مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 03-01-2001, 08:45 AM
المعتمد بن عباد المعتمد بن عباد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 392
Post بطلان أدلة المجاز

نقلاً عن مجلة البحوث الإسلامية (العدد 37):

بطلان أدلة المجاز
بقلم/ د. مصطفى عيد الصياصنة

الحديث عن (المجاز) حديث جد دقيق، يتطلب قدراً وافياً من الروِّية، وإعمال الفكر والبصيرة النافذة، من أجل إدراك ماهيته، والوقوف على ما ادعي من مظاهره، وتبين مآلات القول به ومؤداه.
مذاهب العلماء في قضية المجاز:
من المعلوم أن متأخري العلماء، قد انقسموا – بصدد قضية المجاز – إلى طرفين ووسط:
فريق قال بوجود المجاز في اللغة والقرآن معاً، ودعم ما ذهب إليه بمجموعة من الأدلة العقلية، كأبي الحسن الآمدي صاحب كتاب (الإحكام في أصول الأحكام)، وجارالله الزمخشري صاحب (الكشاف)، و(أساس البلاغة)، والفخر الرازي صاحب التفسير، وابن حجر العسقلاني في كتابه (غراس الأساس)، حيث جمع فيه المجازات الواردة في (أساس البلاغة)، وإن كان أسقط بعضها أحياناً، فإنه زاد عليها مجازات لم يقل بها الزمخشري أحياناً أخرى[1].
وقد كان الإمام الشوكاني في كتابه (إرشاد الفحول) ممن نحا هذا المنحى، بل إنه ذهب إلى اتهام كل من ينكر وقوع المجاز في القرآن أو لغة العرب بالجهل وقلة الإطلاع، قال رحمه الله: ( المجاز واقع في لغة العرب عند جمهور أهل العلم، وخالف في ذلك أبو إسحق الإسفرائيني، وهذا يدل أبلغ دلالة على عدم إطلاعه على لغة العرب، وينادي بأعلى صوت، بأن سبب هذا الخلاف، تفريطه في الإطلاع على ما ينبغي الإطلاع عليه، من هذه اللغة الشريفة، وما اشتملت عليه من الحقائق والمجازات التي لا تخفى على من له أدنى معرفة بها، فإن وقوع المجاز وكثرته في اللغة العربية أشهر من نار على علم، وأوضح من شمس النهار.
وكما أن المجاز واقع في لغة العرب، فهو أيضاً واقع في الكتاب العزيز، عند الجماهير وقوعاً كثيراً، بحيث لا يخفى إلا على من لا يفرق بين الحقيقة والمجاز.
وقد روي عن الظاهرية نفيه عن الكتاب العزيز، وما هذا بأول مسائلهم، التي جمدوا فيها، جموداً يأباه الإنصاف، وينكره الفهم، ويجحده العقل.
وكما أن المجاز واقع في الكتاب العزيز وقوعاً كثيراً، فهو أيضاً واقع في السنة وقوعاً كثيراً، والإنكار لهذا الواقع مباهتة، لا يستحق المجاوبة)[2].
أما ابن جني وشيخه أبو علي الفارسي، فقد توسعا - في القول بالمجاز – توسعاً، لم يسبقهما إليه أحد، إذ زعما أن عامة ألفاظ العربية، وأكثر ما ورد فيها من أفعال، إنما هي من قبيل المجاز لا الحقيقة.
وأنكر فريق وجود المجاز في القرآن الكريم ولغة العرب بالكلية، وممن أنكره أبو إسحق الإسفرائيني، والإمام ابن تيمية في فتاويه، وتبعه تلميذه ابن القيم في (الصواعق المرسلة) حيث عقد فيه فصلاً مطولاً بعنوان (فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات، وهو طاغوت المجاز)، وقد ذكر فيه أكثر من خمسين وجهاً، في إبطال حجج القائلين بالمجاز، وكشف عواره، وما له من سيء الأثر على عقيدة المسلم وتوجيه آيات الله في كتابه العزيز[3].
(ج) أما الفريق الوسط، فقد ذهبوا إلى أن المجاز موجود في اللغة، إلا أن وجوده في القرآن مردود، وممن قال بذلك، محمد بن خويز مداد البصري المالكي، وداود بن علي الأصبهاني، وابن القاص الشافعي، ومنذر بن سعيد البلوطي، الذي ذكر ابن تيمية في فتاويه، أنه صنف كتاباً في نفيه عن القرآن[4]. وقد قال بقولهم الشيخ محمد أمين الشنقيطي، في رسالته الموسومة بـ (منع جواز المجاز في المُنَّزل للتعبد والإعجاز)[5].
وقد ذهب الظاهرية أيضاً، إلى نفيه عن الكتاب العزيز، وإن كان الإمام ابن حزم قد اتخذ موقفاً متأرجحاً، حيث قسم الأسماء الواردة في القرآن إلى ألفاظ تعبدنا بها قولاً وعملاً، فهذه ليس فيها شيء من المجاز، وألفاظ موضوعة في اللغة لمعنى تعبدنا بالعمل به، دون التزام اسمه، فهذه هي التي يقع فيها المجاز، قال رحمه الله: (فكل كلمة نقلها تعالى عن موضعها في اللغة إلى معنى آخر، فإن كان تعالى تعبدنا بها قولاً وعملاً، كالصلاة والزكاة والحج والصيام والربا وغير ذلك، فليس شيء من هذا مجازاً، بل هي تسمية صحيحة واسم حقيقي لازم مرتب حيث وضعه الله تعالى، وأما ما نقله الله تعالى عن موضعه في اللغة إلى معنى تعبدنا بالعمل به، دون أن يسميه بذلك الاسم، فهذا هو المجاز، كقوله تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)[الإسراء:24]، فإنما تعبدنا تعالى بأن نذل للأبوين ونرحمهما، ولم يلزمنا تعالى قط أن ننطق – ولا بد – فيما بيننا، بأن للذل جناحاً، وهذا لا خلاف فيه وليس كذلك الصلاة والزكاة والصيام، لأنه لا خلاف في أن فرضا علينا، أن ندعو إلى هذه الأعمال بهذه الأسماء بأعيانها ولا بد)[6].
والذي يبدوا أنه لا ابن حزم ولا الشوكاني من بعده، استطاعا أن يضعا قدميهما على أرض صلبة، فيما يخص مسألة المجاز في القرآن واللغة، لما فاتهم من الوقوف عليه، من الآثار والمفاسد المترتبة على القول به.
ما هو المجاز؟
الكلام – عند القائلين بالمجاز – قسمان: حقيقة ومجاز.
