نوحوا على أطفالكم
لم أعرف للنّوم طعماً منذ شاهدت ما شاهدته البارحة .. لم أجد للطعامِ لذّة حاولت أن أكتب الشّعر فمنعني الحزن أو القرف لا أعلم ومازالت وسائل الإعلام تُسعفنا بكلّ جديد حول مقتل الطفلة المسكينةِ إيمان فلم أشعر إلا وأنا أكتب هذه القصيدة وما هي والله إلا صورةٌ ممسوخةٌ لما في القلب من الألم والثورة .
نوحوا على أطفالكم وتقطّعوا *** فلربما أجدى الأسيفَ توجّعُ
وابكوا إذا كان البكا يجديكمُ *** إن المصائب فوق ما يُتوقّعُ
ماذا أقول عن الخطوب إذِ انجلت *** فيدا لنا الأمر المهول المفزع
هذي فلسطين الحبيبةُ تشتكي *** والمسلمون كأنهم لم يسمعوا
غرقوا ببحر ذنوبهم وتفننوا *** في جنيها وتلذّوا وتمتعوا
وتعوّدوا نزف الجراح فلم يعد *** يعنيهم الخطب الجليلُ المروع
أواه يا وطني المضاع أما كفى *** غدر اليهودِ ، ومالهم من يردعُ
حتى دُهينا بالأعارب بادروا *** لعدوّهم بأكفّهم ليُطبّعوا
يا أمة المجد التليد تنبّهي *** فالخصم يمكرُ والجموعُ تُروّعُ
أوما رأيتِ الموت يحمل طفلةً *** تسعى إلى الجنات وهي تشيّع
لم تمضِ خمسة أشهرٍ من عمرها *** فمهادها كفنٌ به تتلفّعُ
قد مُزّقت أحشاؤها ، وتفرّقت *** أشلاؤها ، وعيوننا لا تدمعُ
أسفاهُ يا زمن المذلّة إننا *** عربٌ ، ولكن صفّنا لا يُجمع
ويح العروبةِ هل تُطأطئُ رأسها *** خجلاً ، ومن كأس المذلّة تجرعُ
مهلاً أيا " إيمان" قولي ما جنت *** كفّاكِ ، هل حقاً ذنوبكِ أفظعُ ؟
هل قُدتِّ جيشاً أو رميتِ قذائفاً *** فالخصم من ألم القذيفةِ موجعُ
من بعدِ " درّتنا " (1) الذي لم نرثِهِ *** إلا بقولٍ مفرغٍ لا ينفعُ
جاءت مصيبتكِ التي صفعت بني *** قومي لعلّ القول فيهم يُسمعُ
ولعلّهم يستيقظون إذا رأوا *** أنّ المصائب حولهم تتجمّعُ
إنّي لألمحُ عند قبركِ معلماً *** للنّصر يا "إيمان" منه المطلعُ
ستقوم للثّأر العظيم جيوشنا *** وتسير والأعلامُ فينا تُرفعُ
وستهتف الأشجار والأحجارُ أن *** خلفي يهوديٌّ فهيّا أسرعوا
هذي بشارةُ أحمدٍ أكرم بها *** إن الحجارة يومَها ستوقّعُ
------------------
(1) المقصود به الطفل الشهيد محمد جمال الدرة .
|