مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-03-2006, 10:37 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
Post تفسير السلف رضي الله عنهم لقوله تعالى " ومن لم يحكم بماأنزل الله " أسلم من عبث الخلف

فتنة التكفير والحكم بغير ما أنزل الله...

قال الامام العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله:


2552- سبب نزول ( ومن لم يحكم بما أنزل الله ) الآية ، وأن الكفر العملي غير الاعتقادي :

إن الله عز وجل أنزل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) و ( أولئك هم الظالمون ) و ( أولئك هم الفاسقون ) قال ابن عباس : (أنزلها الله في الطائفتين من اليهود وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتله ( العزيزة ) من (الذليلة ) فديته خمسون وسقا ، وكل قتيل قتله ( الذليلة ) من ( العزيزة ) فديته مائة وسق ، فكانوا على ذلك ، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويومئذ لم يظهروا ولم يوطئهما عليه وهو في الصلح ، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا ، فأرسلت ( العزيزة ) إلى ( الذليلة ) أن ابعثوا إلينا بمائة وسق ، فقالت ( الذليلة ) : وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد ، ونسبهما واحد ، وبلدهما واحد ، دية بعضهم نصف دية بعض ؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا ، وفرقا منكم ، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم . ثم ذكرت ( العزيزة ) فقالت : والله مامحمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطهم منكم ، ولقد صدقوا ، ماأعطونا هذا إلا ضيما منا ، وقهرا لهم فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه ؛ إن أعطاكم ماتريدون حكمتموه ، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه . فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا ، فأنزل الله عز وجل : ( ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا ) إلى قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الفاسقون ) ثم قال : فيهما والله نزلت ، وإياهما عنى الله عز وجل )

أخرجه أحمد (1/246) والطبراني في ( المعجم الكبير ) (3/95/1) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال : فذكره . وعزاه السيوطي في ( الدر المنثور ) (2/281) لأبي داود أيضا وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردوية عن ابن عباس ، وهو عند ابن جرير في ( التفسير ) ( 12037ج10/352) من هذا الوجه ، لكنه لم يذكر في إسناده ابن عباس . وعند أبي داود (3576) نزول الآيات الثلاث في اليهود خاصة في قريظة والنضير . فقط خلافا لما يوهمه قول ابن كثير في التفسير (6/160) بعد ما ساق رواية أحمد هذه المطولة : ( ورواه أبو داود من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه نحوه) !
وقد نقل عن صاحب ( الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم ) أنه حسن إسناده . ولم أر هذا في كتابه : ( التفسير ) فلعله في بعض كتبه الأخرى
وتحسين هذا الإسناد هو الذي تقتضيه قواعد هذا العلم الشريف ، فإن مداره على عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وهو كما قال الحافظ ) : صدوق ، تغير حفظه لما قدم بغداد ، وكان فقيها ( .
فقول الهيثمي (7/16): ( رواه أحمد والطبراني بنحوه ، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وهو ضعيف ، وقد وثق ، وبقية رجال أحمد ثقات ( .
قلت : فقوله فيه : ( ضعيف ، وقد وثق ) ليس بجيد ، لأنه يرجح قول من ضعفه على قول من وثقه ، والحق أنه وسط ، وأنه حسن الحديث ؛ إلا أن يخالف ، وهذا مما لايستفاد من قوله المذكور فيه . والله أعلم .

فائدة هامة:
إذا علمت أن الآيات الثلاث : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ( فأولئك هم الظالمون ) ، ( فأولئك هم الفاسقون ) نزلت في اليهود وقولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم : ( إن أعطاكم ماتريدون حكمتموه ، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه ) وقد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال : ( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ) ، إذا عرفت هذا ، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين وقضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية ،
أقول : لايجوز تكفيرهم بذلك ، وإخراجهم من الملة ، إذا كانوا مؤمنين بالله ورسوله ، وإن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ماأنزل الله ، لا يجوز ذلك ،
لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور ، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى ، ألا وهي إيمانهم وتصديقهم بما أنزل الله ، بخلاف اليهود الكفار ، فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم : ( … وإن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه ) ، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلا ، وسر هذا أن الكفر قسمان : اعتقادي وعملي. فالاعتقادي مقره القلب . والعملي محله الجوارح. فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع ، وكان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به ، فهو الكفر الاعتقادي ، وهو الكفر الذي لا يغفره الله ، ويخلد صاحبه في النار أبدا . وأما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه ، فهو مؤمن بحكم ربه ، ولكنه يخالفه بعمله ، فكفره كفر عملي فقط وليس كفرا اعتقاديا ، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ، وعلى هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين ، ولا بأس من ذكر بعضها:
1- اثنتان في الناس هما بهم كفر ، الطعن في الأنساب ، والنياحة على الميت . رواه مسلم .
2- الجدال في القرآن كفر .
3- سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر . رواه مسلم .
4- كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق .
5- التحدث بنعمة الله شكر ، وتركها كفر .
6- لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض . متفق عليه .
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لا ستقصائها . فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي ، فكفره كفر عملي ، أي إنه يعمل عمل الكفار ، إلا أن يستحلها ، ولا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم ، لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضا ، والحكم بغير ماأنزل الله ، لا يخرج عن هذه القاعدة أبدا ، وقد جاء عن السلف مايدعمها ، وهو قولهم في تفسير الآية : ( كفر دون كفر(صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم ، ولا بد من ذكر ماتيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة ، ونحا نحو الخوارج الذين يكفرون المسلمين بارتكابهم المعاصي ، وإن كانوا يصلون ويصومون!

1- روى ابن جرير الطبري (10/355/12053) بإسناد صحيح عن ابن عباس : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : هي به كفر ، وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله .
2- وفي رواية عنه في هذه الآية : إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ، كفر دون كفر .
أخرجه الحاكم (2/313) ، وقال : ( صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي ، وحقهما أن يقولا : على شرط الشيخين ، فإن إسناده كذلك .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في تفسيره (6/163) عن الحاكم أنه قال : ( صحيح على شرط الشيخين ) فالظاهر أن في نسخة ( المستدرك ) المطبوعة سقطا ، وعزاه ابن كثير لا بن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار .
3- وفي أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من جحد ماأنزل الله فقد كفر ، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق . أخرجه ابن جرير (12063)
قلت : وابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، لكنه جيد في الشواهد .
4- ثم روى (12047-12051)عن عطاء بن أبي رباح قوله : ( وذكر الآيات الثلاث ) : كفر دون كفر ، وفسق دون فسق ، وظلم دون ظلم . وإسناده صحيح .
5- ثم روى (12052)عن سعيد المكي عن طاووس ( وذكر الآية ) ، قال : ليس بكفر ينقل عن الملة . وإسناده صحيح ، وسعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي ، وثقه ابن معين والعجلي وابن حبان وغيرهم ، وروى عنه جمع .
6- وروى (12025،12026) من طريقين عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس ( وفي الطريق الأخرى : نفر من الإباضية ) فقالوا : أرأيت قول الله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) أحق هو ؟ قال نعم . قال : فقالوا : ياأبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال : هو دينهم الذي يدينون به ، وبه يقولون وإليه يدعون ـ [ يعني الأمراء ] ـ فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا . فقالوا : لا والله ، ولكنك تفرق . قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى ، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تَحَرّجون ، ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك . أو نحوا من هذا ، وإسناده صحيح .