والحقيقة – في منظورهم – هي عبارة عن اللفظ المستعمل فيما وضع له أصلاً.
والمجاز: (هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أصلاً)، مأخوذاً من (الجواز)، وهو الانتقال من حال إلى حال، ومنه: جاز فلان من جهة كذا إلى جهة كذا، وهو مخصوص – إذا أطلق – بانتقال اللفظ من جهة الحقيقة إلى غيرها.
وتراهم – إذا أرادوا الوصول إلى غاية الدقة في تعريفه – وضعوا له حداً يقول: (إنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في اصطلاح التخاطب لعلاقة مع وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الوضعي).
قالوا: فالأسد والحمار لفظان جعلا في أصل وضعهما، للدلالة على البهيمة المعروفة، فهما – بهذا الاعتبار – حقيقة، ثم إنهما نقلا عن أصل وضعهما، اللذين كانا عليه، إلى معنى جديد للدلالة على الشجاع والبليد، فأصبحا – بعد النقل – مجازاً.
وكذلك العين والرأس، هما حقيقة إن دلا عل العضوين المعروفين في الإنسان، أما إذا استعملا في غيرهما صارا مجازاً، كأن نقول: عين الشمس، وعين الحقيقة، وعين الماء، والعين الذي هو الجاسوس، وكذا رأس الدرب، ورأس المال، ورأس الدولة، ورأس الأمر ورأس الجبل.
بطلان علاماته التي ميزوه بها:
وقد ذكر القائلون بالمجاز علامات يعرف بها المجاز، ويتميز بها – عندهم – عن الحقيقة:
1) الوضع:
وأول هذه العلامات التي مازوا بها الحقيقة عن المجاز: أصل وضع اللفظ، فإذا كان اللفظ قد وضع أصلاً للدلالة على معنى معين فهو حقيقة في دلالته على ذلك المعنى، أما إذا دل على معنى آخر – لم يكن قد وضع أصلاً للدلالة عليه – فهو مجاز في الدلالة على هذا المعنى الجديد ..
قالوا: ونعرف ذلك بطريق النقل عن أهل اللغة، كأن يقول الواضع هذا حقيقة، وذاك مجاز، أو يقول: هذا اللفظ مستعمل فيما وضع له، وذاك مستعمل في غير ما وضع له.
والقول بأن العرب قد وضعوا هذا اللفظ المعين، للدلالة على هذا المعنى بالذات دون غيره من المعاني، واستعملوه فيه مدة قصير أو طويلة على الحقيقة، ثم نقلوه – بعد ذلك – للدلالة على معنى آخر مستحدث، غير معناه الأول، الذي كانوا وضعوه له، ثم استعملوه فيه على المجاز، ليس إلا عبارة عن دعوى بلا علم، وقول لا يقوم عليه دليل، للأسباب التالية:
(أ) إن ادعاء وضع أي لفظ كان – في أصل وضعه الأول – للدلالة على معنى معين بالذات دون غيره من المعاني، لا يمكن الوصول إليه إلا بطريق الوحي أو خبر الصادق المعلوم بالضرورة صدقه، وأنا لبشر أياً كان – حاشا الأنبياء – ادعاء مثل هذا؟؟
إن مثل هذا غيب لا يمكن لأحد الجزم به، لأن أحد منا لم يكن مع أهل اللغة الأولين، ليعرف أنهم وضعوا هذا اللفظ – أول ما وضعوه – للدلالة على هذا المعنى المعين بالذات، ولا هم أخبرونا بشيء من هذا عن طريق نص صريح صحيح يمكن الاعتماد عليه أو الركون إليه.
(ب) ثم إن مثل هذا الإدعاء مبني على القول بأن ألفاظ اللغة اصطلاحية، بمعنى أن مجموعة من العقلاء قد اجتمعوا، واصطلحوا على أن يطلقوا هذا اللفظ على هذا المسمى، ثم استعملوا – بعد هذا الاتفاق – هذا المعنى في الدلالة على هذا المعنى دون غيره، وبعد مرور فترة من الوقت – طويل أو قصير – اجتمعوا مرة أخرى – كاجتماعهم الأول – وتواطأوا على أن يستعملوا ذلك اللفظ، في معنى آخر غير المعنى الأول – جد عليهم – لاكتشافهم وجود علاقة بين هذا اللفظ، وبين هذا المعنى الجديد، ثم قالوا: هذا اللفظ حقيقة في الدلالة على المعنى الأول، مجاز في الدلالة على المعنى الثاني.
ونحن لا نعلم أحداً تجرأ على القول بمثل هذا القول، إلا ما نقل عن أبي هاشم الجبائي المعتزلي أنه قاله وبسببه خاض معركة كلامية مع صديقه القديم أبي حسن الأشعري، الذي قال في مبدأ اللغات: إنها توقيفية[8].
(ج) إن الذي يعرفه الناس جميعاً، هو استعمال الألفاظ في معانيها المفهومة منها، وأما أن يكون أهل اللغة قد وضعوا هذا اللفظ لهذا المعنى لا يتعداه إلى غيره، فهذا خلاف المعقول والمنقول.
ففي قوله تعالى – مثلاً – (الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع)[فاطر:1] قالوا: الجناح – هنا – مجاز، إذ أن الملك ليس له جناح من ريش، وهذا – بلا شك – قول فاسد، بل هو من أفسد الأقوال، فمن ذا الذي جاءنا بنقل ثابت متواتر، يفيد أن العرب وضعوا كلمة: (جناح)، ولم يريدوا بها إلا جناح الطائر ذا الريش لا غير؟
إن ادعاء مثل هذا من المحال، ولا يمكن إلا إذا أتانا عن طريق نقل ثابت صدق، كأن يكون وحياً، أما ما عداه فلا شيء يلزمنا بقبوله البتة.
ونحن نعرف – وكل العرب تعرف – أن جناح الملك غير جناح الطائر غير جناح الطائرة، غير جناح البناء، غير جناح الذل، غير جناح اليمين أو اليسار في ميدان السياسة، ومن أراد أن يلزمنا بأن الجناح حقيقة في ذي الريش، مجاز في كل هؤلاء، فعليه الدليل، وأعتقد أن قوله هذا لا يعدوا أن يكون قولاً بغير علم.
2) التبادر إلى الذهن حين الإطلاق:
والعلامة الثانية التي يتميز بها المجاز عن الحقيقة: (التبادر إلى الذهن)، فالحقيقة ما تبادر إلى الذهن معناه فور إطلاقه مجرداً عن أية قرينة وقيد، والمجاز ما لم يتبادر إلى الذهن معناه عند الإطلاق، بل إن معناه لا يتوصل إليه إلا عن طريق دلالة ما يلزم اللفظ من قرينة أو قيد.
