أما النوع الثاني من الحجر..
فهو الحجر على المفلس، من أجل أداء الحقوق إلى أهلها، والشعب العراقي ذي البترول الاحتياطي الهائل، الذي يقال: إنه يفوق غيره من احتياطي دول المنطقة، وذي النهرين الفرات ودجلة، وذي الأراضي الخصبة ... وذي الثروة البشرية العاملة، ذات الخبرات في كل المجالات.
هذا الشعب العظيم، الذي هذا حاله حاصره الوصي المحرر أربع عشرة عاماً، واستولى على أمواله الناتجة من عائدات النفط، وتصرف فيها تصرف الظالم الجائر، بحجة التعويضات عن حرب 1990م..
وهو اليوم يستعد لاستنزاف أموال الشعب العراقي من عائدات بتروله، لينهبها تعويضاً عن كل ما أنفقه في حربه العدوانية، وتعويضاً للدول التي تحالفت معه على هذا العدوان، وبخاصة بريطانيا، فلا بد من الحجر على أموال الشعب العراقي وعدم تمكينه من التصرف فيها، حتى يوصل الحقوق إلى أهلها..!!
متى يا ترى سيرفع هذا الوصي نوعي الحجر عن هذا الشعب العريق؟
الجواب هنا:
http://www.alwatan.com.sa/daily/2003...politics12.htm
كيف يثبت الشعب العراقي رشده للأمريكيين؟
شعب يمتاز بالعلم والفكر والثقافة والأدب، والتاريخ العريق الذي يقف على قمته تاريخ مواكب الأنبياء والرسل، الذين ختموا برسالة سيدهم، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان لصفوة أصحابه تاريخهم المجيد في هذا البلد العظيم، الذي أصبح منطلقاً للدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، والفتوحات الإسلامية.
شعب يمتاز بعزة النفس، وبالشجاعة والإقدام، شعب محارب لأعدائه، مسالم لإخوانه وأصدقائه، شعب عرف اليهود والصليبيون أنه صعب المراس، وأن اليهود لا يمكن أن يستقروا في الأرض المباركة، مالم يتم تحطيمه، بدأ اليهود بتحطيم مفاعله النووي في السابع من شهر يونيو من عام 1981م.
هذا الشعب قادر أن يثبت للغزاة المعتدين من الأمريكان والبريطانيين، وغيرهم من أتباع ابن أُبَيْ الموالين لهؤلاء المعتدين، أنه صاحب السيادة على أرضه، الذي لا يمكن أن يبيت على ضيم.
ونحن لا نريد ان نحمل الشعب العراقي فوق طاقته..
لله في دفاع المسلمين عن حقوقهم سنتان:
سنة شرعية تعبد الله بها عباده المسلمين، وهي جهاد الأعداء بالقوة والسلاح..
وسنة طبيعية عادية، وهي القدرة المادية...
والقدرة المادية التي تتيح للشعب العراقي مواجهة أعدائه عسكرياً، غير متوفرة الآن، ويجب الإعداد لها امتثالاً لأمر الله تعالى بها..
((
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.. )) [الأنفال: من الآية60].
ولكن أمامه سبلاً كثيرة يثبت بها لأعدائه المحتلين، أنه سيد أرضه، وأنه قادر على عدم الرضوخ لأوامرهم التي تحتقره وتنتقص من سيادته..
السبيل الأولى:
اجتماع فئات الشعب العراقي كلها واتفاقها على حقها في اختيار حكومتها مؤقتة أو دائمة، وعلى اختيار من يتولى شؤون مؤسساتها الكبيرة والصغيرة، المدنية والعسكرية، وعلى رفض تدخل المحتل في ذلك كله..
وإتباع ذلك عملياً بعدم التعاون مع من ينصبه العدو مسؤولا في أي مرفق من مرافق الدولة، إلا عند الضرورة، بترتيب من أهل الحل والعقد في الشعب.
وهذا لا يمنع أن يتفق الشعب العراقي على لجنة أو شخصيات يختارها، للتفاوض مع المحتل، من أجل تحقيق مصالح الأمة التي لا غنى لهم عنها ولا قدرة لهم على تحقيقها إلا بالتفاوض معه، لما في ذلك من الحاجات والضرورات.
السبيل الثانية:
إعلان عدم الرضا بالاحتلال، وأن بقاء المعتدي في هذا الشعب، من وقت دخول أول دبابة في أرضه إلى يرحل عنها، غير مشروع، وَلِيَرَ في وجوه العراقيين جميعاً ما يدل على كره بقائه في بلادهم، وعلى الشعب العراقي أن يصر على ذلك إصرار يجعل المعتدي ييأس من الاستجابة لأوامره.
السبيل الثالثة:
الإضراب المنظم في أوقات معينة، وبخاصة الأوقات التي يُعلم فيها حاجة المحتل إلى الاجتماعات الجماهيرية ليتخذ منها حجة لتأييد الشعب له، ليلزم الناس منازلهم في الوقت المحدد فلا يرى المحتل منهم أحداً يمشي في الشارع أو يفتح دكانا، أو محطة بنزين، أو مبيعات غاز..
وإذا انتهى الوقت المحدد يخرج الجميع إلى أماكن عملهم في غاية الهدوء.
السبيل الرابعة:
تنظيم المظاهرات المستمرة مع ارتفاع الأصوات بالشعارات التي تظهر المطالبة الملحة بخروج المغتصبين من أرض العراق، وإلقاء بيانات عبر الفضائيات تبين للناس المآسي التي نزلت به من الحرب الظالمة، وعدم رضاهم ببقاء أي فرد من أفراد المحتلين في بلادهم.
