وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في فتاواه [1/274]: (وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال الله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة: 51]).
وسئل فقيه المغرب أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي المالكي [ت 1311] كما في أجوبة التسولي على مسائل الأمير عبدالقادر الجزائري [ص210]، عن بعض القبائل الجزائرية التي كانت تمتنع من النفير للجهاد، وكانوا يخبرون الفرنسيين بأمور المسلمين، وربما قاتلوا أهل الإسلام مع النصارى الفرنسيين؟ فأجاب: (ما وصف به القوم المذكورون يوجب قتالهم كالكفار الذين يتولونهم، ومن يتول الكفار فهو منهم. قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }، وأما إن لم يميلوا إلى الكفار، ولا تعصبوا بهم، ولا كانوا يخبرونهم بأمور المسلمين، ولا أظهروا شيئاً من ذلك، وإنما وجد منهم الامتناع من النفير فإنهم يقاتلون قتال الباغية).
وقال الشيخ أحمد شاكر في فتوى له طويلة [كلمة حق: 126- 137] تحت عنوان "بيان إلى الأمة المصرية خاصة وإلى الأمة العربية والإسلامية عامة" في بيان حكم التعاون مع الإنجليز والفرنسيين - أثناء عدوانهم على المسلمين - : (أما التعاون مع الإنجليز، بأي نوع من أنواع التعاون، قلّ أو كثر، فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح, لا يقبل فيه اعتذار, ولا ينفع معه تأول, ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء، كلهم في الكفر والردة سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخلصوا لله، لا للسياسة ولا للناس...)، إلى أن قال: (ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض؛ أنه إذ تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين، من الإنجليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم، بأي نوع من أنواع التعاون، أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع، فضلاً عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين، إنه إن فعل شيئاً من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة، أو تطهر بوضوء أو غسل أو تيمم فطهوره باطل، أو صام فرضاً أو نفلاً فصومه باطل، أو حج فحجه باطل، أو أدى زكاة مفروضة، أو أخرج صدقة تطوعاً فزكاته باطلة مردودة عليه، أو تعبد لربه بأي عبادة فعبادته باطلة مردودة عليه، ليس له في شيء من ذلك أجر بل عليه فيه الإثم والوزر... ألا فليعلم كل مسلم وكل مسلمة: أن هؤلاء الذين يخرجون على دينهم ويناصرون أعداءهم، من تزوج منهم فزواجه باطل بطلاناً أصلياً، لا يلحقه تصحيح، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار النكاح، من ثبوت نسب وميراث وغير ذلك، وأن من كان منهم متزوجاً بطل زواجه كذلك، وأن من تاب منهم ورجع إلى ربه وإلى دينه وحارب عدوه ونصر أمته؛ لم تكن المرأة التي تزوجها حال الردة ولم تكن المرأة التي ارتدت وهي في عقد نكاحه زوجاً له، ولا هي في عصمته، وأنه يجب عليه بعد التوبة أن يستأنف زواجه بها فيعقد عليها عقداً صحيحاً شرعياً، كما هو بديهي واضح...)، إلى آخر ما قال وهي فتوى طويلة نفيسة.
فانظر لنفسك يا عبد الله، ولا تغرنك الدنيا، فو الله لن تنفعك الرتب ولا الرواتب إذا وقفت بين يدي رب العالمين، وإن من أخسر الناس صفقة من باع آخرته بدنيا غيره، ولن يصحبك في قبرك سوى عملك.
ووالله لئن فقد الرجل العربي دينه فإن الشهامة والعروبة تجعله يأنف أن يقوده الصليبيون ضد أبناء جنسه، ويستنكف أن يعتدي على الآمنين ويروع أهليهم، وقد قيل لأبي جهل - وهو فرعون هذه الأمة -: لماذا لا تبيّت محمداً - أي تسطو عليه في بيته وهي ما يسمى بالمداهمة - فقال: (إني أكره أن تتحدث العرب بأني أروع بنات محمد)!!
أفترضى أن يكون أبو جهل أكثر منك شهامة ورجولة؟!
نسأل الله سبحانه أن يهدي ضال المسلمين، وأن يصلح أحوالهم
وأن ينصر المجاهدين في سبيله، وأن يثبت أقدامهم
كما نسأله سبحانه أن يخزي الكافرين وأعوانهم، وأن يرينا فيهم عجائب قدرته
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الموقعون:
1) علي بن خضير الخضير. 2) ناصر بن حمد الفهد. 3) أحمد بن حمود الخالدي.