رســالة للعم جمال
رســالة للعم جمال
شعر : خميس
في كل أسبوعٍ ـ كعادتها الجميلةِ منذ أعوامٍ ـ
تراسلني " دلالْ ".
وتقول لي .. بعض التفاصيل التي
عبر الأثير وفي الصحافة لا تُقالْ .
وأنا أحبُّ سماعَ أخبارِ الذين أحبهم
وألحُّ دوماً في السؤالْ ..
عن حالهم ،
وأقول سبحان الإله مُغيِّر الأحوال من حالٍ لحالْ .
وصلت رسالتُها الأخيرةُ منذ أيامٍ وفيها ما يلي :
عمِّي " جمالْ " : ـ
إن كنتَ يوماً في الجنوب وفجأةً
اشتدَّ شوقُك للأحبة في الشمالْ .
وأتاك من طرف الحبيب الأمرُ أنْ :
هيَّا تعالَ ، " وحشْتنا " ، هيَّا تعالْ .
وتحركت فيك المشاعر والحنين لما مضى والدمع من عينيك سالْ .
وعبرتَ شط الذكرياتِ بحلوها
وبمرِّها ،
وسبحتَ في بحر الخيالْ .
وحزمتَ أمرك أنْ ستقفل راجعاً
مهما يكنْ ،
وتشد للأهل الرحالْ .
ثم اكتشفت بأن ما قد خِلتهُ
سهلاً ،
غدا متعذراً ، صعب المنالْ .
وبأن رؤية من تحب كأنها
حلم من الأحلام أو شيء محالْ .
ثم انفعلت بشدةٍ ، وبدت على
قسماتِك السمراءَ ، شدةُ الانفعالْ .
وصرختَ : هل نحيا بعصر سابقٍ ؟
حيث الدوابُ غدت
وسيلةَ الانتقالْ . ؟
وهناك آلاف الحواجز لم تزل
وهناك حظرٌ للتجول لا يزالْ . ؟
وهناك شيءٌ لا شبيهَ له ولا
في هذه الدنيا له أبداً مثالْ .
يٌدعى احتلالاً ـ يا لخيبة عالَمٍ
مازال معترفاً
بدولة الاحتلالْ . ؟! ـ
ورفعت كلتا قبضتيك وقلت : " لا
باقون نحن .. والاحتلال إلى زوالْ ".
ثم اندفعتَ وفي عيونك نظرةٌ
وكأنها جمرٌ ،
على وشك اشتعالْ .
فإذا المدارس غُلِّقت أبوابُها
إلا " الشهادةُ "
بابُها يَسَعُ الجِمالْ .!
وإذا الشوارع شبه خاليةٍ وما
من " حَطَّةٍ " ،
فوق الرؤوس ولا " عِقالْ " .
أين الرجالُ ؟ سألتَ ،
قيل : استشهدوا
وغدوا مناراتٍ على درب النضالْ .
وهناك مفقودونَ .. أو جرحى ومن
في السجن ، والباقون فروا للجبالْ .
فذهبتَ من جبل إلى جبل إلى
أنْ قيل : " نحن هنا ..
رفاقك في القتالْ " .!
***
ـ هذا غدا .. يا عمُّ حال رجالنا
قلْ لي ..
أيوجد عندكم أنتم رجالْ ؟! ـ
|