رابعا : دهش الحضور لما رأوا إجماع المشاركين في الندوة على ضرورة رفع الرقابة ولم يخالف واحد منهم أو يبد رأيا آخر لا ندري عن عبد الرحمن الراشد لو حضر ربما كان له رأي مغاير "أتواصوا به ؟!!!" وكأني بهم سيخلصون إلى التوصية بالإجماع بضرورة رفع الرقابة ولهذا جاء اعتراض الحضور قويا ضد هذه التوصية .
خامسا : ثم جاءت المداخلات : وكان رئيس الجلسة قد أشعر الحضور بأنه لن يلتفت إلا إلى المداخلات المكتوبة ، فلما رأى كثرتها وجعل يقلبها بيده اعتذر عن قراءتها لطولها وقال لو قرأت لاحتجنا إلى ليلتين وما أدري مالسبب الحقيقي ؟ ظن الحضور أن المداخلات ألغيت فضجت القاعة مطالبة بالمداخلات إذ ليس من المعقول أن يسمع الحضور مالا يرضيهم وينصرفوا ، ثم وافق رئيس الجلسة على المداخلات الشفهية فعاد للحضور بعض الاطمئنان وشرط لكل واحد ثلاث دقائق والحق أن رئيس الجلسة كان يمكن أن يمتص انفعال بعض الحضور لو أكمل المداخلات وعلق عليها بما يشعر الحاضرين بالإنصاف وعدم الانحياز إلى كفة المتحدثين ولم يختصر وقت الندوة ويلغ بقية المداخلات هداه الله ووفقنا وإياه إلى كل خير يحبه ويرضاه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت المداخلة الأولى من نصيبي وقد كنت كتبت مداخلتي في ورقة وأرسلتها لمدير الندوة وكان بودي لو تحدث المختصون بالإعلام أولا من أمثال الدكتور الفاضل المسدد محمد الحضيف لكن الأستاذ السديري أتاح الحديث لأحد الأخوة فتفضل مشكورا بتقديمي وخلاصة مداخلتي : أني وصفت هذه الندوة بالإقصاء والأحادية في الطرح كما يعبرون عنه وكيف ستخلص إلى نتيجتها وكل أعضائها إعلاميون ولو كان من بينهم شرعيون وخبراء بالأنظمة لكانت الآراء متوازنة ، ثم أبديت استغرابي الشديد من مطالبتهم برفع الرقابة مع إقرارهم بكثرة الشر وتنوعه وتعدد قنواته وسهولة تحصيل معلومة ...إلخ فإن علتهم عليلة وهذا من دواعي تشديد الرقابة وليس العكس ووضحت أن الرقابة داخلة في النهي عن المنكر كما أن التثقيف الذي دعوا إلى الاكتفاء به داخل بالأمر بالمعروف وهما ركنا الدين ومن وظائف الدولة ونظام حكمها الأساسي واعترضت على اعتراض عبده يماني على فرض الرقابة على أساتذة الجامعات ورؤساء التحرير وغيرهم من أرباب الفكر بأنهم ليسوا أكثر يقينا من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي منعه الرسول صلى الله عليه وسلم وغضب عليه لما رآه يطالع نسخة من التوراة وهو الخليفة الملهم الفاروق الذي إذا لقيه الشيطان في فج سلك فجا آخر ، وتساءلت هل يملك المشاركون الجرأة على المطالبة برفع الرقابة عن المواد السياسية ؟ وأضفت : هذه فرنسا تشكوا وتصرخ من هيمنة ثقافة الأمريكان وخطورتها على شعبها وهم أبناء ملة واحدة وتطالب بتعزيز الرقابة .فما بالنا نرحب بها ونطالب بكسر مقص الرقيب.. وختمت مداخلتي شاكرا منظمي الندوة .
ثم داخل الأخ عبد الله المقحم وفي البداية تساءل كيف يكون الحكم في هذه القضية إلى الإعلاميين وهم أصل المشكلة وأن هؤلاء المطالبين برفع الرقابة يحتاجون إلى رقابة وتمثل بقول أبي الطيب : يا أعدل الناس إلا في محاكمتي فيك الخصام وأنت الخصم والحكم وأكد على أن الرقابة تكون على أمر منفذ ، وعلى ضرورة تطبيق سياسة الإعلام في المملكة والتي ميزت هذه البلاد ولله الحمد وطالب بمحاسبة كل من يتمرد عليها أو يخالفها ، وذكر الحضور بكلمة وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز بأنه ليس المهم صياغة ألفاظ السياسة الإعلامية بقدر أهمية تطبيق بنودها .
