أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
"ُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) َإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ"
بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الإعلامي لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين يقدم كلمة للشيخ المجاهد
أبي مصعب الزرقاوي حفظه الله ورعاه
والكلمة بعنوان
"فسيكفيكهمُ الله"
الحمد لله معز الإسلام بنصره ومذل الشرك بقهره ومصرف الأمور بأمره ومستدرج الكافرين بمكره الذي قدر الأيام دولا بعدله وجعل العاقبه للمتقين بفضله والصلاه والسلام علي من أعلي الله منار الإسلام بسيفه اما بعد
فإن من سنن الله تعالي في عباده أن لا ينتصر هذا الدين إلا علي يد من ثبت علي الحق وتمسك بالصراط المستقيم ولأجل هذا قدر الله تعالي الإبتلاء علي عباده ونوع في الفتن حتي تتميز الصفوف وينقي فسطاط المؤمنين قال تعالي
"مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ"
قال إبن القيم فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين إما أن يقول أحدهم آمنا وإما أن لا يقول آمنا فليستمر علي عمل السيئات فمن قال آمنا إمتحنه الرب عزوجل وأبتلاه وألبسه الإبتلاء والإختبار ليبين الصادق من الكاذب إنتهي كلامه رحمه الله
فتنة تعقبها أخري تتصاعد بإضطراد حتي يضطر كل مدع وكل من حسب نصرة الدين نزهه أن يحدد موقفه بوضوح ولقد كانت ولا تزال سيرة النفاق هي هي في عدم وضوح الموقف من الإيمان والكفران حيث تري ظاهرهم مع أهل الإيمان وفي السر يتصلون بالكفار ليضمنوا لأنفسهم خلاصا من إحتمال إدالة أهل الكفر علي المؤمنين
قال إبن القيم فهم واقفون بين الجمعين ينظرون أيهم أقوي وأعز قبيلا مذبذبين بين ذلك لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء يتربصون الدوائر بأهل السنة والقرآن فإن كان لهم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان لأعداء الكتاب والسنة من النصرة نصيب قالوا ألم تعلموا أن عقد الإخاء بيننا محكم وأن النسب بيننا قريب
قال إبن كثير رحمه الله تعالي وقوله تعالي
"مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء"
يعني المنافقين محيرين بين الإيمان والكفر فلا هم مع المؤمنين ظاهرا وباطنا ولا مع الكافرين ظاهرا وباطنا بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين ومنهم من يعتريه الشك فتارة يميل إلي هؤلاء وتارة يميل إلي أولئك كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا
قال مجاهد
"مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء"
يعني أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم
"وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء"
يعني اليهود
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم
"مثل المنافق كمثل الشاه العاهره بين الغنمين"
قال إبن جرير عن قتادة
ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرفين إن لهذا النفاق ثلاثة منابع
الأول: نفاق عقائدي يتمثل بضعف اليقين وسوء الظن بالله تعالي ومن ذلك إبطال الكفر وإظهار الإسلام والإعالة علي هدم الإسلام في الخفاء وهذا من سوء الظن بالله تعالي
قال إبن القيم
ومن ظن به أنه ينال ما عنده بمعصيته ومخالفته كما ينال بطاعته والتقرب إليه فقد ظن به خلاف حكمته وخلاف موجب أسماءه وصفاته وهو من ظن السوء إنتهي كلامه رحمه الله
