غلق الطريق الى كابل وفتح الطريق الوعر
[b][size="5"]
غلق " الطريق الى كابل" وفتح " الطريق الوعر"
حرب طرق أم حرب أفكار
قراءة تحليلية في واقع الاعلام العربي ودوره في تشويه الصورة وقلب الحقائق
بأدوات النصب والجر والرفع، وعلامات التأنيث والتذكير وأدوات التنكير والتعريف قدمت وسائل الإعلام م العربية "مادتها الدسمة " لمشاهديها في شهر رمضان المبارك الذي تحول إلى حلبة صراع تعرض فيها آخر الصيحات في موضة الوجبات المليئة بالدسوم الضارة المسببة للكلسترول الفكري، والأخطر والأدهى أن يكون الإسلام هو المادة الأساسية في إنتاج تلك الوجبات لتعرض باسم المطبخ الإسلامي ،لذا فإننا في هذه الأسطر نحاول أن نكشف النقاب ولو قليلا عن دور إعلامنا المسمى " عربي" في تشويه صورة الإسلام وننبه على كل من يقرا هذه الكلمات أن فاء الفعل في كلمة عرب هي العين وليست الغين.
إن أبرز شيء يشد الاهتمام في وسائل الإعلام العربية هو "تبعيتها " الدائمة للمتغيرات التي تحدث في العالم،فنجد خطابها في السبعينات والثمانينيات يختلف عنه في التسعينات ،وبعد 11من سبتمبر يختلف عن سابقيه، ،وعند السؤال عن السبب يقول قائلهم " إن فاعلية الخطاب الإعلامي لأي وسيلة إعلامية تقاس بمدى قدرتها على التفاعل الإيجابي مع واقع الجمهور ومواكبة التطورات الحادثة فيه ، فإذا كان الأمر كذلك فالسؤال هنا عن جمود إعلامنا عن التفاعل الإيجابي والتعاطي الصادق مع مطالب التغيير والإصلاح .. والدهشة من موقف إعلامنا من رغبات الناس في الديمقراطية الحقيقية واستنشاق رحيقها المختوم! .
إن الحديث عن واقع إعلامنا حديث مر ومثقل بالآهات والأنين،ولكن نحاول أن نسلط ولو ضوءا خافتا على جزئية هامة وحساسة ألا وهي "إعلامنا وإسلامنا" و لشساعة هذا الموضوع وخطورته فإننا سنركز فقط على الإنتاج التلفزيوني في رمضان خاصة لهذا العام .
لقد شهد الإنتاج التلفزيوني في رمضان 2005 -على حسب النقاد- تراجعا كبيرا في البرامج والمسلسلات الهادفة،و أكد هؤلاء النقاد أن هذا التراجع سببه تغليب مصلحة الربح التجاري على الربح "الإصلاحي"،هذا الوضع انعكس سلبا على الإنتاج الذي يعالج القضايا الإسلامية الذي قل كثيرا إذا ما قارناه بالسنوات الماضية، والذي يهمنا في هذا كله هو التجربة الجديدة التي دخل فيها إعلامنا ،حيث انتقل من الإنتاج التاريخي (صلاح الدين الأيوبي، صقر قريش،....) إلى الإنتاج السياسي (الطريق إلى كابل، الطريق الوعر...)وتزّعم هذا اللون الجديد من الدراما الإنتاج السوري بعُدَته وعتاده ،هذا الإنتاج الذي استبشر المتتبعون به خيرا لخلافة الإنتاج المصري المليء بأنهر من العواطف والرومانسية الزائدة التي أخرجت التاريخ الإسلامي في كثير من الأحيان عن حقيقته ، ولنا في مسلسل "عمرو بن العاص" خير مثال،أما مسلسل " هارون الرشيد " فقد أهين فيه تاريخنا أيما إهانة، ولعل أبرز ما يميز الإنتاج السوري هو "الجدية "في معالجة القضايا والذي برز بوضوح في مجال الفنتازيا من خلال السلاسل الشهيرة: الجوارح ،الكواسر،البواسل، الفوارس ،وبالفعل بدأ العملاق السوري بخطى ثابتة وقوية ،وقدم في رمضان 2002 مسلسل "صلاح الدين الأيوبي" والذي قضى على الصورة المشوهة التي سطرتها" المأساة السينمائية" والتي خطها المخرج المسيحي "يوسف شاهين " في فيلمه الأضحوكة ، و الفرق بين هذا وذاك واضح الملامح ليس محصورا بين 30ساعة و2.5 ساعة فقط،وإنما أيضا بين الحب الحقيقي (تعلق المسلمين بالقدس) والحب الكاذب( تعلق الجندي المسلم بالفتاة المسيحية)، بين....... وبين........
وتوالى الإنتاج السوري في رمضان 2005 وقدم مسلسل "المرابطون والأندلس"ورغم أن هذا العمل بالغ في تصوير حياة الترف واللهو في الأندلس ، إلا أنه قدم الحقائق التاريخية كما هي خاصة عند الحديث عن المرابطين.
وبعد هذا النجاح الباهر في الإنتاج التاريخي حاول السوريون مواكبة التطورات ،فوضعوا أقدامهم في حقل جديد محفوف بالألغام الفتاكة،إنه الإنتاج السياسي، وفي بداية هذا الطريق أطلق الإنتاج السوري " المسلسل القنبلة" كما يطلق عليه إنه مسلسل " الطريق إلى كابل" ،وبدأ المسلسل الذي اشترت حقوق بثه شبكة MBC فكانت الصدمة : موضوع إسلامي ،حدث ليس بالبعيد ، الكل في قفص الاتهام ... ، لقد قدم المسلسل قراءة –وان كانت محرفة شيء ما- ولكنها وصلت إلى حد الاتزان ، وحاول في حلقاته الست أن يُوصل فكرة مفادها أن ما حدث في أفغانستان هو خطة أمريكية ،بدعم باكستاني وبأجساد عربية، وفي أرض إسلامية ، بعد هذه الحلقات الأول زاد شوق المشاهدين إلى معرفة ماذا سيفعله "جلال" بطل المسلسل،ولكن .. تفطنت دوائر ما!! إلى أن المسلسل لا يخدم مصالحها وأهدافها في المنطقة فضغطت على زر يشبه زر "إيقاف التشغيل " في جهاز التحكم عن بعد "COMENDE " فانقطع البث .. وذهب المسلسل ومعه قصة "جلال حكمتي" أدراج الرياح ، ولم تتوقف المأساة هنا بل أكمل إعلامنا الباقي حيث أن قصة الإغلاق التي شغلت جماهير المشاهدين لم تحظى بالمتابعة المناسبة بالمقارنة مع ما حظيت به بعض المسلسلات كمسلسل "عائلة الحاج متولي" الذي أثار صخبا وضوضاء كبيرة وصلت إلى حد مطالبة بعض الجمعيات التي ترفع لواء الدفاع عن المرأة باعتذار رسمي من القائمين على إنجاز المسلسل رغم أنه لم يُبين إلا شيئا واحدا وهو أن الرجل إذا وسّع الله عليه في المال حُق له أن يُعدد أزواجه بشرط العدل والنفقة ،فلماذا الكيل بمكيالين؟، وبدون الدخول في تفاصيل هذا الإغلاق المفاجئ فإن السؤال الذي ينتظر من يجيب عنه هو: هل إغلاق الطريق إلى كابل يرجع لعدم صلاحية الطريق الغير معبدة أم أن السير في تلك الطريق يضر بمصالح أطراف معينة؟.
يتبع .....في ج02
__________________
دع الكسل وابدا الدعوة
|