ما كان محمد رجل خيال يتيه في مذاهبه
"ما كان محمد رجل خيال يتيه في مذاهبه ثم يبني حياته و دعوته على الخرافة.
بل كان رجل حقائق يبصر بعيدها كما يبصر قريبها. فإن أراد شيئا هيأ له أسبابه.
و بذل في تهيئتها – على ضوء الواقع المر – أقصى ما في طاقته من حذر و جهد،و ما فكر قط و لا فكر أحد من صحابته أن السماء تسعى له حيث يقعد،أو تنشط له حيث يكسل،أو تحتاط له حيث يفرط. و لم تكن خوارق العادات و نواقض الأسباب و المسببات أساسا و لا طلاء في بناء رجل عظيم أو أمة عظيمة.
إن محمدا و صحبه تعلموا و علموا،و خاصموا وسالموا،و انتصروا و انهزموا، ومدوا شعاع دعوتهم إلى الآفاق،وهم على كل شبر من الأرض يكافحون،لم ينخرم لهم قانون من قوانين الأرض،ولم تلن لهم سنة من سنن الحياة، بل إنهم تعبوا أكثر مما تعب أعداؤهم، وحملوا المغارم الباهظة في سبيل ربهم؛ فكانوا في ميدان تنازع البقاء أولى بالرسوخ و التمكين."
محمد الغزالي – فقه السيرة
|