وجملة القول ؛ أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله فمن شاركهم في الجحد ، فهو كافر كفرا اعتقاديا ، ومن لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم ، فهو بذلك مجرم آثم ، ولكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه . وقد شرح هذا وزاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام في ( كتاب الإيمان ) ( باب الخروج من الإيمان بالمعاصي ) ( ص 84-97 بتحقيقي )
، فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق.
وبعد كتابة ماسبق ، رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في مجموع الفتاوى ) ( 3/268) : ( أي هو المستحل للحكم بغير ماأنزل الله(
ثم ذكر (7/254) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ؟ فقال : كفر لا ينقل عن الإيمان ، مثل الإيمان بعضه دون بعض ، فكذلك الكفر ، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه . وقال (7/312) : ( وإن كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق ، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان وكفر ؛ ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة ، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قالوا : كفر لا ينقل عن الملة . وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة .اهـ
المرجع : السلسلة الصحيحة المجلد السادس القسم الأول ص109-116


وقال أيضا في نفس المرجع أعلاه ص 457 :

2704- تفسير آيات ( ومن لم يحكم بما أنزل الله … ) وأنها في الكفار:

قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ، ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) ، قال : وهي في الكفار كلها.
أخرجه أحمد (4/286) : ثنا أبو معاوية : ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : …
قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين .

والحديث دليل صريح في أن المقصود بهذه الآيات الثلاث الكفار من اليهود والنصارى ؛ وأمثالهم الذين ينكرون الشريعة الإسلامية وأحكامها ، ويلحق بهم كل من شاركهم في ذلك ؛ ولو كان يتظاهر بالإسلام ، حتى ولو أنكر حكما واحدا منها . ولكن مما ينبغي التنبه له ، أنه ليس كذلك من لا يحكم بشيء منها مع عدم إنكاره ذلك ، فلا يجوز الحكم على مثله بالكفر وخروجه عن الملة لأنه مؤمن ، غاية مافي الأمر أن يكون كفره كفرا عمليا . وهذه نقطة هامة في هذه المسألة يغفل عنها كثير من الشباب المتحمس لتحكيم الإسلام ، ولذلك فهم في كثير من الأحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون بالإسلام ، فتقع فتن كثيرة ، وسفك دماء بريئة لمجرد الحماس الذي لم تعد له عدته ،
الواجب عندي تصفية الإسلام مما ليس منه كالعقائد الباطلة ، والأحكام العاطلة ، والآراء الكاسدة المخالفة للسنة ، وتربية الجيل على هذا الإسلام المصفى . والله المستعان .
وبهذا ينتهي النقل عن العلامة الألباني رحمه الله.
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
  #2  
قديم 29-03-2006, 11:25 AM
المصابر المصابر غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 3,304
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي


زيطة و زمبليطة

عد لموضوعك هذا و أرنا بعض من علمك الشرعى
و ادفع عن نفسك الكذب و الجهل
ترددون كلام لاتملكون مناقشتة
http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=51494
لا تلقى بمواضيع لا تتابعها .
و هذا موضوع لك أغلقة المشرف لحين عودتك أو لشئ ما ؟؟
http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=51527&page=2

  #3  
قديم 30-03-2006, 04:52 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

واستئصالاً لشبهات مرجئة العصر وأذناب الجهم وبشر المريسي
،بقي أن ننبه الأخ الموحد إلى معنى الحكم بغير ما أنزل الله الذي حكم الله تعالى على أهله بالشرك والكفر المخرج من الملة دون أن يُذكر معه الاستحلال والاعتقاد أو نحوه كقيد لذلك.. وأنه هو عينه التشريع العام والملزم الذي جعله طواغيت العصر حقا لهم ولآتباعهم من الشعب بنيابة برلماناتهم الكفرية، وهو عمل من أعمال الكفر المحض الذي يكفر صاحبه دون أن يقال فيه استحل أو لم يستحل، واعتقد أم لم يعتقد، بخلاف الجور في القضاء والحكم مع التزام الإسلام وشرائعه وعدم تبديل شيء منها.. فهذا فيه التفصيل المشهور المعلوم بين معتقد مستحل أو عاص متبع للهوى أو الشهوة ونحوها.. وهذا التفصيل الأخير يلبس فيه مرجئة العصر وأشياخهم على الأمة وعلى الناس، بتنزيله على النوع الكفري الأول الحاصل من طواغيت العصر فيصورون لهم جريمتهم النكراء هذه على أنها معصية لا يكفر صاحبها إلا بالاستحلال أو الجحود..

فلا بد أن تعرف معنى التشريع الذي هو متعلق بالشرك والتوحيد وتفهم الفرق بينه وبين الحكم المتعلق بالفروع ليزول عنك تلبيس مرجئة العصر والإشكال الذي قد يقع لك في كلام بعض السلف عندما يجمعون بين (الحكم بغير ما أنزل الله) وبعض الذنوب غير المكفرة التي سماها الرسول صلى الله عليه وسلم كفراً ويدرجون ذلك كله في الكفر الأصغر الذي لا يكفر صاحبه إلا بالاستحلال - فإنهم يريدون بالحكم ها هنا معناه غير المخرج من الملة لا المعنى التشريعي التبديلي الحاصل من طواغيت العصر.. ومن جنس هذا قول ابن القيم ص(61) وغيرها من كتاب الصلاة: ”وإذا حكم بغير ما أنزل الله أو فعل ما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفراً وهو ملتزم للإسلام وشرائعه فقد قام به كفر وإسلام“ اهـ. فتأمل قوله: ”وهو ملتزم للإسلام وشرائعه“ تعرف أنهم لا يقصدون في مثل هذه المقالات الحكم بغير ما أنزل الله بصورته التشريعية الكفرية في زماننا..“ [1].

وقد أشار إلى مثل هذا التفصيل والتفريق الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه (التوضيح عن توحيد الخلاّق في جواب أهل العراق) ص(141) فقسّم الحكم بغير ما أنزل الله إلى نوعين..

نوع شركي يضاد التوحيد. ونوع في الفروع.

وبيّن أن النوع الأول كفر حقيقي لا إيمان فيه..

وأما الثاني[2] فذكر التفصيل المعروف فيه على قسمين:

فإن لم يقر اللسان وينقد القلب[3] فهو أيضاً كفر حقيقي لا إيمان معه.

”وأما إن اعترف بقلبه وأقر بلسانه بحكم الله ولكنه عمل بضده ظاهراً في الفروع خاصة، فليس بكفر ينقل عن الملة“ وذكر في هذا آثاراً منها قول طاووس: ”ليس الحكم في الفروع بغير ما أنزل الله مع الإقرار بحكمه والمحبة له ينقل عن الملة“ وبين هذا النوع في موضع آخر من كتابه ص(143) بقوله: ”وعدم الحكم بما أنزل الله في الفروع التي ليست من أصل الدين مع الاعتراف بحكم الله في قلبه وقوله ومحبته واختياره وانقياده إليه فيهما“ اهـ.

فتأمل تفريقهم بين الحكم المتعلق بالشرك والتوحيد (التشريع).

والحكم في الفروع بمعنى ”الجور في القضاء من غير تشريع ولا استبدال ولا استحلال“.

وكما يخلط بينهما مرجئة العصر جهلاً أو تلبيساً وتدليساً فينزلون النوع الأخير على طواغيت الزمان المشرعين، فكذلك الخوارج خلطوا وأرادوا جعل الأخير كالأول وإن لم يصاحبه استحلال أو جحود.. ولذلك قال الشيخ سليمان في الموضع الأول: ”وقد جنح الخوارج إلى العموم لظاهر الآية وقالوا أنها نص في أن كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله فوجب أن يكون كافراً. وقد انعقد إجماع أهل السنة والجماعة على خلافهم. ونحن لم نكفر إلا من لم يحكم بما أنزل الله من التوحيد بل حكم بضده وفعل الشرك ووالى أهله وظاهرهم على الموحدين“ اهـ.

أقول: وكذلك نحن فإن الذين كفرناهم بالحكم بغير ما أنزل الله لم نكفرهم لحكمهم بالفروع بمعنى الجور بالقضاء ونحوه من غير استحلال كما هي طريقة الخوارج، وإنما كفرناهم لأن حكمهم بغير ما أنزل الله من النوع التشريعي الشركي المناقض لأصل التوحيد، ولأنهم اتبعوا حكماً ومشرعاً غير الله عز وجل، وابتغوا ديناً وشريعة غير دينه وشريعته.. وأيضاً لتوليهم أهل الشرك وطواغيته على اختلاف ألوانهم، ومظاهرتهم على الموحدين..