ثم كانت مداخلة الدكتور محمد الحضيف وقال فيها أنا ابن الإعلام وأدرس مادته في الجامعة واستنكر على المشاركين مادعوا إليه من حرية مطلقة وتعجب كيف يطالب بها هؤلاء حتى للأطفال وماذا عسى الطفل أن ينفعه التثقيف وحده ، وقال مخاطبا مدير الندوة تركي السديري : تعلم أني كنت عضوا في جريدتك وأنا الآن ممنوع من الكتابة فيها فأين الحرية ؟!! وأضاف كما أن الإعلام يحذر من أسباب الغلو والإرهاب وكلنا معه في ذلك ، فلماذا نجد ما يغذي الإرهاب الأخلاقي من جهة أخرى عبر هذه الصحف والقنوات الهابطة الإباحية التي تربي الجيل على التمرد والتطرف المضاد .. وكانت مداخلته شافية رائعة . كأنما تكلم بلسان الجميع . * ثم داخل أحد الحضور وكان من اللجنة المنظمة للمعرض وأكد على ضرورة تعزيز الرقابة واستدل بحديث أبي هريرة حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين من العلم أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم وتساءل ما هدف أبي هريرة من كتم هذا النوع من العلم ؟! ومضى في كلام جيد. * ثم كانت مداخلة الأخ سعود الشهري الذي أحرج مدير الندوة إحراجا شديدا حيث تلا نماذج مرفقة بقصاصات لكتاب وكاتبات تضمنت مخالفات شرعية صريحة ومنها مقالة لأحمد الجميعة حوت اتهاما لأبي بكر الصديق بأنه أول من أدلج التكفير من خلال حروب الردة وتساءل أليس هذا في جريدتك يا أستاذ تركي وهذا مع الرقابة فكيف إذا رفعت ؟ أليس هذا ردة يخشى على كاتبها إن مات ولم يتب .. وذكر الشيخ سعود أنه عثر على كتاب مفسوح بالأسواق يشرح كيف تصنع المتفجرات من المحيط حولك وانه سلمه لسمو مساعد وزير الداخلية وأن هناك معاملة بخصوصه وتساءل أين هي الرقابة ؟ ألا يقال عن وزارة الإعلام أنها أسهمت في الإرهاب ؟ ألا يحق لنا بذلك المطالبة بإقالة وزير الإعلام ومحاكمته ؟ .. وأنهى مداخلته وسط تأييد أكثر الحضور وإعجابه.
ــــــــــــــــــــــــ
وداخل الشيخ سليمان الدويش : ومما جاء في مداخلته قوله مخاطبا محمد عبده يماني : كيف تزكي عهدك الإعلامي وتصفه بالخلو من المشكلات ألا تعلم أن هناك ملفات ملأى بالمخالفات ؟ فهل أنت مستعد لنحاكمك إلى كلامك ؟ وهنا حاول مدير الندوة الاعتراض على المداخلة بأنه حديث عن الذوات فأجاب المداخل أني أناقش ما جاء في كلامه ومضى في حديثه وحاول مدير الندوة إيقافه مرارا حتى طلب أخذا اللاقط من يده أو إغلاقه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم داخل الشيخ ناصر الحمد وذكّر المحاضرين بالله وتلا قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " ثم تلا مواد من سياسة الإعلام في المملكة العربية السعودية . أما المداخلات النسائية فقد اقتصرت على اثنتين : * إحداهما لليلى الأحيدب ذكرت أنه لا ينبغي أن تتحول الجلسة إلى محاكمات وتصفية حسابات والمداخلة الأخرى
ــــــــــــــــــــــــــــ
للأستاذة نهلة الناصر حثت فيها على ضرورة الامتثال لأمر الله ورسوله وركزت فيها على أهمية الرقابة الذاتية.