الثاني: نفاق طبعي او خلقي وأبرز أنواعه الجبن والبخل وعدم الغيره علي الدين والمعضله أن هؤلاء يأبون الإعتراف بأنهم جبناء ويرفضون وصفهم بعدم الغيرة ويوجهون سهام النقد واللمز نحو المتمسكين بالحق واصفين إياهم بالمتهورين وبالحماسيين أو الذين لا يفهمون الواقع
قال شيخ الإسلام إبن تيميه
وتارة يقولون أنتم مع قلتكم وضعفكم تريدون أن تكسروا العدو وقد غركم دينكم كما قال تعالي
"إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"
وتارة يقولون أنتم مجانين لا عقل لكم تريدون أن تهلكوا أنفسكم والناس معكم إنتهي كلامه رحمه الله ولأن الله تعالي كتب علي عباده المجاهدين الإمتحان بإدالة الكفار عليهم قبل التمكين فإنا علي يقين بأنا سنشهد اليوم الذي نري فيه فريق النفاق المتسلق وقد إضطر إلي إظهار نفاقه وسيقول يومها للكفار ألم نكن معكم ألم ندخل البرلمان ورضينا بالديموقراطية وكنا شركاء لكم في القضاء علي المتشددين والغرباء
قال إبن كثير رحمه الله تعالي
يخبر تعالي عن المنافقين أنه يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء بمعني ينتظرون زوال دولتهم وظهور الكفرة عليهم وذهاب ملتهم فإن كان لكم فتح من الله أي نصر وتأييد وظفر وغنيمة قالوا ألم نكن معكم أي يتوددون إلي المؤمنين بهذه المقالة وإن كان للكافرين نصيب أي إدالة علي المؤمنين في بعض الأحيان كما وقع يوم أحد فإن الرسل تبتلي ثم تكون لها العاقبة قالوا ألم تستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين أي ساعدناكم في الباطل وما ملئناه خبالا وتخذيلا حتي إنتصرتم عليهم إلي أن قال فإنهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم وما ذاك إلا لضعف إيمانهم وقلة إيقانهم إنتهي كلامه
الثالث: نفاق في المنهج ومثاله اليوم ما عليه الوطنيون والمنحرفون عن هدي السنة في الجهاد الذين يقاتلون لأجل الحدود ويرضون بالعلمانية حكما بالثوابت الوطنية ميزانا للولاء والبراء وهؤلاء قد إنحرفوا عن منهج النبوة إلي منهج بني علمان
قال حذيفة إبن اليمان رضي الله عنه
المنافقون اليوم شر عن المنافقين علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم قيل ولما ذلك قال لأنهم كانوا يسرون نفاقهم وهم اليوم يعلنونه
وأما نفاق المنهج اليوم فإن أخطر وجوهه الوطنيون والمنتسبين للسلف زورا فهم يلبسون علي الناس أمر دينهم ويخدعون الجهال بمقاتلتهم الأعداء وسعيهم إلي تحرير البلاد من نير المحتل وهم في الوقت ذاته يسرون العداء للشريعه بمحاربة دعاتها شعروا أو لم يشعروا علموا أو لم يعلموا لعنهم الله تعالي إن هؤلاء هم العدو القادم وهم من جنس شر غائب منتظر وسيستخدمهم الصليبيون لضرب المجاهدين وعند هذه النقطه نحتاج إلي الوقوف علي تاريخ الصليبيين وأساليبهم وكيف غرر بالمسلمين في أكثر من موطيء سبب أهل النفاق ففي مطلع القرن العشرين عقدت بريطانيا إتفاقها الشهير مع المدعو شريف حسين وأعطته الضمانات علي تنصيبه ملكا للعرب في حال وقوفه إلي جانبهم في الحرب ضد العثمانيين وما أن إنتهت من العثمانيين إلتفت إلي حلفيها الذي قاتل عوضا عنها وألقت به منفيا يصارع الأمراض وتأكله الحسرات
يقول لورانس في أعمدة الحكمة السبعه
لقد كنت أعلم أننا إذا كسبنا الحرب أن عهودنا للعرب ستصبح أوراقا ميته ولو كنت ناصحا للعرب لنصحتهم بالعودة إلي بيوتهم لقد كان قادة الحركة العربية يفهمون السياسة الخارجية فهما عشائريا بدويا وكان البريطانيون والفرنسيون يقومون بمناورات جريئه إعتمادا علي سذاجة العرب وضعفهم وبساطة قلوبهم وتفكيرهم ولهم ثقة بالعدو إنني أكثر فخرا أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك الثلاثين التي خضتها لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت إنجليزي واحد إنتهي كلامه