قالوا: فلفظ (الأسد) إذا أطلق، تبادر منه الحيوان المفترس دون الرجل الشجاع.
ولفظ (الرأس) إذا أطلق تبادر إلى الذهن منه رأس الإنسان، دون غيره كرأس المال أو رأس الدرب.
ولذا فهي حقيقة في المعنى الأول، مجاز في المعاني الأخرى.
وهذا المعيار – الذي وضعوه – باطل من وجوه:
(أ) إنه مبني على دعوى إمكانية تجريد اللفظ من القرائن بالكلية، والنطق به وحده – هكذا – من غير قرينة تدل على المراد منه فيتبادر - حينئذ – منه الحقيقة عند التجرد، وهذه دعوى باطلة، إذ أن اللفظ المطلق عن جميع القيود محال، فهو لا بد أن يكون في كلام متكلم، مقروناً بغيره من الألفاظ، التي تشير إلى مدلوله ومعناه، وهذه قرائن وقيود لا بد منها في كل كلام يفهم معناه.
(ب) إن اللفظ المجرد من كل قيد وقرينة، لا يمكن أن يكون إلا بمثابة الصوت الذي ينعق به، ولا يفيد معنى، فأنت إذا قلت: (افترس الأسد طفلاً) و (رأيت أسداً يجز رقاب الفرسان)، فهمنا من الأولى أنك تريد الحيوان المفترس، ومن الثانية أنك تريد الرجل الشجاع لا غير.
وإذا قلت: (انتظرتك على رأس الدرب) و (وقفت على رأس الجبل) و (قطع الأمير رأس المجرم) فهمنا – وفهم كل عربي مثلنا – أنك تريد من رأس الدرب أوله، ومن رأس الجبل قمته، ومن رأس المجرم هذا العضو المعروف في الإنسان ليس غير، وكل من فهم غير هذا الفهم كان فاسد العقل سقيم الإدراك. إن العرب لم تستعمل الألفاظ إلا مقيدة، ولم يرو أبداً أنهم استعملوا لفظاً مطلقاً من غير قيد، بل ومن أعلمنا أن العرب وضعوا – أول ما وضعوا – لفظ (الرأس) أو (الأسد) مجرداً من كل قرينة، وأنهم عندما وضعوها هكذا مجردة، أرادوا بها هذا المعنى المعين بالذات، دون غيره من المعاني الكثيرة، التي يدل عليها ذلك اللفظ؟
إنها مجرد دعوى فارغة، اختلقها خيال مهوِّم، لا يسندها دليل ثبت، ولا واقع حال.
ولو أني قلت: (رأيت أسداً) و (أبصرت رأساً)، فمن من العقلاء يستطيع أن يحدد مرادي بلفظي، الأسد والرأس، إذا لم يسمع مني بقية كلامي، بحيث يربط كل علاقة بالسابق واللاحق من ذلك الكلام؟
(جـ) إن المتكلم إذا اعتاد أن يعبر بلفظ ما، عن معنى معين مخصوص، صار اعتياده هذا قرينة دالة على إرادته لذلك المعنى، وكذا لو أن أهل بلد أو عصر، اعتادوا إرادة معنى معين، باستخدام لفظ مخصوص له، دون غيره كان عرفهم هذا وما اعتادوه قرينة تكشف عن المعنى المقصود، وهكذا فإن أعراف المتكلم أو المتكلمين في خطابهم قرائن دالة على مرادات ألفاظهم، وبذا لا يكون اللفظ مجرداً – إذا أطلق – حيث أضيف إليه عرف المتكلم في استخدامه لهذا اللفظ وعادته بخطابه.
(د) وإذا لم يكن هناك لفظ مجرد من جميع القرائن التجريد الكامل، فإن الذي يسبق إلى فهم المستمع في كل موضع استخدم فيه اللفظ، ما دل عليه دليل في ذلك الموضع.
فأنت إذا قلت: (أشكو من ألم في ظهري) وقلت: (كسر فلان ظهري بعناده) وقلت: (ركبت ظهر الطريق). سبق إلى فهم كل سامع أنك تريد الظهر الذي في الإنسان في العبارة الأولى، وفي الثانية أنه أتعبك، وفي الثالثة أنك علوته مسافراً، وهذا غير قولك: (سافرت بلا ظهر) وقولك: ( أنا خفيف الظهر)، فإن الذي يسبق إلى أذهاننا من الأولى أنك بلا ركاب تحمل متاعك، ومن الثانية أنك قليل العيال.
فما دام أنه لا بد لكل لفظ من الارتباط بقرينة أو قيد – أياً كانت هذه القرينة أو هذا القيد – وأن الذي يتبادر إلى الذهن منه ما دل عليه من خلال هذه القرينة أو القيد، فقد تبين فساد معيارهم هذا.
3) صحة النفي:
كما جعلوا صحة نفي اللفظ دلالة على مجازيته، فالمجاز – عندهم – يعرف بصحة نفيه، أما الحقيقة فلا يصح نفيها، بمعنى أن اللفظ إذا صح نفيه عما أطلق عليه، كان مجازاً، ويكون نافيه صادقاً في نفس الأمر، فيصح أن يقال لمن قال: (رعت الماشية الغيث): إنها لم ترعى الغيث، وإنما رعت النبات، لأن الغيث لا يرعى، وإنما الذي يرعى النبات، وكذلك يقال لمن قال: (رأيت ليثاً يجز الرقاب): إنه ليس بليث، وإنما هو إنسان شجاع.
وهذا القول ساقط من وجوه أهمها:
(أ) إنّا لا نعرف من هم الذين يستدل بصحة نفيهم، ليكون معياراً على حقيقة أو مجاز كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل وكلام أي أحد، هل هم أهل اللغة وأرباب اللسان؟ وليس أحد نقل عنهم أنهم قالوا: إن هذا يصح نفيه وهذا لا يصح، أم هم أهل العرف؟ ونحن نعرف جميعاً، أن نفي هؤلاء تابع لعرفهم، فلا يصح أن يكون معياراً في الحكم على اللغة، أم هم أهل الاصطلاح؟ وهؤلاء لا يتعدى نفيهم أن يكون اصطلاحاً، وقد اتفقوا عليه فيما بينهم، وقد يتفق غيرهم من أهل الاصطلاح على القول بنقيضه، فتسقط بذلك الحجة، وينتفي البرهان..
(ب) ونحن لو أردنا مناقشة أصحاب القول بالمجاز، الذين وضعوا هذا المعيار وتبنوه، بلغة العقل ومقدمات المنطق، لقلنا: إنكم تقولون: كل مجاز يجوز نفيه، ونحن وأنتم متفقون على أنه لا شيء في القرآن يجوز نفيه ألبته، لأنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. نتج عن ذلك أن لا شيء من القرآن مجاز، بل ومن قال بأن في القرآن ما يجوز نفيه، حكمنا عليه بالكفر، فبطلت حجتكم.