سادسا : فوجئ الجميع بختم رئيس الجلسة قبل نهاية الوقت المقرر بأكثر من نصف ساعة وسط احتجاجات الحضور ، وانصرف رئيس الجلسة والرميحي، أما محمد عبده يماني فقد بقي مكانه فتوجه إليه بعض الحضور يحاورنه ويناقشونه ، وسمعته يرفع صوته مخاطبا أحدهم واصفا إياه بقلة الأدب وكنت بعيدا عنهم فسألت فقيل لي : إنه يخاطب أحد الحضور ظانا أنه هو الذي ذكره في مداخلته وانتقده لتزكيته نفسه وعهده ! ثم رأيته يمشي محاطا ببعض الحضور يناقشونه حتى ركب السيارة ولم أسمع أحدا تناوله بسب وشتم غير أني سمعت أحدهم يعظه في إحياء ذكرى ليلة بدر وإقامة الحفلات فيها وتحميل الناس بالحافلات إليها ولم أشاهد أو أسمع تهديدا لأحد فضلا عن الرفس والركل الذي ادعوه غير أني سمعت أحد الحضور يهتف وهو خارج تكبير فكبر بعضهم فانتقده أحد الحضور فأجاب آخر : هم يصفقون ونحن نكبر!! .
سابعا : تملكني العجب من تلك الادعاءات العريضة والكذب الصريح والحديث في الصحف عن الشغب وقلة الأدب ولم يحصل إلا نقاش ومن طبيعة النقاش بين المتخالفين أن يصحبه اللجاج أحيانا وارتفاع الأصوات وهذا أمر طبعي يحصل عادة حتى على مستوى البرلمانات ، اللهم إلا إن كانوا يريدون منا أن نحضر ليلقنونا مفاهيمهم بطريقتهم ويخطب علينا رجالهم وحريمهم ونحن خافضو رؤسنا كأن عليها الطير ثم ننصرف شاكرين لهم تفضلهم بالسماح لنا بالحضور والاستماع !! ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
أنا لا ألوم القوم لأنهم لم يعتادوا الصراحة والشفافية والرأي الآخر الذي وقع على مسامعهم كالنبل ؟، لكني ألوم شيخ الصحفيين وزعيمهم الذي لم يراع شرف مهنته وأنه من أسرة كريمة لها تاريخها العريق على افتراءاته وقلبه للحقائق واستغلاله للصحافة للانتصار لذاته وتأليب كتاب أعمدته ، والهبوط إلى ألفاظ سوقية في جريدته مثل وصف المشايخ بالمتزمتين والسخرية بهم ووصف حركاتهم وتركهم للبس العقال والربط بينهم وبين حوادث التفجير والقتل !! أهذا يليق يا تركي بسنك ومكانتك ؟ أما كفى ما مارسته من هيمنة وانتقائية في صحيفتك وانتقاء كتاب من مشربك وطريقتك وحجب الأصوات الأخرى التي لا تروق لك ؟ أما كفى ذلك حتى يحدث منك ما حدث في الندوة فتضيق ذرعا ولا تتحمل سماع أصواتهم ولو نصف ساعة متبقية ثم تشن حملتك الظالمة عليهم بعد الندوة ؟ ، وكان من المفترض أن يقفل الحديث عنها بالخروج من قاعتها . لكن يأبى الله إلا أن تظهر الحقائق ويكشف ما في الصدور هدانا الله وإياك وردنا جميعا إلى جادة الحق والصواب. ثامنا : عتبي على مشايخي من العلماء وإخواني طلبة العلم والدعاة لتخاذلهم وترك الانتصار لإخوانهم وتلامذتهم ومن اقتطعوا من وقتهم الثمين وتحملوا سماع حديث أولئك وهم يشاهدون تضافر خصومهم من المشاركين في الندوة ومن حضر من الصحفيين وغيرهم ممن لم يحضر ورميهم إياهم عن قوس واحدة وهب أنهم غير قادرين على نشر مقالاتهم في الصحف ، فقد جعل الله لهم مخرجا عبر البيانات والمقالات والمداخلات في الساحات الحوارية إضافة إلى الخطابات المرفوعة إلى أولي الأمر لبيان خطورة خصومهم وبجاحة مطالبهم . وعتبي أشد على من تسلل إلى نفسه تصديق أولئك في بعض زعمهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء سؤال إخوانهم الحاضرين ولو بمهاتفة وأرجو أن نرى منهم وقفة مشرفة لإخوانهم وتلامذتهم في وقت يتعرضون فيه لحملة تشويه وافتراء واستعداء تظاهرت عليها الصحف كلها أو جلها .. وشكري مضاعف لإخواني من طلبة العلم وأصحاب الفضيلة وأساتذة الجامعات وخطباء الجوامع ممن سجل موقفا بحضوره ومشاركته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
هذا ما تيسر ذكره مما علق بالذهن ذكرته حفظا للواقع وبيانا للحقيقة وكشفا للشبهة ، والله سبحانه على كل شيء حسيب ورقيب .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
كتبه / محمد بن أحمد الفراج