جزء من رحمة الرحمن
الرحيم جلّ وعلا نسأل الله أن يجعلنا أهلاً لرحمته وفضله .
زاده الله علما وحكمة وحفظه ورفع قدره في الدارين برحمته آمين يا رب.
بانتظار مشاركاتكم أيها الإخوة والأخوات إن شاء الله
وفي امان الله