ولاة الأمر ينامون ملئ أجفانهم !
سوف أحدثكم عن المدينة التي شهدت من الترف والبذخ, و العظمة و الجلال و ما لم تشهد مثله مدينة, لا روما في الماضي و لا باريس في الحاضر, إلا المدينة التي كان فيها مليونان من البشر منذ ألف ومائتي سنة ويزيد.
حين كانت باريس فرية أصغر من " بقيق " , و كانت أمريكا صحراء ليس فيها إلا الوحوش ..... كانت في مدينتنا القصور التي تفتن بصحونها و أبهائها , وزخارفها و نقوشها , و شرفاتها و قبابها ,فيها البساتين التي جلبت لها غرائب الأشجار , و نوادر الأزهار , من كل أصقاع الأرض .
فيها ستة آلاف حمام عمومي , و فيها عشرون ألف مسجد , و في نهرها ثلاثون ألف زورق , تميس على صفحة الماء كل عشية فيكون منها مجالس علم , و يكون منها مجالس طرب , و يكون منها مخادع غرام , و يكون منها خلوات وتأمل , و كان فيها في ذاك الزمان مصانع للزجاج و الورق , وتسك النقود , وتنسج أنواع النسيج وتطرز وتنقش , و فيها أنواع الاختراعات التي أدهشت أهل أوربا , حتى أنهم لما أهديت ساعة إلى حاكمهم شارلمان ضنوا أن بها جنيا يقرع الأجراس .
مدينة كانت دنيا كاملة , فيه الخير والشر والعلم والدين والفسوق وفيها اللهو والمجون وفيها المحدثون والصالحون وفيها الشعراء وفيها المغنون فيها العفيفات المحصنات وفيها الجواري المسافحات فيها التجار وفيها الشطار .
تلك هي بغداد... بغداد هارون الرشيد .
أين هي اليوم ...؟ لقد عاث فيها سقط الناس ... وجعلوها أثر بعد عين , لقد دخلنا اليوم في السنة الرابعة للاحتلال الصليبي الصهيوني , وبهذه المناسبة دعونا نسطر للتاريخ ما وعد به النصارى وما قدموه لنا :-
وعدوا بتحرير العراق ,,,,,,,,, وها هو تحت نير الاحتلال للسنة الرابعة على التوالي .
وعدوا بالديمقراطية ,,,,,,,,,,,,ولم نر غير شيعة إيران يحكمون .
وعدوا بالأمن ,,,,,,,,,,,,,,,,,, وها هي الحرب الأهلية على الأبواب .
وعدوا بالرخاء ,,,,,,,,,,,,,,,,,, وهاهي طوابير العاطلين عن العمل تملأ الشوارع .
في كل بيت مأتم و على رأس كل ناصية جثة , رائحة الموت تزكم الأنوف ......وولاة الأمر ملئ أجفانهم ينامون .
|