(ج) ثم إن هذا القول هو الذي ركبه المعطلون، وصولاً إلى نفي صفات الخالق الثابتة في الكتاب والسنة، إذ جعلوا يد الله ووجهه وساقه وقدمه واستواءه ونزوله مجازات، يصح نفيها، فقالوا: إنه لا يد له سبحانه، ولا ساق، ولا وجه، ولا استواء، ولا نزول، بل ولا عرش ولا كرسي، إلى آخر اعتقاداتهم الفاسدة.
4) اختلاف صيغة الجمع:
وفرقوا بين الحقيقة والمجاز، باختلاف صيغة جمع مفرديهما، فإن لفظ الحقيقة إذا جمع على صيغة، ثم جمع ذلك اللفظ على صيغة أخرى، كان في الحالة الثانية مجازاً..
مثاله: لفظ (الأمر)، إذا استعمل في القول المخصوص الدال على التكليف، فإنه يجمع على (أوامر)، وإذا استعمل في الدلالة على الحال والشأن والفعل، جمع على (أمور)، فدل ذلك على أنه حقيقة في الأول، مجازاً في الثاني.
قالوا: ومنه قوله تعالى: (إنّا كل شيء خلقناه بقدر . وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر)[القمر:49-50]، فهنا جمع أمر، (أوامر)، فهو على الحقيقة.
أما في قوله: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين . إلى فرعون وملإه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد)[هود:96-97] فإن جمعه على (أمور) فدل على كونه مجازاً.
وذهب بعضهم إلى أن الحقيقة تجمع والجاز لا يجمع[9].
وهذا التفريق الذي وضعوه فاسد لما هو آت:
(أ) أن اللفظ الواحد قد تكون له جموع مختلفة، مع دلالته فيها جميعاً على المفهوم الواحد. فمثلاً: لفظ (شيخ) يجمع على عدة جموع، جمعها البيت الآتي:
شيخ شيوخ ومشيوخاء مشيخة شيَخـة شيخـان أشيـاخ
وزاد صاحب اللسان عليها: مشيخة (بكسر الميم وسكون الشين)، ومشيخة (بفتحها وكسر الشين)، ومشايخ[10]. وكذا لفظ (عبد) فإنها تجمع على: عبيد، عباد (بكسر العين)، عبدان (بكسرها)، وعبدان (بضمها)، وعبدان (بكسرها وتشديد الدال)، وأعبد، وعبد[11].
فإذا كان اللفظ – وهو يدل على المعنى الواحد – يجمع على عدة صيغ، ولم يكن ذلك دالاً على خروجه عن حقيقته، فكيف يدل اختلاف هذه الصيغ – مع تعداد المدلولات – على المجاز؟
(ب) ثم إن القول بأن جمع (أمر) على (أوامر) ليس بالمتفق عليه عند أهل اللغة، فإذا كان الجوهري في صحاحه قد أقره، وتبعه في ذلك صاحب اللسان، فإن كثير من أهل اللغة لم يقروه، بل واستنكروه[12]، ذلك أن (فَعَلَ) له عدة جموع، ليس منه (فواعل) البتة.
فقد يجمع على (أفعل) ككلب وأكلب، و(فعال) ككعب وكعاب، وعلى (فعول) كقلب وقلوب، وعلى (فعلان) كعبد وعبدان، وشذوذاً على (أفعال) كفرخ وأفراخ.
أما (فواعل) فتكون جمعاً لاسم على وزن ( فوعل) كجوهر وجواهر، أو (فاعل) كطابق وطوابق، أو (فاعلاء) كقاصعاء وقواصع، أو (فاعل) ككاهل وكواهل.
أو يكون جمعاً لصفة على وزن (فاعل) لمؤنث عاقل: كحائض وحوائض، أو لمذكر ما لا يعقل: كصاهل وصواهل، أو (فاعلة) كصاحبة وصواحب، وفاطمة وفواطم[13].
(ج)هذا بالإضافة إلى أن العرب سكتت عن جمع الأمر والنهي، فلم ينطقوا لهما بجمع، لأنهما في الأصل مصدر، والمصادر لا تثنى ولا تجمع إلا إذا تعددت أنواعها[14].
قلت: وعليه فإن (أوامر ونواهي) جمع لـ(آمرة وناهية)، كما هو القياس، وليستا جمعاً لأمر ونهى.
5) التوقف على المسمى الآخر:
وقالوا: إن المجاز يتوقف على المسمى الآخر، والحقيقة لا تتوقف، ومثلوا لذلك بالآيات التالية: (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)[آل عمران:54]، (إنهم يكيدون كيداً . وأكيد كيداً)[الطارق:15-16]، (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم)[النساء:142]، (نسوا الله فنسيهم)[التوبة:67].
قالوا: فإن إطلاق المكر والكيد والخداع والنسيان على المعنى المقصود من الرب، متوقف على استعماله في المعنى المقصود من الخلق، فهو مجاز بالنسبة إليه، حقيقة بالنسبة إليهم، ولذا فإنه لا يحسن إضافة هذه الأمور إلى الله تعالى ابتداءً، فيقال: إنه يمكر ويخدع ويكيد وينسى، وإنما يكون إضافتها إليه سبحانه من باب المقابلة لا غير.
وهو أيضاً قول مردود لسببين:
(أ) إضافة هذه الأمور وأفعالها إلى الله ابتداءً في القرآن الكريم، مع عدم وجود المسمى الآخر، ومن ذلك قوله تعالى: (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)[الأعراف:99]، وقوله: (وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال)[الرعد:13]، وفسر المحال: بالكيد والمكر، وقوله: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . وأملي لهم إن كيدي متين)[القلم:44-45].
ففي هذه الآيات جميعاً، تم إضافة المكر والكيد والاستدراج إلى الله تعالى ابتداءً، مع عدم وجود مسمى آخر، ليكون ذلك - كما زعموا - على سبيل المقابلة، فبطل ادعائهم.
(ب) ثم إن هذه الألفاظ لا تدل دوماً على معان مذمومة، بل هي تنقسم إلى محمود ومذموم، فما رجع من معانيها إلى الظلم والكذب، كان مذموماً لتضمنه للظلم والكذب، وأما ما كان منها بحق وعدل ومجازاة على القبيح، فحسن محمود.
فالمخادع إذا خدع بظلم وباطل، حسن من المجازي له أن يخدعه بحق وعدل، كذا إذا مكر أو استهزأ، كان المكر به والاستهزاء منه عدلاً حسناً محموداً.
