مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 21-07-2000, 11:26 PM
عبدربه عبدربه غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
المشاركات: 282
Post حجر أو سكين


حين تقف بسيارتك، إذا كنت من أصحاب السيارات، أمام الضوء الأحمر في مفترق طرق، ستعرف حتما ظاهره جديدة تعرفها كثير من المدن المغربية، وهى أن يطل عليك من وراء الزجاج وجه شاحب شاب مخدوش، آو طفل حاد النظرات، أو بنت شاحبة الوجه أو رجل عليه سمات عزيز قوم ذل. إنها الطريقة الجديدة للتسول. ستكون، في زحمة السيارات وأنت تنتظر الضوء الأخضر، مرتبكا ومحرجا، خاصة إذا لم يكن معك فيه درهم كامل لتجاوز الحالة فهم لا يقبلون بأقل من الدرهم.
لقد سميته تسولا. والحق انه كذلك في الظاهر، غير انه يستبطن تهديدا، فالواقف فوق رأسك، من خلف الزجاج المفتوح، وأنت وراء مقود السيارة، لا يستعطفك، بل تظهر من كل ملامحه انه يريد حقا.
فأنت تملك سيارة وهو لا يعرف إنها أحيانا بالإقساط، وأنت تدفع بسببها تأمينا وضريبة السير في الطرقات، فعليك أن تتدبر أمر هذه الضريبة الجديدة، وبسرعة، وقبل أن يفتح لك الضوء الأخضر الطريق لتهرب.
لن أتحدث عن رائحة الخمر أحيانا تفوح من الشاب المخدوش الوجه، ولا عن العين الدائخة بالتخدير، ولا عن نظرات الكراهية التي تحدجك بها البنت الشاحبة، وهى حالات واردة، لكنني سأذهب رأسا إلى الموضوع، لأسجل أن وراء الظاهرة هذا الوضع العام في مغرب "الجات" و"مغرب مؤتمر الدار البيضاء". ففي كل يوم تطرد البادية المغربية عشرات الأولاد والبنات إلى المدينة القريبة، وفى كل يوم تدفع المعامل عشرات آخرين من العاطلين والعاطلات إلى الفراغ، وينقطع عن الدراسة عشرات. وفى شوارعنا الكبيرة النظيفة الواجهة، تقام جوطية مسائية لباعة يبيعون أي شيء مهرب. وليس هناك أي أفق مفتوح لأجيال جديدة ترى حولها النعمة وهى محرومة منها. واقع جديد ينمو سنه بعد سنه، وأصبح يشكل قوة عددية كبيرة تريد شيئا من حقها، فإذا لم تأخذه بالاتفاق ستأخذه عنوة، وبالتهريب والتهديد.
كان فيما كان، تلميذ فقير يقرأ في الفصل قطعة عن العائلة السعيدة، الولد جميل وذكى، والبنت لطيفة ومهذبة، يعودان إلى المنزل فيجدان الحلوى وبرنامج الأطفال في التلفزيون، وربما مدرسا خصوصيا. قرأ التلميذ الفقير القطعة، وحين خرج في المساء مر في طريقه بمنزل مضاء، فكر انه منزل العائلة السعيدة التي قرأ عنها فأخذ حجرا من الطريق ورمى نافذة البيت السعيد، ثم أيطلق ساقية للريح نحو منزل الصفيح الذي يسكنه في حزام الفقر، بدوار الحاجة.
ذلك الحجر هو نظره العداء لمتسول يستوقفك أو يطل عليك من وراء زجاج السيارة وهو الذي يتحول سكينا قاطعا للطريق. ومسدسا وعصابة.
ولا أحد يولد مجرما بالوراثة.
عبد الجبار السحيمي - بخط اليد
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م