صحوة العملاق
* مجلة المجتمع / يرى "روبرت بريفولت" في كتابه "صناعة الإنسانية" ص 113، أن الإسلام لم يقم على الكبت والاضطهاد كما كان الشأن بالنسبة للحكم الثيوقراطي الظلامي في أوروبا، كما أن المؤرخ مور يقول في كتابه "الخلافة الإسلامية ازدهارها.. ضعفها وسقوطها" ص19: "إن رفق ورحمة المسلمين بالشعوب التي فتحوا أراضيها وكذلك عدلهم وإنصافهم، هذه الخصال تتباين تبايناً صارخاً مع استبداد وجور الرومان، وقد نعم المسيحيون في سورية بقدر من الحرية الدينية والمدنية في ظل حكم العرب الفاتحين لم يشهدوا له مثيلاً في حكم هرقل، إلى حد أنهم كانوا لا يرغبون في عودة الحكم الروماني".
إن التناقض الصارخ بين ما يدعيه الغرب من قيم إنسانية وحضارية، وبين استخفاف الأنظمة الغربية بحقوق الإنسان وأنانية هذه الأنظمة وتعلقها بمصالحها القومية والاقتصادية، جعل العالم الإسلامي يذوق الويلات على يد الغرب في الماضي والحاضر، فاعتبر الغرب جهود المسلمين المسالمة ومحاولاتهم البريئة لتنشيط المسار الديمقراطي في بلادهم والاعتماد على ذواتهم ميلاد وحش الأصولية الإسلامية التي تؤذن بنهاية الغرب.
إن ما يجري في الغرب الآن يظهر الحقيقة التي لا مجال لإنكارها وهي تشويه صورة الإسلام ومن يدينون به، وعلى الطرف الآخر مسلمون مسالمون لايحملون نوايا عدوانية ضد أحد لا في الداخل ولا الخارج، وكل ما في الأمر أن المسلمين يريدون الآن أن يحسنوا أوضاعهم على جميع المستويات انطلاقاً من عقيدتهم وإيمانهم وقيمهم وتاريخهم، وهم يتوقون إلى حياة كريمة عزيزة كأعضاء في المنظومة الدولية كاملي الحقوق لا مجرد أعضاء من الدرجة الثانية، وهذا ما دفع الغرب المتعصب أن يقف بالمرصاد ضد صحوة هذا العملاق، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (32) (التوبة).
مجدي الشربيني مصر