ألم تر كيف أن الصحابة رضوان الله عليهم خادعوا كعب بن الأشرف، حتى كفوا شره وقتلوه، وكان هذا الخداع منهم حسناً محموداً، لأنه كان في سبيل نصرة الله ودينه؟
ألم تر أيضاً، كيف خدع نعيم بن مسعود رضي الله عنه المشركين في وقعة الأحزاب، وكان خداعه لهم في منتهى الروعة، وقد استحسنه منه النبي صلى الله عليه وسلم وجميع صحبه الكرام؟
وهكذا هذه الألفاظ – إذا أضيفت إلى الباري سبحانه – فإنها لا تدل إلا على كمال معاني الحق والعدل، وغيرها إذا أضيفت إلى المخلوقين، فقد تحتمل إحدى الحالتين: الحمد أو الذم، بحسب حالها في كل واقعة وسياق.
ما كل ما جاز في اللغة جاز في القرآن
ثم إنه ليس كل ما جاز وقوعه في اللغة، كان وقوعه جائزاً في القرآن الكريم، فهناك أمور كثيرة أجاز العلماء وقوعها في اللغة، ولم يجيزوا وقوعها في القرآن.
(أ) فـ(الرجوع) الذي هو أحد أنواع البديع المعنوي، ويتمثل في نقض السابق باللاحق، بهدف إظهار ما يشعر به المتكلم من وله وحيرة، بديع المعنى في اللغة، ممنوع في القرآن.
ومثاله قول زهير بن أبي سلمى:
قف بالديار التي لم يعفها القدم بلى وغيرها الآرواح والديم
فقد رجع عن قوله: (لم يعفها القدم) بقوله: (بلى وغيرها الأرواح والديم)، لأنه قال العبارة الأولى من غير شعور، ثم ثاب إلى رشده وعقله، فرجع إلى الحق، ومثل هذا لا يجوز وقوعه في القرآن الكريم البتة.
(ب) و(إيراد الجد في قالب الهزل) جميل في اللغة، غير جائز الوقوع في القرآن أيضاً.
ومثاله قول الشاعر:
إذا مـا تميمي أتـاك مفاخـراً فقل عد عن ذا كيف أكلك للضب؟
فقوله: (كيف أكلك للضب؟) جد في قالب الهزل، إذ يقصد تعييرهم بأكلهم للضب، وهذا مما هو ممنوع في القرآن لاستحالة الهزل فيه، والله تعالى يقول: (إنه لقول فصل . وما هو بالهزل)[الطارق:13-14].
(جـ) ومثله: (حسن التعليل)، كقول المتنبي:
لم تحك نائلك السحاب وإنما حمّت به فصبيبها الرُحضاء
فهو يدعي أن السحاب قد أصابته الحمى، من الغير من كرم الممدوح، فانصب منه العرق، وما هذا الماء الذي يتدفق منه إلا ذلك العرق المتصبب من شدة غيرته. والرُحضاء: العرق يكون إثر الحمى.
ولا يخفى أن هذا كذب، لا يجوز وقوع مثله في القرآن، وإن كان بديعاً معنوياً عند أهل اللغة.
(د) ومنه: (الغلو والإغراق في المبالغة).
والإغراق: ما أمكن عقلاً، واستحال عادة، كقول أبي الطيب:
كفى بجسمي نحولاً أنني رجل لولا مخاطبتي إياك لم ترني
فوصول الشخص إلى هذه الحالة من النحول جائز عقلاً، ولكنه ممتنع الوقوع عادة.
والغلو: ما استحال عقلاً وعادة، ويكون مقبولاً – عند أهل البلاغة – في بعض الأحوال، كاشتماله على حسن تخييل، كقول أبي العلاء المعري:
يذيب الرعب منه كل عضب فلولا الغمـد يمسكه لسالا
فذوبان السيف وانصهاره، فرقا من الممدوح، مستحيل عقلاً وعادة، إلا أن هذا القول مقبول – عند أهل اللغة – لما فيه من جمال تصوير وبديع خيال.
وكلا المظهرين من مظاهر المبالغة: الإغراق والغلو لا يجوز وقوعهما في القرآن، لأن القرآن حق، ليس فيه شيء من المبالغة والغلو.
(هـ) و(تجاهل العارف) من هذه الأمثلة، التي يستحسن وقوعها في اللغة، مع عدم جواز وقوعها في القرآن الكريم، ومثاله قول فاطمة الخزرجية:
أيا شجر الخابور ما لك مورقاً؟ كأنك لم تجزع على ابن طريف
وقول الشاعر:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ليلاي منكن أم ليلى من البشر؟
(و) ومنه أخيراً، ما يسمونه (الاستعارة التخييلية) حيث يتخيلون شيئاً لا وجود له، بل هو أمر وهمي، ثم يستعيرون له، كقول أبي تمام:
لا تسقني ماء الملام فإنني صب قد استعذبت ماء بكائي
فقد توهم للبكاء ماء، فأطلق اسمه عليه، على سبيل الاستعارة التخييلية، ومعلوم أن كلام الله لا يجوز في حقه شيء من مثل هذا التخييل، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
ومن هذا كله، يتبين لنا أن ليس كل ما جاز وقوعه في اللغة، جاز وقوعه في القرآن، لأنه كلام الله سبحانه، وكلام الخالق لا يقاس بكلام المخلوق ولا يخضع لمعاييره.
المجاز باطل شرعاً ولغة وعقلاً
ثم إن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز، باطل شرعاً ولغةً وعقلاً:
(أ) فالشرع لم يرد بهذا التقسيم، ولا دل عليه، ولا أشار – في شيء من نصوصه - إليه.
(ب) وأهل اللغة لم يصرحوا أبداً، بأن العرب قسموا لغتهم إلى حقيقة ومجاز، ونحن لا نجد مثل هذا القول، لا في كلام الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين، ولا في كلام أئمة اللغة كالخليل وسيبويه والفراء وأبي عمرو بن العلاء والأصمعي. فدل ذلك على أنه أمر ما كانوا يعرفونه ولا يلتفتون إليه.
(جـ) والعقل لا مدخل له في دلالة الألفاظ على معانيها، ولو كانت دلالة كل لفظ على معناه صنعة عقلية لما اختلفت باختلاف الأمم، ولما جهل أحد في الدنيا معنى لفظ من الألفاظ، أياً كان ذلك اللفظ.
وأخيراً .. فهل بقي – بعد هذا كله – في أكف القائلين بالمجاز والحاملين لواءه والمدافعين عنه من حجج وتعللات، يتعللون بها لإثبات وجوده، وقد تساقطت دعاواهم، وتهافتت أقوى مستنداتهم، وبدت ترهات وتخاييل، في أغلبها لا تسمى شيئاً، ولا تغني – في ميزان الحق والنصفة – من جوع.