فافهم هذا ولا تكن ممن تنطلي عليهم تلبيسات مرجئة العصر وتخبطاتهم، وفرّق بين ما يُكفّر به الرسل وأتباعهم، وبين ما يُكفّر به الخوارج وأشياعهم.

ثم اعلم أن التشريع والاستبدال كفرم مجرد لا يقال فيه؛ هل استحل أو اعتقد أو جحد ؟ فهذه التقييدات إنما هي في النوع الآخر الذي خلّط فيه الخوارج.

فأهل الكتاب الذين أنزل الله تعالى فيهم: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) [التوبة: 31]، كفروا بالتشريع وطاعة المشرعين في ذلك ومتابعتهم لهم على تشريعاتهم، ولا يقال كفروا لاعتقادهم أنه حرم على الحقيقة أو أبيح على الحقيقة أو أنهم استحلوا التشريع (الاستحلال القلبي) أو أنهم اعتقدوا أن لهم حقاً في الألوهية أو الربوبية.

يقول الشيخ عبد المجيد الشاذلي في (حد الإسلام وحقيقة الإيمان) ص(431): ”إن معنى أحلّوه أو حرّموه ليس معناه (الاعتقاد) بمعنى العلم بصحة الشيء والإخبار عنه، بل العمل بمقتضى تحريمهم وتحليلهم من الحكم والتحاكم إليه..“.

واليهود عندما بدلوا حد الزنا واصطلحوا واجتمعوا على حكم غيره، لم يعتقدوا إباحة الزنا أو استحلاله، بل كانوا يعتقدون حرمته بتحريم الله له، ولا هم زعموا أو قالوا أن الحكم الذي وضعوه هو من عند الله، ولا قالوا أنه أفضل من حكم الله أو أعدل، ولا صرّحوا باستحلالهم للتشريع أو أنهم يعتقدون أن لهم حق التشريع.. أو شيئاً نحوه.. بل كفروا بمجرد تواطئهم واجتماعهم واصطلاحهم على حكم وتشريع غير حكم الله وتشريعه، وكانوا أرباباً لمن أطاعهم وتابعهم وتواطأ معهم على ذلك التشريع.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد: ”من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله“ اهـ.

فالمتبع لتشريع المشرعين المناقض لشرع الله، مشرك اتخذ غير الله رباً، والمشرع نفسه طاغوت كافر أشرك نفسه مع الله في ألوهية الحكم والتشريع.. قال تعالى: (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) [الكهف: 26]، وفي قراءة ابن عامر وهو من السبعة: (ولا تشرك في حكمه أحداً) [الكهف: 26] بصيغة النهي. فالتشريع إما أن يكون إشراك أو اشتراك مع الله في الحكم وكلاهما كفر مجرد..

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته (التسعينية): ”والإيجاب والتحريم ليس إلا لله ولرسوله فمن عاقب على فعل أو ترك، بغير أمر الله ورسوله، وشرع ذلك ديناً، فقد جعل لله نداً ولرسوله نظيراً، بمنزلة المشركين الذين جعلوا لله أنداداً أو بمنزلة المرتدين الذين آمنوا بمسيلمة الكذاب، وهو ممن قيل فيه: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) [الشورى: 21] اهـ[4].
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
  #4  
قديم 30-03-2006, 04:52 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

ويقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله في (أضواء البيان) جـ7 ص(169): ”ولما كان التشريع وجميع الأحكام، شرعية كانت أم كونية قدرية، من خصائص الربوبية.. كان كل من اتبع تشريعاً غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرع رباً، وأشركه مع الله“ اهـ.

ويقول ص(173): ”وعلى كل حال فلا شك أن كل من أطاع غير الله في تشريع مخالف لما شرعه الله، فقد أشرك به مع الله“.

ويقول في موضع آخر: ”ويفهم من هذه الآيات كقوله: (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) [الكهف: 26] أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله. وهذا المفهوم جاء مبيناً في آيات أخرى، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة، بدعوى أنها ذبيحة الله: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام: 121] فصرح أنهم مشركون بطاعتهم..“ اهـ.

وفي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) [النساء: 60] يقول ص(83 جـ4): ”وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا، يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم“ اهـ.

ويقول عبد المجيد الشاذلي في كتابه (حد الإسلام وحقيقة الإيمان) [5]: ”ولا فرق في التشريع بين الإباحة وغيرها، فالمشرع الوضعي لا يأمر بالشرب أو باستحلال الشرب، بل ذلك راجع إلى دين كل فرد في المجتمع وهو يفصل بين الدين والدولة وهو مشرع الدولة، والدين في نظره علاقة بين العبد وربه، وبالتالي فطاعته في ذلك لا شأن لها بالفعل ولا بالاستحلال وإنما في أن يحترم[6] هذا التحليل وأن يقر بحقه في ممارسته..

وكذلك لا شأن للاعتقاد بمعنى المعرفة بالأمر، فاليهود عندما اصطلحوا على الجلد والتحميم بدلاً من الرجم كانوا متأثمين بذلك يبحثون له عن مخرج فقهي، ولذلك قالوا: ”انطلقوا إلى هذا النبي فإنه قد بعث بالتخفيف فإن أفتاكم بالجلد والتحميم كان حجة لكم عند الله: (وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) [المائدة: 41].

ويقول عبد الله بن محمد بن أحمد القنائي في كتابه (حقيقة الإيمان) ص(95) حول سبب نزول قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44] «فإن من المعلوم في سبب نزول الآية أن اليهود إنما غيروا الحكم الذي في التوراة دون حذفه منها، ودون اعتقاد أن هناك حكماً جديداً مستأنفاً نزل من عند الله، وإنما هم غيروه مع إثبات الحكم الأصلي، وكان ذلك لمجرد اشتداد الأمر عليهم، وعدم قدرتهم على تنفيذه لفسقهم، يقول الطبري في تفسير قوله تعالى: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ) [المائدة: 43]: ”وعندهم التوراة التي أنزلتها على موسى، والتي يقرون بها، وأنها حق، وأنها كتابي الذي أنزلته على نبيي، وأن ما فيه من حكم فمن حكمي، يعلمون ذلك لا يتناكرونه، ولا يتدافعونه. ويعلمون أن حكمي فيها على الزاني المحصن الرجم، وهم مع علمهم بذلك يتولون. يقول: ”يتركون الحكم به بعد العلم بحكمي فيه جراءة عليّ وعصياناً لي“ والحق أن هذا القول في المسألة لا يحتمل المكابرة، فليس في منطوق العبارات ولا في مفهومها أي إشارة إلى ما يزعمون أنه ”الحق الإلهي“ الذي بمقتضاه يغير بعض النصارى واليهود الأحكام لما يعتقدون في أحبارهم أن الوحي لا يزال ينزل عليهم ليغيروا ما عندهم بإرادة الله. هذا شيء وما ورد عن كفر من غيّر الشرائع مع إقرارها شيء آخر» اهـ.

وقريب منه النوع الذي ذكره شيخ الإسلام في الصارم المسلول ص(521) وهو يتكلم عن أنواع الاستحلال: ”وتارة يعلم أن الله حرمها ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله، ثم يمتنع عن التزام هذا التحريم، ويعاند المحرم[7]، فهذا أشد كفراً ممن قبله“ اهـ.

وكذا قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كشف الشبهات ص(28): ”لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً، فإن عرف التوحيد ولم يعمل به، فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما. وهذا يغلط فيه كثير من الناس يقولون هذا حق، ونحن نفهم هذا، ونشهد أنه الحق، ولكن لا نقدر أن نفعله، ولا يجوز - أي لا يقبل ولا يمشي - عند أهل بلدنا إلا من وافقهم وغير ذلك من الأعذار، ولم يدر المسكين أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار. كما قال تعالى: (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً) [التوبة: 9] وغير ذلك من الآيات“ اهـ.

