الأخ الرذاذ بعد التحية - أرجو أن يتسع صدرك لي -
بالنسبة للحديث أخي الكريم فهو من الأحاديث المضطربة والاضطراب يوجب الضعف, وإن كان الحديث موجودا في صحيح مسلم, فإن في صحيح مسلم حديث موضوع وهو حديث أن الله خلق العالم في سبعة أيام لأنه مخالف لقوله تعالى: ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب.
وهذا الحديث أشار الإمام البيهقي الحافظ صاحب السنن إلى اضطرابه وقال باضطرابه الحافظ عبد الله بن الصدّيق الإدريسي وسأنقل لك ما قام بسرده بعض الإخوة المشاركين هنا فلا حاجة للتكرار:
قال الإمام السيوطي في الدر المنثور:
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له سوداء فقال: يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة، (((فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها))). فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت نعم. قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم, قال: تؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم قال: أعتقها فإنها مؤمنة.
ثم إن الحديث ضعيف من جهة اضطرابه لا من حيث الاسناد وإذا كان الحديث مضطربا وجب الحكم بضعفه بعد أن يتعذر الجمع فكيف يجمع بين هاتين الروايتين؟ فكلا الإسنادين صحيح بل الأسانيد, فإن رواية الإمام مالك وغيره فيها أنها سئلت عن الشهادة بقوله عليه الصلاة والسلام: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ فقالت نعم.
ولو أتاك نصراني فهل تسأله أين الله فيقول في السماء فهل يصبح عندك مسلما؟ أنت لا تقول بهذا, فإنه في الأصل يعتقد أن الله في السماء, ولم يأت الاسلام إلا لمحو الشرك بالتوحيد بقول: أشـــــــــــــهد أن لا إلـــــــــــــــــــــــــــه إلا الله.
وهذا أيضا مخالف لما تواتر من قوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.
وإذا كان الحديث مخالفا لما تواتر فقد وجب رده, وهذا الحديث ليس وحده المضعف في صحيح مسلم بل هناك أحاديث أخرى ضعيفة في مسلم والضعف في بعضها من جهة وهم راويها وقد ضعف الإمام البخاري حديثا ثم أخرجه الإمام مسلم. وهذه وظيفة خاصة بأهل الحديث وحدهم فهم أهل الحل والعقد وأكبر دليل على هذا عدم صحة الرواية التي في مسلم بأن الله خلق العالم في سبعة أيام فقد قال العلماء الحفاظ بأن هذا الحديث مكذوب والوهم حصل من راويه فقد نقله عن النبي عليه الصلاة والسلام بدلا من نقله عن كعب الأحبار وهو من الاسرائيليات لأن الله تعالى يقول: ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب. فكيف يصح حديث مسلم بأن العالم خلق في سبعة أيام؟
فالأخذ برواية السؤال عن الشهادتين موافق للسنة بدلا من السؤال عن الأينية, ولو سلمنا جدلا أنه صح السؤال عن الاينية فإن معناها سؤال عن المكانة لا المكان وأن إشارتها إلى السماء كانت إشارة إلى أنها لا تعبد الأصنام التي على الأرض كما أقره الإمام السيوطي نقلا عن الحافظ الباجي في شرح الموطأ وغيرهما. فالمسألة واضحة ليس فيها خفاء.
ولغة العرب واسعة والتعبير بالمعنى والمجاز مشهور جدا في لغة العرب فهذا هو سيدنا الصحابي حسان بن ثابت يقول:
يقول الله قد أرسلت عبدا ---- يقول الحق ليس به خفاءُ
فهذه الرواية بالمعنى لأنك لن تجد آية في القرءان بهذا النص فكيف يقول بأن الله يقول؟ إنما أراد بالمعنى بحيث أمـِـن من إساءة الفهم واعتقاد وجودها في القرءان فإن القرءان محفوظ ليس فيه هذا إنما ذكره مجازا وتوسعا ولم ينكره النبي عليه الصلاة والسلام.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على أشرف المرسلين
أرى أن هذا القدر أخي الرذاذ يكفي, مع التحية
|