الهامش والحواشي:
[1] انظر: مقدمة (أساس البلاغة) بقلم: أمين الخولي، والكتاب من تحقيق الشيخ عبدالرحمن محمود، طبع دار المعرفة بيروت، 1402 هـ.
[2] إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول / للشوكاني (ص22-23) وبهامشه شرح الصادي والمحل على (الورقات في الأصول) للجويني، طبعة دار الفكر.
[3] انظر (مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) نشر إدارة البحوث بالرياض (2/1-231).
[4] الفتاوي لإبن تيمية جمع عبدالرحمن بن محمد القاسم (7/89)، الطبعة الأولى.
[5] وهي الرسالة المطبوعة في نهاية المجلد العاشر من كتابه: (أصول البيان في إيضاح القرآن بالقران) طبعة 1403 هـ.
[6] الإحكام في أصول الأحكام / ابن حزم الأندلسي: (413-414)، طبع مطبعة الإمام، مصر.
[8] نقل هذا القول عنه: ابن تيمية في (الفتاوى: 7/90).
[9] الإحكام في أصول الأحكام / للآمدي: (1/43).
[10] لسان العرب: (4/2373) طبعة دار المعارف بمصر.
[11] اللسان: (4/2776).
[12] انظر: مختصر الصواعق المرسلة / للابن القيم (2).
[13] انظر: شرح ابن عقيل (2/384)، طبعة جامعة محمد بن سعود بالرياض، 1400هـ، بتعليق علصم بيطار وصحبه، والموجز في قواعد اللغة العربية / لسعيد الأفغاني (128-140)، طبعة دار الفكر بيروت، 1969م.
[14] انظر: الصواعق المرسلة (2/28
  #2  
قديم 03-01-2001, 11:33 PM
majdi majdi غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 686
Post