ومثل هذا أو أشد؛ ما يزعمه بعض طغاة هذا الزمان من أنهم يقرون بشرع الله وبدينه وبأنه الأفضل والأكمل والأحسن والواجب تحكيمه وغير ذلك، ثم يجعلون لأنفسهم حق التشريع كما تقدم من دساتيرهم ويبدّلون حدود الله وأحكامه بقوانينهم وتشريعاتهم النتنة.. فهم يزعمون أنهم يؤمنون بالله وبالرسول وبما أنزل إليه وما أنزل من قبله ثم ينصبون أنفسهم أرباباً مشرعين وطواغيب يُعبّدون الناس لهم ويلزمونهم اتباع تشريعاتهم المناقضة لشرع الله وطاعتها ويمنعون تحكيم شرع الله ففعلهم هذا بحدّ ذاته فعلٌ وعملٌ كفريّ. مخرج من ملة الإسلام، ولا نبحث فيه عن الاعتقاد والاستحلال..

يقول الإمام ابن حزم في (الفصل) (3/245) في قوله تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [التوبة: 37]: ”وبحكم اللغة التي نزل بها القرآن أن الزيادة في الشيء لا تكون إلا منه لا من غيره.

فصح أن النسيء كفر، وهو عمل من الأعمال وهو تحليل ما حرم الله تعالى.

فمن أحل ما حرم الله تعالى وهو عالم بأن الله تعالى حرمه فهو كافر بذلك الفعل نفسه..“ اهـ فتأمل قوله: ”وهو عمل من الأعمال“ وقوله: ”أحل ما حرم الله وهو عالم بأن الله حرمه“ أنّى تتسرب إليه شبهة الاعتقاد..

وفي هذا فائدة في أن الاستحلال كما أنه يكون بالاعتقاد دون العمل تارة وبالاعتقاد مع العمل تارة أخرى فإنه يكون أيضاً كذلك عملاً مجرداً [8]..

فالاعتقاد إذن في شأن الاستحلال أو التحليل ليس قيداً في الكفر وإنما هو زيادة فيه.. ولا شك أن شرب الخمر أو الوقوع في الزنا أو أكل الربا، كل هذا لا يستوي مع التشريع لذلك بسن القوانين والمراسيم والأنظمة المبدلة لحدود الله أو المهوّنة المسهّلة للخمر والزنا أو المرخصة المبيحة للردة والربا مع حراسة ذلك وحمايته والاجتماع والتواطؤ عليه واصطلاحه كنظام للحكم.. فالأول هو الذي يقال فيه عند الكلام في التكفير استحل أو لم يستحل لأنها ذنوب غير مكفرة..
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)

آخر تعديل بواسطة قناص بغداد ، 30-03-2006 الساعة 04:58 AM.
  #5  
قديم 30-03-2006, 04:52 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

أما الثاني فهو كفر تشريع وتحليل وتحريم ولا يلتفت فيه إلى الاعتقاد ولو أقسم فاعله ألف ألف مرة على أنه غير مستحل قلنا له: (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ) [التوبة: 66]، وقد كذبكم الله وسمى إيمانكم الذي تدعون زعماً..

إذ فرق كبير كبير بين من يرابي متأثماً يبتغي لذة عاجلة وبين من يرخص الربا للناس ويشرّع له ويحمي مؤسساته ويتواطأ ويصطلح عليه.. وفرق كبير أيضاً بين من يشرب الخمر مذنباً وبين من يرخص للناس شربها ويرخص لمحلات الخمر بيعها ويحميها ويُبدّل حد الله في الخمر بتشريعاته الساقطة.

وفرق كبير أيضاً بين من يقع في الزنا متأثماً استجابة لغواية، وبين من يبدل حد الزنا ويرخص للبغاء بتشريعات تجعل الزنا جريمة فقط في حق الزوج وبيده، فإن رضي الزوج فلا جريمة ولا عقوبة بل هو مباح عندهم.. [9].

فالتشريع وتحريم الحلال أو تحليل الحرام كما فهمت، عمل كفري مجرد وليس كسائر الذنوب التي يشترط فيها اعتقاد الاستحلال.. وقد ينضاف إليه الاعتقاد فيكون كفراً مركباً وزيادة في الكفر.. وليس هو قيداً أو شرطاً للكفر ها هنا، فإن المشركين الذين أحلوا الأشهر الحرم بتبديلها بأوقات أخرى، كانوا يعرفون ويعتقدون في قرارة أنفسهم أن الأشهر المحرمة من عند الله هي تلك الأولى بعينها لا التي استحدثوها وشرعوها واستبدلوها هم، وهكذا كان معتقد اليهود يوم أن (بدلوا) حد الزنا أو (اجتمعوا) أو (اصطلحوا) أو (تواطؤوا) [10] على حكم آخر من عند أنفسهم، ولم يستحلوا الزنا ولا صرحوا باستحلالهم القلبي للتشريع والتبديل.. فالكفر أو مناطه ها هنا هو عمل التبديل أو التشريع أو الاتفاق أو الاجتماع أو الاصطلاح أو التواطؤ على حكم غير شرع الله تعالى.. فسواء قالوا نحن نقر في قلوبنا أو نجحد أن الأشهر التي حرمها الله هي الحق أو أن حد الزنا الذي أنزله الله هو الحق، أم لم يقولوا.. فالاعتقاد لا قيمة لذكره ها هنا إلا على سبيل الزيادة في الكفر.. لأن فعلهم ذلك بحد ذاته كفر وإشراك مع الله في حكمه، ومن أشرك نفسه مع الله بالتشريع فقد نازع الله في خصوصية من خصوصياته وأمسى طاغوتاً مشرعاً مع الله، وأتباعه وأنصاره وأشياعه على ذلك هم له عابدون.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] وهذا قريب من تقسيم شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية لنوعي الحكم بغير ما أنزل الله في منهاج السنة (5/131) عند قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) حيث قال: (فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن).

وقال أيضاً: (ومن لم يلتزم حكم الله ورسوله فهو كافر).

(وأما من كان ملتزماً بحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً لكن عصى واتبع هواه فهو بمنزلة أمثاله من العصاة) هـ.

[2] وهو الذي خلط فيه الخوارج ويخلط فيه مرجئة الزمان.

[3] وهذه إشارة للجحد والاستحلال ونحوه.

[4] ص(14) ضمن مجموعة فتاوى ابن تيمية - جـ5، طبعة دار الفكر.

[5] ص(383) طبعة جامعة أم القرى.

[6] وهذا هو الذي يقسم عليه أعضاء البرلمان الشركي والوزراء في يمينهم الدستورية الشركية التي يؤدونها قبل توليهم مناصبهم.

انظر المادة (126 و91) من الدستور الكويتي، والمادة (43 و79) من الدستور الأردني.

