أهم القواعد لتعامل المسلم مع واقع غير إسلامي
د/ عدنان النحوي
لقد وضع الإسلام نهج حياة للمسلم يمارسه في كل واقع يعيشه ، ووضع نهجاً للدعوة الإسلامية لتعرف كيف تتحرك في كل واقع تمر به . :
ونحاول جهدنا عرض أهم هذه القواعد التي تعين الفرد وتعين الجماعة :
القاعدة الأولى:والشرط الرئيس للتعامل الصادق مع مجتمع غير مسلم أن يعرف المسلم دينه من منهاج الله أولاً ، وأن يظل مصاحباً لمنهاج الله – قرآناً وسنة ولغة عربية – مصاحبة منهجية ، مصاحبة عمر وحياة . وكيف يمكن لمسلم لا يعرف دينه أن يتعامل مع ذلك المجتمع ؟! إنّ التعامل مع المجتمع يعني قيام علاقات يومية تحتاج إلى فقه وعلم . ولا يستطيع المسلم أن يلجأ في كل مرة إلى عالم أو فقيه قد لا يعيش معه ولا يعرف حقيقة الواقع . وإن استطاع العالم أن يجتهد في أمر عام ، فهناك أمور تفصيلية بعيدة عن العالِم . والعالِم لا يجتهد إلا إذا عرف القضية حق المعرفة وردها إلى منهاج الله ، ووجد الدليل والبينة على رأيه واجتهاده دون لَيّ الآيات والأحاديث . إن المسلم نفسه مسؤول وعليه أن ينهض لمسئوليته ليعرف دينه ، ويجتهد فيها هو مسؤول عنه محاسب عليه ، وليعرف حدوده الشرعية ومسئوليته الفردية .
القاعدة الثانية : فهم ذلك الواقع من خلال منهاج الله ,وأن يرده إليه ، حتى لا تتقاذفه الأهواء فيضعف ويستسلم ، أو يغالي فيتمرد على غير علم ولا قدرة ولا نهج .
القاعدة الثالثة : أن يدرك المسلم أنه داعية يحمل رسالة الله ليبلغها للناس،وأنه مسؤول محاسب بين يدي الله عن هذه الأمانة العظيمة التي يحملها ، وأنه يجب أن يكون جزءاًَ من أمة مسلمة واحدة تحمل دعوة الله في الأرض ، لا تنجح في الوفاء بأمانتها إلا إذا كانت كلها صفاً واحدا كالبنيان المرصوص .
القاعدة الرابعة : أن لا ينعزل عن أرض الإسلام وأمة الإسلام فلا يكون وجوده في مجتمع غير مسلم عازلاً له عن
أرضه المسلمة الممتدة في الأرض ، وأن لا يكون عمله معزولاً عن عمل أمته بل يسعى ليجمع الجهود كلها نهج وصراط مستقيم .
القاعدة الخامسة : أن يعرف المرحلة التي هو فيها ودوره الشرعي في تلك المرحلة ,
دون أن يقفز قفزاً متجاوزاً بعض المراحل في دينه ودعوته . فالإسلام دعوة ، والإسلام تربية وبناء ، والإسلام جهاد ، والإسلام أمة ودولة وحكم . ولكل مرحلة فقهها وقواعدها الخاصة بها ، بالإضافة إلى القواعد العامة الممتدة في جميع المراحل فلا يُؤخذ حكم خاص بمرحلة معينة ليطبق في مرحلة سابقة أو لاحقة .
القاعدة السادسة : إقامة الدين وعدم التفرق فيه والدعوة إليه ,قال تعالى
![Frown](frown.gif)
شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك و ما وصى به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه )] الشورى13]
من هذه القاعدة يجب أن ندرس من خلال منهاج الله كيف نضع النهج لتحقيق هذه الآية الكريمة :
1- إقامة الدين .
2- عدم التفرق .
3- الدعوة إلى الله ورسوله ، الدعوة التي كَبُرت على المشركين ، ليكون النهج هو الذي يجمع والصراط المستقيم هو الذي يوجد .
القاعدة السابعة:التعاون فيما أمر الله بالتعاون فيه ويعذر بعضهم بعضاً فيما أذن الله بالخلاف فيه
القاعدة الثامنة :إدراك المسلم لمسؤوليته الفردية ؛ لقد طويت المسؤولية الفردية في حياة كثير من المسلمين ، وأصبح الملايين غثاءً كغثاء السيل . وألقت هذه الملايين المسؤولية على عاتق العلماء أو على عاتق الدعاة ، قطيعاً يساق لا علم عنده ولا رأي له ، مخالفين بذلك قواعد أساسية في منهاج الله ، منها :
( لا يكن أحدكم إمّعة ....) ، ( كلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ....)
كذلك تنسى هذه الجموع التي تُساق أنَّ كل إنسان سيأتي يوم القيامة فردا ً:
قال تعالى
![Frown](frown.gif)
وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) [مريم :95 ] وقال تعالى : [ ولقد جئتمونا فُرادى كما خلقناكم أو مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتهم أنهم فيكم شركاء ...)[ الأنعام : 94 ]
وغياب المسؤولية الفردية يضع أول عقبة في سبيل التعامل مع الواقع ، حيث يُساق كل فريق باتجاه ، فتُقتَل الجهود والأوقات . وتنشأ المشكلات والعقبات .
القاعدة التاسعة : بناء نهج وخطة :
إن السير على غير نهج وخطة يعني الهلاك . ولو التقى فريقان : فريق له نهجه والآخر لا نهج له ، لحول صاحب النهج جهود الفريق الآخر لصالحه . ويظل الفريق الآخر يتنقل من خطوة ارتجالية مضطربة إلى خطوة ارتجالية مضطربة ، ومن هزيمة إلى هزيمة ، وتنهار الشعارات التي كانت تخدر الناس . ونصل إلى النتيجة نفسها حين يكون النهج والتخطيط غير قائمين على الإيمان والتوحيد ومنهاج الله ووعي الواقع من خلال منهاج الله .
القاعدة العاشرة : يبيّن المسلم للناس أنه جاء يدعوهم إلى الحق والخير والصلاح :
إننا حين ندعو الناس إلى الإيمان والتوحيد ، نوضح لهم أننا من حيث المبدأ جئنا بالخير والحق ، جئنا لإنقاذهم . نذكرهم بالموت وما بعده ، نثير فيهم فطرتهم الكامنة . نتألف قلوبهم بالحق والطهر والصدق والوضوح . نوضح لهم بجلاء أننا جئنا لنخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام . نوضح لهم أن الإسلام هو حاجة البشرية كلها ، وأنه حاجتهم هم أنفسهم للنجاة في الدنيا والآخرة .
القاعدة الحادية عشرة :أن لا يُقرَّ باطلاً ولا يقرن الإسلام بغيره ولا يحاول التوفيق بين الإسلام والمذاهب المنحرفة :
أن لا نقرهم على باطل ، وأن لا نقرن الإسلام بمذاهبهم ولا نسعى للتوفيق بينها وبين الإسلام . وحسبنا أن نقول لهم :
( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) [ آل عمران : 64 ] .