أخي ابن عباد كيف حالك, ماذا عن قوله تعالى: جدارا يريد أن ينقض. أهو من الاستعارة التخييلية أم هو حقيقة في أن الحائط له إرادة.

أليس هذا من أوضح المجاز؟
فما هو قول المنكرين للمجاز في القرءان عن هذه الآية.

كنت أظنك وأنت الشاعر الذي عرف كيف يغوص الشاعر في اللغة ويقدم ويؤخر ويسمع ءايات الله وما فيها من إبداع تقول بأن المجاز ولا شك موجود وكيف يكون للجدار إرادة هذا لا يكون إلا بالمجاز.

  #3  
قديم 04-01-2001, 12:47 AM
الفاروق الفاروق غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 474
Post

بالنسبة للقول بأن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين لم يكونوا يعرفون المجاز فغير صحيح إذ ليس شرطا أن يكتبوا ويؤلفوا حتى يثبت عنهم وأوضح دليل عليه أن أبا الأسود الدؤلي عندما ذهب إلى سيدنا علي ليبدأ كتابة النحو شرح له كيف يبدأ بقوله الكلمة اسم وفعل وحرف إلخ

فهل يقال بأن من كان قبلهم لم يكن يعرف النحو وكيف يكون ذلك والشعراء وغيرهم كانوا يرفعون الفاعل وينصبون المفعول به؟

والدليل أيضا على معرفتهم له ما رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه الجزء الأول ص 65 عن أبي عبيدة معمر بن المثنى في قوله تعالى (جدارا يريد أن ينقض فأقامه)قال أبو عبيدة: ليس للحائط إرادة ولا للموات ولكنه إذا كان في هذه الحال فهي إرادته وهذا قول العرب في غيره.انتهى

فقد ثبت القول بالمجاز عن السلف فليت صاحب الكتاب عرف كيف ينقل بل ليته نسب هذا النقص في عدم معرفة هذا العلم الجليل إلى من لا يعي ويفهم بدلا من رمي هؤلاء بهذا.

قال تعالى: ولما سكت عن موسى الغضب. والغضب لا يسكت إنما يسكت صاحبه ومعناه سكن. وغير هذا من الآيات الواضحة في إثبات نقيض ما قاله هذا المؤلف.

والحمد لله رب العالمين
  #4  
قديم 04-01-2001, 05:47 AM
majdi majdi غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 686
Post

هذه القصيدة هدية لمن أراد أن يحفظ كيف يرد على من أنكر وقوع المجاز في القرءان:


لقد ثبت المجازُ بلا امتراءٍ
---------------- بقرءانٍ وسنة مصطفانا
جدارٌ قد أتى: يبغي انقضاضا
---------------- وليس هو المريد لدى نُهانا
وقد قال الرسولُ كذا كلاماً
---------------- هو البحر السريعُ عنى " حصانا "
وهل بحقيقة الألفاظ لفظٌ
---------------- بوصف الخيل: بحر قد أتانا؟
فما هذا الجمود بلا دليلٍ
---------------- وربُ الناس أصدق مَن هدانا
لإعجاز من الألفاظ جمٍ
---------------- لدى أهل البديع أتى جمانا
قد اشتعلت رءوسُ البعض شيبا
---------------- وليس سوى التجوز قد دعانا
فإن الشيب ليس به اشتعالٌ
---------------- بوضع العُرْب إن تفقهْ بيانا
فقد جاء المجازُ بكل صدقٍ
---------------- كنور الشمس يسطع في سمانا


  #5  
قديم 04-01-2001, 06:56 AM
جمال حمدان جمال حمدان غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2000
المشاركات: 2,268
Post

الأخ ابن عباد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد لفت نظري هذا الموضوع ومع تقديري لما قاله المشايخ الأجلاء فانا استدل من القرأن الكريم على المجاز فيه ولا أرى بأن الشعر وما قاله العرب هو الفصل في اقرار شئ في القرأن أو نفيه ...... ولعمري كيف يستشهد شيخ بقول شاعر ويقارنه بما قال الله ليقر أن يكون هذا جائزا في القرأن أم لا فهل أراد الشيخ مقارنة الشاعر بالله - حاشى أن يكون ذاك مراده - وهل قارن الشيخ كلام الشاعر بكلام الله ؟ فصفات وأحوال الشاعر أو الحبيب من وله أو تراجع عن قول لماثاب لرشده أوالدهاء والكرم هي صفات وأحوال تنطبق على الشاعر أو على محبوبته أو كائن ما كان ولا يجوز أن نستشهد بها لنقر شيئا أو ننقضه في القرأن أو أن نشبه كلام الشعراء بكلام الله ..فلو قلنا بذلك فإننا سنعود مرة أخرى لسؤالنا الأول الذي يرمي سائله بالكفر والعياذ بالله .... لذلك أحببت أن ارد بهذه الأبيات القليلة لعل بها بلوغ المراد ونسأل الله أن يلهمنا وإياكم الحق وأتباعه ..