[7] ”العناد والتفضيل“ ألفاظ يتلاعب بها مرجئة العصر ليروّجوا إسلام الطواغيت المشرعين حين يصرحون في الوقت الذي يحاربون فيه الدين ويهدمونه بكل ما أوتوا من وسائل وسبل، فيقولون: ”لا شك أن حكم الله هو الأفضل، ونحن نتمنى أن نقدر على تحكيم‍‍ه!! وأنتم أدعوا لنا وأعينوننا“ ونحوه من تلبيساتهم التي يوحيها إليهم شياطين الجن والإنس من مستشاريهم المطلعين على غباوة وسفاهة مرجئة الزمان المتصدرين للدعوة والدعاة - إذ أكثر أولئك المستشارين لو راجعت تاريخهم لوجدت لهم جذوراً مع جماعات الإرجاء هذه، وما أوصلهم أصلاً لمناصبهم هذه إلا مذهب الإرجاء واستحسانات واستصلاحات جماعاته.. وأنا أسأل عن صورة الواقع الذي نعايشه وحسب، بالله ربكم هل هناك أكبر عناداً أو حرباً للدين ولشرع الله وتفضيلاً لحكم الطاغوت عليه ممن يعلم ويعرف، ويصرّح بأنه يعلم ويعرف أن حكم الله والشريعة أفضل من حكم الطاغوت، ثم ومع علمه هذا او تصريحه به لا يختار إلا حكم الطاغوت وشرعه، وليس هو اختياراً شخصياً محضاً بل ويلزم الناس اتباعه والدخول فيه ويعاقب من تركه أو تعدى حدوده، مع تعديه لحدود الله ليل نهار وترخيصه ودعوته بل وأمره الناس بتعديها بأبواب ووسائل شتى.. فإن لم يكن مثل هذا عناداً فليس في الدنيا كلها إذن عناد، ولذا سترى من قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد هذا أنه حكم بالعناد على من ترك التوحيد بعد أن عرفه وجعله كفرعون وإبليس، فكيف بمن حاربه وسعى لهدمه مع تصريحاته بمعرفته.. فتارك أصل التوحيد، إما كافر معرض، أو عالم معاند، والمعاند ليس بمحارب في كل الأحوال، بل هناك معاند (محارب) وهناك معاند (متول ملتزم للضد)، ولا شك أن القوم من المعاندين المحاربين ورب الكعبة، ولا يخفى هذا إلا على العميان.. وكذلك التفضيل يكون باللسان، ويكون أبلغ بالفعل، وهل التفضيل إلا اختيار المفضَّل واتباعه والأخذ به؟؟

[8] ومن هذا الباب تفريق أهل العلم بين الزاني بمحرم من محارمه والعياذ بالله، وبين من تزوج من محارمه فعقد عليها عقد نكاح، راجع تهذيب الآثار للطبري (3/441) وزاد المعاد وغيره، حيث ذكروا في هذا ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وهو صحيح عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث خاله أو عمه إلى رجل تزوج امرأة أبيه فقتله. وفي رواية عن معاوية بن قرة عن أبيه (أنه خمس ماله).. فدل على أنه قتله كافراً والروايات جميعاً تذكر أنهم أخرجوه وضربوا عنقه ولم يسألوه، هل تزوّجها معتقداً حِلَّ ذلك أم غير معتقد.. فصح أن الاستحلال يكون عملاً.

[9] راجع لتتعرف إلى أمثلة من ذلك في قوانينهم العفنة، كتابنا (كشف النقاب عن شريعة الغاب).

[10] هذه هي الألفاظ التي عُلّق مناط الكفر بها في الأحاديث الواردة في أمر اليهود وكفرهم لتبديل حكم الله.. وهي مناط الحكم بالكفر، وليس في تلك الأحاديث ذكر للاعتقاد أو الجحود أو الاستحلال فراجعها واحفظها لتلجم بها أفواه مرجئة العصر.

ومثل هذا ما أشار إليه الشيخ عبد المجيد الشاذلي في (حد الإسلام وحقيقة الإيمان) ص(428) في الألفاظ التي وصف فيها من اتخذ الأحبار والرهبان أرباباً وأشركهم مع الله في التحليل والتحريم، في طرق حديث عدي، فذكر: ”فاتبعوهم“ ”فأطاعوهم“ ”تأخذون بقولهم“ ”فحرموه وأحلوه“ ونحوه ولم يرد في شيء منها ”فاعتقدوا أنه حلال“ وإنما المراد التزام تحريمهم وتحليلهم والاصطلاح والتواطؤ عليه واتخاذه قانوناً وحكماً..

إذ الاصطلاح والتواطؤ والاجتماع على شريعة غير شريعة الله والتزام ذلك ولو في حد أو حكم هو شيء غير الطاعة المجرّدة للمشرع أو لغيره في معصية الله ولو تعددت، والتي يذكر فيها قيد الاستحلال أو الاعتقاد فهما عملان مختلفان يخلط فيهما مرجئة العصر. ولعلهم يستشهدون ببعض كلام شيخ الإسلام الذي يشترط فيه ذلك الشرط في كفر متبعي المشرعين في المعاصي فقط.. وهذا حق لا شك فيه ولكنه أمر غير الاصطلاح والتواطؤ على حكم أو حد أو شرع من غير شريعة الله الذي فعله اليهود وكفروا به دونما ذكر للاعتقاد، وهو ما يمارسه الطواغيت وعبيدهم اليوم، أما من اعتقد تحريم ما حرمه المشرعون فهذا مشرك كافر سواء التزمه أو لم يلتزمه، وهذا لا دخل له في موضوعنا هذا، ويجدر التنبيه إلى أن تفصيله ذاك (7/70) كان في شأن الأتباع لا المتبوعين، وقد فصلنا القول فيه في رسالتنا الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير، وذلك لأن الطائع للمشرع ليس بلازم أن يكون متبعاً لتشريعه متواطئاً عليه ملتزماً له في كل حال.. بل قد يطيعه بعض العصاة في معصية الله فقط، فلا يكون فعلهم ذلك كفراً إلا مع الاستحلال، فلزم التفصيل في شأن الاتباع لوجود مثل هذه الحالات ولورود الاحتمال.. أما المشرعون الذين جعلوا من أنفسهم أنداداً لله فمنحوا أنفسهم، بل وغيرهم من النواب خاصية هي من خصائص الألوية (التشريع) فمن السفه كما تقدم أن ينزل في مثل هؤلاء ذلك التفصيل فيقال هل استحلوا أو اعتقدوا؟؟

واعلم أن هؤلاء الطواغيت قد جمعوا بين الطامتين، فهم مشرعون. وفي نفس الوقت اتباع للمشرعين الدوليين يتواطؤون ويصطلحون على تشريعاتهم ويجتمعون معهم عليها... فقد جمعوا كفراً فوق كفر وظلمات بعضها فوق بعض...
للشيخ أبي محمد المقدسي - فك الله أسره - في كتابه (
إمتاع النظر في كشف شبهات مرجئة العصر
)[
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)

آخر تعديل بواسطة قناص بغداد ، 30-03-2006 الساعة 05:02 AM.
  #6  
قديم 30-03-2006, 10:24 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

وقد عبر الإمام ابن القيم في نونيته عن مدى شناعة، عقيدة الإرجاء، هذا التصور الخاطيء لحقيقة الإيمان وما يؤدي إليه، في هذه الأبيات:

وكذلك الإرجاء حين تقر بال معبود تصبح كامل الإيمان
فارم المصاحف في الحشوش وخرب ال بيت العتيق وجد في العصيان
واقتل اذا ما استعطت كل موحد وتمسحن بالقس والصلبان
واشتم جميع المرسلين ومن أتوا من عنده جهراً بلا كتمان
واذا رأيت حجارة فاسجد لها بل خر للأصنام والأوثان
وأقر أن الله جل جلاله هو وحده الباري لذي الأكوان
وأقر أن رسوله حقا أتى من عنده بالوحي والقرآن
فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا وزر عليك وليس بالكفران
هذا هو الإرجاء عند غلاتهم من كل جهمي أخي شيطان
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
  #7  
قديم 31-03-2006, 10:24 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
Post