وينبغي أن تشمل هذه المظاهرات جميع مؤسسات الشعب: الجامعات والمدارس والمعاهد، والمصانع، والوزارات، وجميع النقابات: الأطباء والمحامين والمهندسين والعمال، والإعلاميين.. بحيث يشعر المحتلون أن فئات الشعب كلها تكره بقاءه في بلدهم.
السبيل الخامسة:
قيام مؤتمرات في جميع المدن العراقية، لتدارس الطرق التي تمكن الشعب من التخلص من المعتدين، وبعث رسائل إلى جميع الهيئات الدولية وجميع دول العالم يطالبونهم بالتدخل لحل مشكلتهم، وهي جثوم المحتل الأجنبي على صدورهم برغم كراهيتهم لبقائه.
السبيل السادسة:
قيام العلماء والمفكرين بالتنديد بكل الوسائل الممكنة، بالاحتلال، ومن ذلك إقامة ندوات ومؤتمرات، لرفض بقاء المحتل في أرض العراق.
السبيل السابعة:
تنسيق أئمة المساجد وخطبائها، للقيام بتوعية المصلين أدبار الصلوات وفي أيام الجمع، بخطر الاحتلال الأمريكي والوقوف صفاً واحداً، ضد بقائه، وتسجيل الخطب في أشرطة وتوزيعها على الناس الذين قد لا يحضرون تلك الخطب.
السبيل الثامنة:
الاتفاق التام بين كافة الأحزاب والجماعات والشخصيات العراقية، على عدم السماح للمحتلين التصرف في بترول العراق، بيعاً وشراءً وإنفاقاً، لأن الشعب العراقي مؤهل لتولي شئونه كلها، وليس قاصر حتى يتصرف العدو المحتل في مرافقه.
السبيل التاسعة:
الرفض التام لما يريد المحتل الأمريكي سرقته من بترول العراق وأمواله، باسم تعويض خسائره وخسائر حلفائه في الحرب، فليس له أي حق في تلك التعويضات، كيف يحتل المعتدي الأرض ويقتل أهلها ويقضي على كل مؤسساتها، ثم يطلب تعويضاً لخسارته التي حصلت بسبب عدوانه.
بل يجب عل العدو المحتل أن يعوض الشعب العراقي عما أزهق من أرواح، وما دمر من مرافق، ويجب أن يبدأ الشعب العراقي من الآن بمطالبة المحتل بتلك التعويضات، ويصر على أنها مطالب شرعية...
السبيل العاشرة:
اتخاذ كل وسيلة مشروعة مقدوراً عليها، لطرد المحتل من هذا الشعب العظيم..
وأنا أعلم أن كثيراً من القراء، سيقولون:
هذه أفكار مثالية، غير قابلة للتطبيق، فالمعتدي الأمريكي هو القوي، والشعب العراقي المحتل هو الضعيف، ولا سند له يناصره من أبناء جلدته، ولا من المجتمع الدولي، فما هذه الأفكار الخيالية..؟
وأنا أوافقهم على ضعف الشعب العراقي عسكرياً أمام دولة أصبحت تقول للعالم بلسان حالها: (( من أشد منا قوة ))..
ولكن المعتدَى عليه المظلوم، لا يجوز له أن يعترف بشرعية الظلم والعدوان، بحجة أنه ضعيف وأن ظالمه قوي..
وإذا لم يجد المظلوم من ينصره اليوم، فقد يجد من ينصره غداً، والقوي اليوم يمكن أن يكون ضعيفاً غداً، والضعيف اليوم قد يصبح قوياً غداً، والأيام دول..
هِيَ الأمورُ كما شاهدتَها دُوَلٌ
،،،،،،،،،،،،،،،، مَن سره زمنٌ ساءته أزمانُ
والمسلم الحق قد يغلب مادياً، لتفوق عدوه عليه في السلاح أو العدد، وقد يحتل العدو بلده وقد يأسره، وهذا أمر طبيعي، ولكن هذا المسلم المغلوب مادياً، يبقى عزيز النفس حر القلب، يسعى جهده للتخلص من الغلبة، ولا يستسلم لها..
وهذا هو الفرق بين صنفين من الناس، صنف يهزمه عدوه فيُهزم مادياً ومعنوياً، فيستسلم استسلاماً كاملاً، لا يفكر معه في الخلاص من استعباد عدوه له.
وصنف آخر يهزمه عدوه مادياً، ولكنه يبقى حر القلب، لا يستسلم استسلام اليائس القانط، وإنما يبقى ساعياً في تخليص نفسه من عدوه، وقد يصل في سعيه إلى هدفه..
ولهذا قال ابن تيمية رحمه الله:
"
فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن، فإن من استُعبِد بدنه واستُرِق، لا يبالي إذا كان قلبه مستريحاً من ذلك مطمئناً بل يمكنه الاحتيال في الخلاص..
وأما إذا كان القلب - الذي هو الملك - رقيقاً مستعبداً لغير الله، فهذا هو الذل والأسر المحض..
فالحرية حرية القلب، والعبودية عبودية القلب..
إلى أن قال:
وكذلك طالب الرئاسة والعلو في الأرض، قلبه رقيق لمن يعينه عليها، ولو كان في الظاهر مقدمهم والمطاع فيهم.. فهو في الظاهر رئيس مطاع، وفي الحقيقة عبد مطيع لهم..". [مجموع الفتاوى: (10/186-189)].
وأخيراً..
يجب أن تعلم الشعوب الإسلامية كلها، وبخاصة العربية منها، أن أمريكا تريد أن تجعل الشعب العراقي مثالاً لما تريد تطبيقه في غيره من تلك الدول لشعوب فلتنتظر أن يحل بها ما يحل بالشعب العراقي، إن لم تتخذ ما يجب اتخاذه لحماية نفسها منه، لتقول عند ذلك: [أكلت يوم أكل الثور الأبيض].