لقد ثبت المجاز بلا أمتراء ..... بقرأن .. فامعن بأجتلاء
فما معنى الإرادة من (جدار) ...... أينقض وحده أم من سماء
كذاك الرأس مشتعل بشيب ...... فهل للشيب فضل في الأداء
( وسل عيرا ) فهل للعير رد .......وهل بسؤال عير من شفاء !
كذاك ( وقريه) منها أتينا ....... فكيف لقرية رد النداء!
الم يك كل هذا قول حق .......أليس هو المجاز لعقل راء
وكيف يقيس بالقرأن شعرا ..... ليثبت أو ليبرم في أدعاء

مع تحيات
أخوكم : جمال حمدان
  #6  
قديم 04-01-2001, 03:00 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
Post

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي المعتمد

بارك الله فيك على نقلك هذا، وعلى إتاحة الفرصة للتحاور في هذا الموضوع الذي يراه الكثير شائكا.

هذه ليست أول مرة أطلع فيها على الآراء المختلفة في أمر المجاز، ولكني في الماضي كنت أعزي نفسي بأن الفكرة واحدة.

فقد كنت أقول أن من قال -وهم أهل المجاز- أن المعاني المختلفة للألفاظ، يكون أحدها حقيقيا والباقي مجازيا، يقول نفس ما قال منكر المجاز في أن المعاني كلها حقيقية، ولكن أحدها الأصل والباقي فروع.

ولا بد لمنكر المجاز أن يقول بأن أحد المعاني هو المعنى الأصلي والباقي فروع، بدليل أني لو قلت: " رأيت أسدا"، فهمت -وفهم العرب- أني أقصد الحيوان لا الرجل الشجاع، هذا مع غياب القرينة، فنقول أن الأسد بمعنى الحيوان هو المعنى الأصلي وباقي المعاني هي الفروع، فمن هنا ارتأيت أن الفكرة واحدة لدى الجماعتين.

واستطرد هنا لأنوه إلى أمرين: الاول أن قول المؤلف: "إذ أن اللفظ المطلق عن جميع القيود محال" لا يصح له، فإنه بإمكاني أن أكتب قصة قصيرة أقول فيها: "ودخلت سوق المدينة، فرأيت فيها رجالا يلعبون بالنار، وقرودا، ورجلا جبانا يخاف من ظله، وامرأة حسناء، وأسدا، ثم تركت السوق وذهبت إلى المسجد"، فهل بإمكانك أن تدلني على القرينة التي تخبرك أن كلمة (أسد) تعني الحيوان أم الرجل الشجاع؟ ومن هنا قلت أن منكر المجاز لا بد له أن يعين معنى من المعاني يكون أصليا للفظ يرد إليه المعنى إن امتنعت القرينة.

الأمر الثاني هو أن من قال: "أن المعاني المختلفة للفظ هي من استخدامات العرب للفظ وليست مجازا"، فإنه ينكر أن يكون في المعاني شيئا لم يستخدمه العرب، ومن هنا فإني إذا جئت بمعنى جديد لم يعهده العرب، فإن هذا المعنى يكون مردودا علي عند منكر المجاز، بينما يكون مقبولا مني عند أهل المجاز، وأنا لا أرى كيف يمكن لأحد أن يرد علي معنى جديدا، فإن الشعراء والكتاب يجيئون بمعانٍ جديدة كثيرة لم يعهدها العرب.

فمن هنا وجدت أني وإن حاولت أن أجمع الآراء في تفسيرها للمعاني المختلفة، فإني أفشل أن أجمع بين تطبيقاتها المختلفة، فكيف أقول أن كل الكلام حقيقة في القرآن وأقف أمام آية في كتاب الله تقول: "ومَن كان في هذه أَعْمَى فهُو في الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً"، وليس أمامي قرينة تنفي المعنى الحقيقي (أو الأصلي)، إلا ما اصطلح عليها أهل المجاز بأنها قرينة معنوية؟ بمعنى آخر إنه يستحيل أن يدخل الله جميع العميان في النار.

ولا شك أني أوافق الكاتب في أنه ليس كل ما جاز في اللغة جاز في القرآن: كالرجوع، وحسن التعليل، والإغراق في المبالغة، ولكن هذا ليس من باب استحالة المجاز في القرآن ولكن من باب ما هو أهم من المجاز وهو ما نعلمه من مبادئ العقيدة السلمية في أنه لا يجوز نسبة النقص -أي عدم الكمال- إلى الله، والظلم أو النسيان أو الكذب كلها صفات نقص، لا تصح بحق الله.

أما القول بأنه لم يرد عن الصحابة قول في المجاز، فمنذ متى عهدنا من الصحابة الكلام في تفصيل العلوم، سواء كانت علوم اللغة أم الحديث أم غيرها، ولكننا نرى ذلك في التطبيق من خلال تفسيرهم لبعض الآيات، كتفسير ابن عباس وغيره، والذي أعرفه أن هذه الروايات صحيحة، إلا أن بأتي أحد أهل الحديث ويثبت عدم صحتها.

وفي النهاية، أريد أن أفصل حوارنا هذا عن جميع الحوارات الأخرى التي تدور في الإسلامية -من كلام في صفات الله- فإن هذا لا علاقة له بباقي الخلافات بين المذاهب الإسلامية، فإن الكثير من أهل السنة لا يقولون أن المجاز مستحيل في القرآن، ومنهم أمير المؤمنين في الحديث، الحافظ ابن حجر العسقلاني.

وأنا قابل للمناقشة في جميع الأفكار التي عرضتها هنا، فلعل الحق خفي علي، فرحم الله امرءا نبهني إلى أخطائي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمر مطر
  #7  
قديم 06-01-2001, 07:41 PM
أبوخولة أبوخولة غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2001
المشاركات: 74
Post

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

لكى يدعم الظاهرية المنهج الظاهرى فى إثبات بعض الكلمات التى توهم التشبيه ولكى يسحبوا البساط من تحت مخالفيهم كان لابد لهم من نفى المجاز فى القرآن خاصة.

والمضحك أنهم يفرقون بين وقوع المجاز فى اللغة والقرآن وكأن القرآن نزل بلغة ( الظاهرية) ..... سبحان قاسم العقول

وما كتبه الإخوة فيه الكفاية
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م