واستئصالاً لشبهات مرجئة العصر وأذناب الجهم وبشر المريسي من هم هؤلاء ياأجوف بغداد ... هل ابن عباس رضي الله عنه مرجئ أما انه ابن تيمية رحمه الله من أذناب الجهم وبشر المريسي ... ولاأظنك ستقول لي باأني أقصد الالباني .. فالشيخ الالباني رحمه الله لم ينقل الا قولهم ... وهاانت تسلك مسلك أجدادك واسيادك ابن سبأ والظواهري وبن لادن بل أنت تجاوزتهم في القول وحكمت على من ينقل تفسير هذها الاية " ومن لم يحكم بغير ماأنزل الله ..." الى فهم الصحابة والائمة ... حكمت عليه باأنه زنديق كافر ... الاتخشى الله رب العالمين .... هذا والله ليس جديد عليكم ياعباد بن لادن .. غرر بكم حتى جعلكم كلاب اهل النار ..كفرتم أمة محمد وهاأنت ترمي الى كل من ينقل قول ابن عباس الصحابي الجليل حبر الامة وأئمة التابعين كاابن الطاووس وعطاء ابن ابي رباح وغيرهم من الائمة باأنه من اذناب زنادقة كجهم والمريسي .. وكماقال النبي صلى الله عليه وسلم "ان لم تستحي فاأصنع ماشئت ". أتق الله ولاتشقق سبيل المؤمنين . وأما مانقلته عن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم وكذلك مانقلته عن والامام محمد عبد الوهاب الشيخ الشنيقيطي فكل مانقلته عنهم فهو كلام عام مجمل وكلنا يعرف باان هؤلاء الاعلام لهم العديد من الكتب والرسائل والفتاوي فلهم فيها مقامات لاتحتمل البسط واعتمدوا فيها على الاجمال وهذا ماتعلقت به انت ومن على شاكلتك ومن جهة أخرى لهم رسائل وكتب بسطوا فيها العبارة وفصلوا في ماقالوه تفصيلآ دقيقآ وهذا جزء مانقلته عن شيخنا الامام الجهابذ ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى .
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
  #8  
قديم 31-03-2006, 02:38 PM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

لا المقصود انت ومن علي شاكلتك
يامن تحاول خدع المسلمين وتتصيد زلات العلماءوتنشرها
نعم الشيخ اخطأ ورد عليه العلماء والكل يقع في الخطأ
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)

آخر تعديل بواسطة قناص بغداد ، 31-03-2006 الساعة 03:01 PM.
  #9  
قديم 31-03-2006, 02:57 PM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

[الجواب بتصرف بسيط من كتاب وقفات مع الشيخ الألباني حول شريط (من منهج الخوارج) لـ أبي إسراء الأسيوطي، من إصدارات الجماعة الإسلامية بمصر 1418هـ]




أجمع العلماء قاطبة على أن الحاكم إذا ارتد سقطت طاعته ووجب الخروج عليه.

(وعلى ذلك فنحن مطالبون شرعاً بإزالة منكر هذا الحاكم أي كفره، فإن لم يندفع منكره إلا بقتاله والخروج عليه بالسيف وجب ذلك، قال القرافي في الذخيرة (3/387) عند تعداده لأسباب الجهاد: ”السبب الأول وهو معتبر في أصل وجوبه ويتجه أن يكون إزالة منكر الكفر فإنه أعظم المنكرات ومن علم منكراً وقدر على إزالته وجب عليه إزالته...“.

2- وأما مخالفة الشيخ لإجماع أهل العلم من السلف الصالح ومن بعدهم فإني أنقل هنا بعض النقول الدالة على ذلك:

أ - فقد نقل الحافظ في الفتح (13/124) عن ابن التين قوله: ”وقد أجمعوا أنه - أي الخليفة - إذا دعا إلى كفر أو بدعة أنه يقام عليه واختلفوا إذا غصب الأموال وسفك الدماء وانتهك هل يقام عليه أو لا“، قال ابن حجر: ”وما ادعاه من الإجماع على القيام فيما إذا دعا الخليفة إلى البدعة مردود إلا إن حمل على بدعة تؤدي إلى صريح الكفر... “.

ب- وقال الحافظ أيضاً في الفتح (13/132): ”... وملخصه أنه ينعزل بالكفر إجماعاً فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب ومن داهن فعليه الإثم ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض“.

ج- وجاء في الفتح أيضاً (13/11): ”... وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء فإن أحدث جوراً بعد أن كان عدلاً فاختلفوا في جواز الخروج عليه والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه“.

د- ونقل النووي في شرح مسلم (12/ 229) عن القاضي عياض: ”فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام وخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه...“.

ه- وقال الإمام ابن كثير بعد ما ذكر الياسق الذي وضعه جنكيز خان: ”فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فهم كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير“. [تفسير القرآن العظيم 2/68].

و- وقال الشوكاني بعد كلام له في كفر من يتحاكم إلى غير شرع الله: ”.. وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية...“. [الدواء العاجل في دفع العدو الصائل ص: 25]

ز- وقال ابن عبد البر في الكافي (1/463): ”.. وسأل العمري العابد – وهو عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله [بن عبد الله] بن عمر بن الخطاب سأل مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله أيسعنا التخلف عن قتال من خرج عن أحكام الله عز وجل وحكم بغيرها؟ فقال مالك: الأمر في ذلك إلى الكثرة والقلة. وقال أبو عمر: جواب مالك هذا وإن كان في جهاد غير المشركين فإنه يشمل المشركين ويجمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كأنه يقول من علم أنه إذا بارز العدو قتلوه ولم ينل منهم شيئاً جاز له الانصراف عنهم إلى فئة من المسلمين بما يحاوله فيه...“.

فهذه النصوص القاطعة من أقوال أهل العلم والحاكية للإجماع على أنه يُخرَج على الحاكم إذا كفر تبين خطأ الشيخ الألباني فيما ذهب إليه من عدم مشروعية الخروج على الحاكم الكافر.

كما أن المتأمل في صيغة السؤال الموجه للإمام مالك رحمه الله يجد أن السائل لا يسأل عن جواز قتال من يحكم بغير ما أنزل الله، وإنما يسأل عن جواز التخلف عن قتالهم، فإذا علمنا أن السائل هو عبد الله بن عبد العزيز العمري العالم الزاهد الثقة الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر كما في تهذيب التهذيب (3/196- 197)، أقول إذا علمنا ذلك، علمنا لم كان السؤال بهذه الصيغة، فالعمري العابد رحمه الله قد استقر في ذهنه أن قتال من لم يحكم بما أنزل الله مشروع بل واجب ولكنه يسأل هل من رخصة تسوغ التخلف عن هذا القتال؟ وكان رد الإمام مالك رحمه الله دقيقا أيضا فإنه أرجع الأمر للقلة والكثرة أي للقدرة أي من كان عنده قدرة لم يسعه التخلف ومن كان غير قادر فلا شيء عليه إن هو انصرف عن القتال.

كما أن في تفسير الإمام ابن عبد البر لكلام إمام دار الهجرة رضي الله عنه لفتة طيبة وهي قوله: (جاز له الانصراف) ولم يقل (وجب عليه الانصراف) مما يدل على أن القدرة ليست شرطا في صحة القتال بل هي شرط في وجوبه فمن لم يكن قادراً على الجهاد فلا شيء عليه إن هو تكلف الجهاد فجاهد حتى لو علم أنه لن يحقق النصر على العدو ما دام في ذلك مصلحة شرعية ككسر قلوب الكفار أو تجرئة قلوب أهل الإيمان أو غير ذلك.

2- أما ما استدل به الشيخ من أن حال المسلمين تحت حكم هؤلاء الحكام يشبه حال النبي صلى الله عليه وسلم في العصر المكي وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقاتل أولئك الكفار في مكة؛ فإن المرء ليعجب منه أشد العجب؛ إذ كيف للشيخ وهو من هو علماً وتحقيقاً أن يقع في مثل هذا الاستدلال العجيب.

إذ لاشك أن الشيخ يعلم أن دين الله قد كمل وأن نعمته قد تمت وأنه قد كان في العهد المكي أحكام نسخت في العهد المدني منها أن الجهاد كان ممنوعا في العصر المكي ثم فُرض في العهد المدني، ونحن مطالبون بآخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم فما مات عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو الدين إلى يوم الدين، وليس لأحد أن يعطل حكماً ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بدعوى أننا في حال يشبه العصر المكي وإلا لصح أن يقول قائل: لا نزكي ولا نصوم لأننا في حال يشبه العهد المكي وإنما فرضت الزكاة والصيام في العهد المدني.