وقبل ما يقارب ثمانية عقود خلت هبت في مصر ثورة عارمة إنطلقت شرارتها من المساجد وإلتف عليها بني الأصفر حينها وإستدعوا علي جناح السرعه ما أسموه زعيم الأمة المصرية سعد زغلول من منفاه وإرتضوه أمينا علي مصالحهم ووكيلا علي مصر فهو علماني من بني جلدتهم وسيتكفل لهم بتقويض الشرع وتغيبب التحاكم إلي الكتاب والسنه فلما يخافون منه إذا وفي تلك الحقبه تفجرت في العراق ثورة العشرين وعلي الرغم من أنها لم تكن دعوة إلي الجهاد أو تحكيم الشرع إلا أن الإنجليز وجودا أنفسهم في ورطة وإضطروا صاغرين إلي الإتيان بفيصل إبن الحسين وتنصيبه ملكا علي العراق وفي ثلاثينيات القرن الماضي قامت الثورة الكبري التي أشعلها عز الدين القسامي في فلسطين ضد اليهود وعجزت بريطانيا عن إخمادها فإستنجدت بخادمها الملك عبد العزيز آل سعود الذي أرسل ولده فيصل ليتحايل علي زعماء الثورة من أجل إيقافها بعد أن تكفل لهم بوفاء صديقتنا بريطانيا علي حد وصفه وتراخي الثوار ليعطوا لبريطانيا فرصة إستعادة أنفاسها وترتيب صفوفها لتنقض عليهم وتتمكن من إخماد الثورة وتصفيه رؤوسها ويلاحظ مما تقدم أن تنازل الصليبيين عن بعض مطامعهم لا يلغي مخططهم الأكبر فهم من جهة يتنازلون عن شيء ما ومن جهة اخري يرتبون أوضاعهم علي إنجاز مشروعهم الأعظم ويلاحظ كذلك أن حصولهم علي فرصة إسكات الثائرين قد وفر عليهم في كل مرة إحتمالية هزيمتهم فمتي يدرك اللاهثون وراء وعود الكفار أنهم واهمون وأنهم بتفاوضهم علي التهدئه قد أعطوا للكفار فرصة الإنقضاض عليهم ويراد لتلك المشاهد أن تتكرر اليوم مع قصة الحرب الصليبية الجديدة التي تدور رحاها في أرض الرافدين وهي تطمع في التمكين لليهود وتتسول إلي إطالة عمر تفردها عبر سيطرتها علي أغني بلاد الدنيا ولما كانت تعلم أنها لن تجد في المنطقة خيرا من دين الرافضة عونا لها ومعولا لهدم الإسلام فقد جعلت من دعمهم والإعتماد عليهم جزءا لا يفترق أبدا عن مرافقة خطوات مخططهم الأثيم وبعد الإجتياح السريع للعراق الذي إعتبرته ضيعة تابعة لها عينت بريمر حاكما عسكريا عليه وإستقدمت معه أكثر من عشرين وزيرا أمريكيا ولما إنطلقت عجلة الجهاد تنازلت قليلا وإستدعت الراضين لأنفسهم بنصيب الخيانة لتشكل منهم مهزلة مجلس الحكم سيء السيط وحيث منيت خطوتها هذه بالهزيمه فقد عمدت هذه المره إلي تمثيلية تسليم السياده وعينت حكومة إنتقاليه وبعد إستحقاق خياني واضح سلموا مسئولية الخادم المطيع إلي الرافضه وأطلقوا يدهم في التنكيل بأهل السنه وقد هدفت من ذلك جرهم إلي حظيره الخيانه وجعلهم علي قناعة من عدم جدوي قتالها وما دار في خلد دهاقنة البيت الأسود أن تكون أرض الرافدين مستنقع يغوص فيه الجيش الأمريكي حتي هامته وظنوا أن دار الخلافه بعد عقود من حكم البعث الكافر تخللتها حربان وحصار أهلك الحرث والنسل لن تكون إلا غنيمة بارده فأرداهم ظنهم وإنبري ليوث التوحيد لأقوي جيوش الأرض متسلحين بإيمانهم بالله أولا وبالخفيف من الأسلحة ثانيا فأذلوا كبرياء هبل العصر ومرغوا أنف جيشها الجرار ومن تحالف معها بالوحل وبعد لاءات أمريكا في بداية مشروعها الصليبي في أرض الرافدين بدأ مسلسل التنازلات يزداد بإضطراد كلما إزداد حجم خسائرها في أرض الرافدين لينتهي بها المطاف أخيرا تستجدي العون والمساعدة ممن كانت قد ركلتهم وداست علي رؤوسهم قبل وقت قريب فقد عملت أمريكا علي خطين للخروج من ورطتها