مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 08-09-2003, 10:45 PM
المناصر المناصر غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
المشاركات: 396
إفتراضي د.الأهدل: سبب الجريمة (8) الحكم على الفعل بأنه جريمة.. أو غير جريمة..

سبب الجريمة.. الحلقة ( 8 )

الحكم على الفعل.. بأنه جريمة إو غير جريمة..

المقصود هنا بيان من له الحق في الحكم على فعلٍ مَّا.. بأنه جريمة أو غير جريمة؟

إن الناس متفقون في الجملة على أن الأفعال التي يجب فيها الجزاء، هي التي تقتضي المصلحة اجتنابها، لما فيها من المفاسد العائدة على المجتمع..

ولكن من الذي يحدد المصلحة التي تجب حمايتها، والمفسدة التي يجب درؤها؟

والجواب على ذلك أن يقال: إن المقام لا يخلو من أحد أمرين:

الأمر الأول: أن الجهة التي تحدد المصالح وطرق حمايتها والمفاسد، هم البشر..

الأمر الثانى: أن الذي يحدد المصلحة وطرق حمايتها، أو المفسدة وطرق درئها، هو خالق البشر.

فهل يمكن للبشر أن يحددوا المصلحة العامة للجميع وطرق حمايتها، والمفسدة الضارة للجميع وسبل درئها، ويكون تحديدهم لذلك واقعا موقعه من العلم التام بالمصالح والمفاسد، وسبل الحفاظ على الأولى، وطرق الوقاية من الثانية، ومن العدل الذي يساوي بين الناس في التحريم والتحليل والعقاب، والتجرد عن الهوى الذي يحلل صاحبه ويحرم تبعا له؟

إن الواقع يشهد بأن البشر لا قدرة لهم على تحديد المصالح والمفاسد من عند أنفسهم – أعنى المصالح العامة ـ التي يعود نفعها على الناس كلهم، والمفاسد العامة كذلك التي يعود ضررها على الناس كلهم..

وقد يقدرون على تحديد بعض المصالح والمفاسد التي للعقول في معرفتها مجال، أو بسبب التجارب التي تتراكم في مسيرة حياة البشر، فيعرفون بها ما فيه مصلحة وما فيه مفسدة...

ولكن تلك القدرة تظل محدودة، لا يمكن أن تصل إلى ما يعلمه الخالق سبحان، وذلك بسبب جهلهم بغير وقتهم الذي عرفوا فيه المصلحة والمفسد، إذ قد يأتي زمان تنقلب فيه المصلحة مفسدة والمفسدة مصلحة، وبسبب بيئتهم وظروف حياتهم التي عرفوا فيها المصلحة والمفسد، فقد تكون المصلحة في غير بيئتهم مفسدة، والمفسدة مصلحة.

وبسبب الظلم الذي لا يخلو منه إنسان لا يضبطه الإيمان الصادق، فقد يعلم الإنسان أن في هذا الأمر مصلحة أو مفسدة، ولكنه يفقد العدل فيجعل المصلحة مفسدة والمفسدة مصلحة، ويعامل الناس على أساس ذلك، بسبب ظلمه.

وبسبب الهوى الذي قلما تجد أحداً سالماً منه إلا من عصمه الله، فيجعل المصلحة مفسدة، والمفسدة مصلحة تبعا لهواه...

والذي يتأمل أحوال العالم في تاريخه الطويل، يتبين له هذا الأمر من تصرفات الدول والأحزاب والجماعات والأفراد الذين لم يتقيدوا بشرع الله تعالى، حيث تجد ما تزعمه طائفة مصالح أو مفاسد وتضع له التشريعات والقوانين، وتعامل غيرها بناء على ذلك، تجد ما زعمته تلك الطائفة مصالحة، هو مفاسد على غيرها، وما زعمته مفاسد عليها، هو مصالح لغيرها...

وكذلك يضع البشر الذين لم يلتزم بمنهج الله، قوانين عقوبات على جرائم معينة، يظنون أنها مناسبة لها، في عظمها وصغرها، وأنها كافية لقطع دابر مرتكبيها، فيتبين أنها غير مناسبة، إذ قد تكون العقوبة أقل مما تقتضيه الجريمة أو أكثر مما تقتضيه، وقد يجدونها غير رادعة المجرمين عندهم....

أما الخالق سبحانه، فهو الذي أحاط علمه بكل شيء أزلاً وأبداً، فهو الذي يعلم علماً تاماً مافيه مصلحة ووسائل حفظه، وما فيه مفسدة ووسائل درئه..

كما أنه تعالى هو المبرأ من الظلم مطلقا، المتصف بالعدل المطلق الذي لا يحابي معه أحداً، ومن الهوى الذي لا يثبت صاحبه على حال..

فهو سبحانه الذي يحدد المصلحة والمفسدة، والعقاب الرادع لمن أراد ارتكاب المفاسد أو المساس بالمصالح.

ويترتب على ذلك ثبات أحكام الله واستمرارها، ولو تغيرت المجتمعات والحكام وتبدلت الأنظمة، لأن أحكام الله صالحة لكل زمان ومكان ولجميع البشر، كما يترتب على ذلك احترام الناس لها، لأنها لم يضعها فرد أو حزب أو حاكم لمصلحة خاصة به يُضَرُّ بها الآخرون..

وإنما وضعها الله لمصلحة الناس كلهم، لا فرق بين حاكم ومحكوم وأمير ومأمور وغنى وفقير.

ويترتب على ذلك حفظ المصالح الحقيقية التي أساسها الدين والأخلاق الفاضلة المنبثقة عنه، بحيث لا توجد مصلحة إلا أقرتها وشرعتها وشرعت ما يحميها، ولا مفسدة إلا حرمتها وشرعت مايدرأ خطرها، إما بالنص وإما بالاجتهاد والاستنباط.

وبذلك تكثر الأفعال التي تنص الشريعة على تحريمها، ويقل ارتكابها في المجتمع الذي يطبق الاسلام، وترتفع القيم الروحية فيه.

ويترتب على ذلك المساواة بين الناس في التحريم والعقاب، فلا يخاف أحد أن يحرم عليه ما أحل لغيره، أو يعاقب على فعل ينجو منه سواه، أو يشدد عليه العقاب ويخفف على غيره، اتباعاً للهوى وإمعانا في الظلم.

وعلى خلاف هذا كله تكون القوانين البشرية، فقد تحرم أفعالاً لا مفسدة في تعاطيها في واقع الأمر، بل المصلحة في تعاطيها والمفسدة في تركها..

وهو ما فعلته الدول الملحدة التي حظرت على الناس التدين، ومنعت المسلمين من رعاياها من قراءة القرآن وإظهار شعائر الدين، وعلى رأس تلك الدول الاتحاد السوفييتي المنهار...

كما أن أحكام القانون غير ثابتة، إذ قد يحل هذا أمراً ويحرم آخر، فإذا ذهب وخلفه آخر أحل ما حرمه الأول وحرم ما أحله وهكذا الهيئات والمنظمات.

ويفقد الناس في ظل القوانين البشرية المساواة والعدالة.. إما بصريح القانون وإما بالتحايل عليه في التحريم والعقاب وغيرهما.. [راجع التشريع الجنائي الإسلامي لعبد القادر عودة (1/310ـ315)].

ونواصل في الحلقة القادمة إن شاء الله..
__________________
إرسال هذه الحلقات تم بتفويض من الدكتور عبد الله قادري الأهدل..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك..
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م