بل إننا نضيف إلى ما سبق أنه بافتراض أن هناك شبهة في تكفير هؤلاء الحكام الذين شرعوا للناس ما لم يأذن به الله فإن ذلك لا ينبغي أن يكون مانعاً من قتالهم، ذلك أنهم ممتنعون عن تطبيق أحكام الله وقد وقع الإجماع على أن كل طائفة ذات شوكة امتنعت عن شيء من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها حتى لو كانت مقرة بتلك الشرائع غير جاحدة لها كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع عدة من الفتاوى، ومن ذلك قوله رحمه الله حين سئل عن قتال التتار: ”كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة، وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما، فاتفق الصحابة رضي الله عنهم على القتال على حقوق الإسلام عملاً بالكتاب والسنة وكذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة مع قوله (تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم)، فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال، فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب، فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته - التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها - التي يكفر الجاحد لوجوبها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء“. [مجموع الفتاوى 28/502- 503].

وقال رحمه الله: ”والدين هو الطاعة، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله، وجب القتال حتى يكون الدين كله لله“ [مجموع الفتاوى 28/544] وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام قد نص عليه غيره من العلماء:

فقد قال النووي في شرح حديث أبي هريرة الذي فيه مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما: ”فيه وجوب قتال مانعي الزكاة أو الصلاة أو غيرهما من واجبات الإسلام قليلاً كان أو كثيراً لقوله رضي الله عنه: لو منعوني عقالاً أو عناقاً...“ [شرح صحيح مسلم 2/212].

وقال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن (2/596) عند حديثه عن آية الحرابة في سورة المائدة: ”فإن قيل كيف يقال إن هذه الآية تناولت المسلمين وقد قال (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وتلك صفة الكفار؟ قلنا الحرابة تكون بالاعتقاد الفاسد وقد تكون بالمعصية فيجازى بمثلها وقد قال تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، فإن قيل ذلك في من يستحل الربا، قلنا نعم وفي من فعله فقد اتفقت الأمة على أن من يفعل المعصية يحارب كما لو اتفق أهل بلد على العمل بالربا وعلى ترك الجمعة والجماعة“.

وقال ابن قدامة في الكافي (1/127): ”الأذان مشروع للصلوات الخمس دون غيرها وهو من فرائض الكفاية لأنه من شعائر الإسلام الظاهرة كالجهاد فإن اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا عليه“.

وقال ابن خويزمنداد: ”ولو أن أهل بلد اصطلحوا على الربا استحلالاً كانوا مرتدين والحكم فيهم كالحكم في أهل الردة، وإن لم يكن ذلك منهم استحلالاً جاز للإمام محاربتهم ألا ترى أن الله تعالى قد أذن في ذلك فقال: (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)..“ [انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/364].

وقال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (ص:73): ”...فإذا دخل في الإسلام فإن أقام الصلاة وآتى الزكاة وقام بشرائع الإسلام فله ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين وإن أخل بشيء من هذه الأركان فإن كانوا جماعة لهم منعة قوتلوا...“.

قلت: فإذا كانت الطائفة ذات الشوكة تقاتل إذا منعت فريضة واحدة من فرائض الإسلام فإن حكامنا اليوم قد منعوا أكثر فرائض الإسلام، وإلا فليقل لنا الشيخ هل التزم حكامنا جهاد الكفار؟ وهل التزموا ضرب الجزية على أهل الكتاب؟ وهل التزموا تحريم الزنا؟ وهل التزموا أحكام القصاص والحدود والديات؟ وهل، وهل، وهل..

إن الباحث في أحوال حكامنا اليوم يجدهم قد امتنعوا عن أكثر شرائع الإسلام، وهم في أحسن أحوالهم سيقولون نحن مقرون بهذه الشرائع غير جاحدين لها، ولكن هذا الإقرار ليس مانعاً من قتالهم كما سبق بيانه في كلام شيخ الإسلام، فكيف إذا كان هؤلاء الحكام لا يقرون أصلاً بأشياء كثيرة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ فإننا على سبيل المثال نعلم يقيناً أن حكامنا لا يقرون بأحكام أهل الذمة التي وردت في كتاب الله وسنة رسوله ويقولون إنه لا فرق بين مسلم ونصراني فالكل أمام القانون سواء، ويقولون إن الجزية شيء قد عفا عليه الزمن وقد حل مفهوم المواطنة محل مفهوم أهل الذمة، كما أن منهم من يصف الحدود الشرعية بالوحشية ومجافاة روح العصر، وغير ذلك كثير.

ومن أجل ذلك نقول إنه ينبغي ألا يكون هناك خلاف في مشروعية الخروج على هؤلاء الحكام المجرمين الذين لم يكتفوا بتعطيل شرع الله وإلزام الناس بالتحاكم إلى قوانين وثنية، فراحوا ينكلون بالدعاة إلى الله ما بين قتل وتشريد وتعذيب وإحالة إلى مجازر وحشية يسمونها بالمحاكم العسكرية وليس لهم من هدف في ذلك إلا القضاء على كل دعوة لإقامة شرع الله وتحكيم كتابه في الأرض.

نقول إنه ينبغي ألا يكون هناك خلاف في مشروعية ذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية في الخروج من مثل قياس المصالح والمفاسد والالتزام بالأحكام الشرعية في الجهاد والله أعلم).
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
  #10  
قديم 05-04-2006, 08:39 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
Post الرد على من كابر وعاند

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة قناص بغداد
[SIZE="5 SIZE]
هذه أم المسائل التي يبني عليها خوارج العصر ، فسلفهم قال " لا حكم إلا لله " أرادوا أن يبطلوا حكم العبد ولو لم يخالف حكم الله فرد عليهم علي رضي الله عنه بقوله " كلمة حق أريد بها باطل " ، قال شيخ الإسلام في وصف الخوارج الأولين (مجموع الفتاوى 13/208) " قالوا إن عثمان وعلياً ومن والاهما قد حكموا بغير ما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فكفروا المسلمين بهذا وبغيره " ، وفي هذا العصر قالوا بكفر من حكم بغير ما أنزل الله على الإطلاق فلما تنبهوا أن مذهبهم هذا يلتقي مع مذهب الخوارج الأولين ، حصروا الحكم في القضاء .

والصحيح أن من عصى الله فقد حكم بغير ما أنزل الله فيلزم من كفر الحاكم بغير ما أنزل الله في القضاء بدون قيد أو شرط أن يكفر مرتكب الكبيرة بدون استحلال وهذا مذهب غلاة الخوارج ، وقد سبق الرد عليهم .

فالمعصية حكم بغير ما أنزل الله ، كما أن البدعة حكم بغير ما أنزل الله ، كما قال الامام الشاطبي رحمه الله تعالى في الاعتصام والإمام ابن حزم رحمه الله في الفصل فمن كفَّر بالحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً لزمه التكفير بالبدعة ومعاصي الشهوات التي هي دون الكفر بالاتفاق وخوارج العصر على صنفين : صنف التزم بهذا وكفر بجميع الذنوب وقد سبق الرد عليهم ، وصنف راوغ وأوّل ، ومهما يكن فهذا لازم مذهبه شاء أم أبى ، ولولا أن لازم المذهب ليس بلازم اعتقاداً لألحقناه بالصنف الأول ، أولاً) قوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " ، المقصود بالكفر هنا الكفر الأصغر كما ذهب إلى ذلك ابن عباس وطاوس ومجاهد وأحمد وجمع من السلف وليس لهم مخالف عند التحقيق ، كما سيأتي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (3/268) في تفسير قوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " (المائدة 44): " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " أ.هـ

وفي مجموع الفتاوى (7/329) ذكر شيخ الإسلام : عن الشالنجى إسماعيل بن سعيد أنه سأل أحمد بن حنبل عن قوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : فقلت له ما هذا الكفر فقال "كفر لا ينقل عن الملَّة مثل الإيمان بعضه دون بعض وكذلك الكفر حتى يجئ من ذلك أمر لا يختلف فيه ".

قال ابن عبد البر كما في التمهيد (5/74) في صدد الكلام على الكبائر" وأجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمد ذلك عالماً به رويت في ذلك آثار شديدة عن السلف وقال الله عز وجل ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) و ( الظالمون ) و ( الفاسقون ) نزلت في أهل الكتاب ، قال حذيفة و ابن عباس : وهي عامة فينا ، قالوا ليس بكفر ينقل عن الملة إذا فعل ذلك رجل من أهل هذه الأمة حتى يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر " .

فهذا إجماع أهل العلم على أن الحكم بغير ما أنزل الله من الكبائر[95] ، والمتأمل في كلام السلف في هذه المسألة لا يجد ما يخالف هذا الاجماع بل قد صرح جمع من المفسرين ، بأنه لم يخالف في ذلك إلا الخوارج .

وابن القيم رحمه الله بعد أن عرض أقوال الناس في هذه المسألة قال " والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم " .

قلت : وهذا مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة بل في جميع الكبائر ، واشتراط الاستحلال في الكفر الأصغر يمضي على جادة طريقة أهل السنة والجماعة ، فتنبه [96].

وبهذا تعلم أن ما أثر في هذه المسألة من أقوال للسلف فإن مرده إلى قول واحد وإنما الاختلاف حسب حال الحاكم .

قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين ( 1 / 336):

" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " المائده 44

1- قال ابن عباس ليس بكفر ينقل عن الملة بل إذا فعله فهو به كفر وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وكذلك قال طاووس وقال عطاء هو كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق .

2- ومنهم من تأول الآية على ترك الحكم بما أنزل الله جاحداً له وهو قول عكرمة وهو تأويل مرجوح فإن نفس جحوده كفر سواء حكم أو لم يحكم .

3- ومنهم من تأولها على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله قال ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام وهذا تأويل عبد العزيز الكناني وهو أيضاً بعيد إذ الوعيد على نفي الحكم بالمنزل وهو يتناول تعطيل الحكم بجميعه وببعضه .

4- ومنهم من تأولها على الحكم بمخالفة النص تعمداً من غير جهل به ولا خطأ في التأويل حكاه البغوي عن العلماء عموماً .

5- ومنهم من تأولها على أهل الكتاب وهو قول قتادة والضحاك وغيرهما وهو بعيد وهو خلاف ظاهر اللفظ فلا يصار إليه .

6- ومنهم من جعله كفراً ينقل عن الملة .

والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم…" ا.هـ

فالأقوال السابقة كما ترى لا تنافي القول بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر وقد يكون كفراً أكبر بحسب حال الحاكم مثله مثل باقي الكبائر ، ومثله قول شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 3/267) " والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء وفي مثل هذا نزل قوله - على أحد القولين [97] – (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " فهذا المذكور في كلامه أحدهما والآخر أنه كفر دون كفر وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما [98] .

وأما جعل الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأكبر مطلقاً فهو قول الخوارج يدل على ذلك سبب نزول الآية فقد جاء عند مسلم [99] مايبين حال من نزلت فيهم الذين قالوا " ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا فأنزل الله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) " :

عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا فَدَعَاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ قَالَ لَا وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ قُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِلَى قَوْلِهِ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا .

فتأمل قولهم " نَعَمْ " وقول الحبر " وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ " فقد جعلوه عند أتباعهم ديناً كباقي الشرائع المنصوص عليها في كتابهم ، وبهذا النص وغيره تفهم معنى التبديل الذي أراده العلماء ويظهر لك ضابط الحكم بالخروج من الملة لمن حكم بغير ما أنزل الله .

قال الإمام إسماعيل بن اسحاق القاضي " فمن فعل مثل ما فعلوا ( أي اليهود ) واقترح حكماً يخالف به حكم الله وجعله ديناً يعمل به فقد لزمه مثل ما لزمهم من الوعيد المذكور حاكماً كان أو غيره " [100].

وأما ما جاء في سنن النسائي عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : " الْقَاضِي إِذَا أَكَلَ الْهَدِيَّةَ فَقَدْ أَكَلَ السُّحْتَ وَإِذَا قَبِلَ الرِّشْوَةَ بَلَغَتْ بِهِ الْكُفْرَ".

وفي سنن الدارمي عَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَيَقُولُونَ هُوَ الْكُفْرُ *

فالمقصود بالكفر هنا أي الأصغر أو أنها تؤدي إلى الكفر الأكبر ، وعلى هذا يحمل الأثر السابق عن مسروق ، وما جاء في معناه كالذي أخرجه ابن جرير عن ابن مسعود أنه سئل عن الرشوة " قال هي سحت فقيل له الرشوة في الحكم قال ذاك الكفر " .

وكثيراً ما رأينا خوارج العصر يدندنون حول هذا الأثر لورود لفظ الكفر فيه ومع أنهم يقرون بأن لفظ الكفر قد يأتي في كلام الشارع بمعنى الكفر الأصغر إلا أنهم هنا يأبون ، وهذا شيخ الإسلام عندما ذكر أثر ابن مسعود فهم منه أنه قصد الأصغر ، قال شيخ الإسلام ( مجموع الفتاوى 31/286) " وسئل ابن مسعود عن السحت فقال هو أن تشفع لأخيك شفاعة فيهدى لك هدية فتقبلها فقال له أرأيت إن كانت هدية فى باطل فقال ذلك كفر (ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الكافرون) ولهذا قال العلماء إن من أهدى هدية لولى أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراماً على المهدى والمهدى إليه وهذه من الرشوة التى قال فيها النبى لعن الله الراشى والمرتشى والرشوة "

وبهذا يظهر خطأ من عدَّ هذا قولاً آخر للسلف في تفسير الكفر المذكور في الآية ، وإنما هو من باب التغليظ ، و إلا نكون قد نسبنا إلى هذا الصحابي الجليل القول بكفر من حكم بغير ما أنزل الله في الواقعة المعينة ، ونكون قد خالفنا الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر ، وليس في هذا الأثر اشكال إذا عرفنا مذهب أهل السنة في نصوص الوعيد وأن الخوارج خالفوهم فعظموا الوعيد وبنوا على الاطلاقات كما سبق تفصيل ذلك .

ثانياً) تخريج أثر ابن عباس في تفسير آية الحكم .

فقد جاء من طريق سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس قال " إنه ليس الكفر الذي يذهبون إليه ( أي الخوارج ) إنه ليس كفراً ينقل عن الملة ، كفر دون كفر "

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كما قال شيخنا الألباني (انظر السلسلة الصحيحة 6/113)

وهشام بن حجير وإن كان قد ضُعف إلا أنه من رجال الصحيحين وقد وثقه ابن حبان والعجلي وابن سعد والذهبي وكفى بتوثيق ابن حبان فإنه إمام في هذا الشأن وقد يظن بعضهم أن ابن حبان لا يعتمد على توثيقة لأنه رمي بالتساهل والصحيح أن ابن حبان أخذ عليه تساهله في توثيق المجاهيل فتنبه ، وفي المسألة تفصيل ليس هذا محله وإلا فهو من الأئمة المتقدمين المعتمد كلامهم في هذا الشأن .

وقد روى الطبري بإسناد صحيح عن سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس " هي به كفر - وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله " وقد جاءت الزيادة الأخيرة من كلام طاوس رواها عبد الرزاق عن معمر به .

ولا يعد هذا اختلافاً فقد رواها معمر مرة من كلام ابن عباس ومرة من كلام طاوس وطاوس تلميذ ابن عباس ولو لم تثبت إلا عن طاوس لكفى ، ويؤيد هذا أنها جاءت أيضاً من طريق عبد الرزاق عن ابن عباس قال شيخ الإسلام (7/327) " حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبدالرزاق عن سفيان عن رجل عن طاووس عن ابن عباس قال كفر لا ينقل عن الملة " ولو أعللنا رواية سفيان برواية عبد الرزاق لم يبق لنا حديث سالم من العلة إلا القليل فلا تلتفت إلى كلام بعض المتعالمين من الطاعنين في السنة باسم منهج المتقدمين ومنهج المتقدمين منهم براء ، ( راجع كتاب النصيحة لشيخنا الإمام الألباني رحمه الله ) .

ثالثاً) .


__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م