باقية الدراسة
عقيدة الولاء والبراء ...... دراسة واقعية عصرية=============================
ما حكم إعانة الصليبيين المحتلين لبلاد المسلمين، والمحاربين لدين الله والمسلمين؟
تمهيد.
المبحث الأول: الدليل من الإجماع.
المبحث الثاني: الأدلة من الكتاب.
المبحث الثالث: الأدلة من السنة.
المبحث الرابع: الأدلة من أقوال الصحابة.
المبحث الخامس: الأدلة من القياس.
المبحث السادس: الأدلة من التاريخ.
المبحث السابع: الأدلة من أقوال أهل العلم.
أقوال علماء الحنفية.
أقوال علماء المالكية.
أقوال علماء الشافعية.
أقوال علماء الحنابلة.
أقوال علماء الظاهرية.
أقوال غيرهم من العلماء المجتهدين.
أقوال المتأخرين من أهل العلم.
أقوال العلماء المعاصرين لهذه الفتنة العظيمة.
المبحث الثامن: الأدلة من أقوال أئمة الدعوة النجدية.
=================================
المبحث الأول :الأدلة من الأجماع
وقد قدمت هذا الدليل على غيره حتى لا يظن أن المسألة اجتهادية قد اختلف فيها أهل العلم، ومن المعلوم أن الإجماع لا يكون إلا على دليل من الكتاب أو السنة.
لذلك فاعلم أن الأمة كلها قد أجمعت على أن من ظاهر الكفار وأعانهم على المسلمين فهو كافر مرتد عن الإسلام، وإثبات هذا الإجماع على وجهين:
الوجه الأول: ذكر أقوال أهل العلم على اختلاف مذاهبهم في هذه المسألة، وهذا مذكور في المبحثين السابع والثامن، حيث ذكرت أقوال أهل العلم من: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، والمجتهدين من غيرهم، بالإضافة إلى فتاوى للمتأخرين، والمعاصرين.
الوجه الثاني: ذكر بعض النصوص التي ذكرت إجماع أهل العلم في هذه المسألة:
فمن ذلك:
1- ما قاله العلامة ابن حزم رحمه الله في (المحلى) (11/138): ”صح أن قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين“.
2- وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمهم الله: (الدرر 8/326) – بعد كلام له عن وجوب معاداة الكفار والبراءة منهم:- ”فكيف بمن أعانهم، أو جرهم على بلاد أهل الإسلام، أو أثنى عليهم، أو فضلهم بالعدل على أهل الإسلام، واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم وأحب ظهورهم، فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق [1]، قال الله تعالى (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين)“.
3- وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله (الدرر 15/479): ”وأما التولي: فهو إكرامهم، والثناء عليهم، والنصرة لهم والمعاونة على المسلمين، والمعاشرة، وعدم البراءة منهم ظاهراً، فهذا ردة من فاعله، يجب أن تجرى عليه أحكام المرتدين، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة المقتدى بهم“.
4- وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في (فتاواه) (1/274): ”وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال الله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)“.
======================
المبحث الثانى : الأدلة من القرآن الكريم
وقد دلت آيات كثيرة جداً من الكتاب على هذا حرمة مظاهرة الكافرين على المؤمنين، [سنذكر] بعضاً منها [وقد اقتصرنا على ذكر ثلاثة أدلة فقط من بين ستة عشر دليلاً من القرآن الكريم ذكرها الشيخ في كتابه]:
الدليل الأول:
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).
وقد دلت هذه الآية على كفر من نصر الكفار من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: قوله تعالى (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، فجعل الكفار بعضهم أولياء بعض وقطع ولايتهم عن المسلمين، فدل على أن من تولاهم فهو داخل في قوله تعالى (بَعْضُهُمْ) فيلحقه هذا الوصف، قال ابن جرير رحمه الله (6/277): ”وأما قوله (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) فإنه عنى بذلك أن بعض اليهود أنصار بعضهم على المؤمنين، ويد واحدة على جميعهم، وأن النصارى كذلك بعضهم أنصار بعض على من خالف دينهم وملتهم، معرفاً بذلك عباده المؤمنين أن من كان لهم أو لبعضهم ولياً فإنما هو وليهم على من خالف ملتهم ودينهم من المؤمنين، كما اليهود والنصارى لهم حرب، فقال تعالى ذكره للمؤمنين فكونوا أنتم أيضاً بعضكم أولياء بعض، ولليهودي والنصراني حرباً كما هم لكم حرب، وبعضهم لبعض أولياء، لأن من والاهم فقد أظهر لأهل الإيمان الحرب ومنهم البراءة وأبان قطع ولايتهم“.
الوجه الثاني: قوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، يعني كافر مثلهم، قال ابن جرير رحمه الله 6/277: ”يعني تعالى ذكره بقوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم; فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه“.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ (الدرر 8/127) فيها أيضاً: ”فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم“.
الوجه الثالث: قوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) والظلم هنا (الظلم الأكبر) كما قال تعالى (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ويدل على ذلك أول الآية والآيات التالية مع الإجماع السابق، قال ابن جرير (6/278): ”يعني تعالى ذكره بذلك أن الله لا يوفق من وضع الولاية موضعها فوالى اليهود والنصارى مع عداوتهم الله ورسوله والمؤمنين على المؤمنين وكان لهم ظهيراً ونصيراً; لأن من تولاهم فهو لله ولرسوله وللمؤمنين حرب“.
وقال ابن جرير رحمه الله تعالى (تفسيره) 6/276 أيضاً في هذه الآية: ”والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله،وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله ورسوله منه بريئان“.
الدليل الثاني:
قال تعالى بعد الآية السابقة مباشرة (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (المائدة:52).
فجعل الله سبحانه تولي الكفار من صفات الذين في قلوبهم مرض وهم (المنافقون) الذين نزلت الآية فيهم –كما هو مذكور في كتب التفسير-، قال ابن كثير رحمه الله (2/69): ”وقوله تعالى (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي: شك وريب ونفاق، (يُسَارِعُونَ فِيهِمْ) أي: يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر، (يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) أي: يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكافرين بالمسلمين فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى فينفعهم ذلك“.
الدليل الثالث:
قول تعالى بعد الآية السابقة مباشرة (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ، إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة: 53-56).
وهذه الآيات كلها قد جاءت في سياق تولي اليهود والنصارى، وتدل على ردة من تولى الكفار من وجوه:
الوجه الأول: قوله تعالى (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) يعني وهم كاذبون في ذلك، وإنما كان عملهم في توليهم الكفار هو دليل كذبهم، قال ابن جرير رحمه الله (6/281): ”يقول المؤمنون تعجباً منهم ومن نفاقهم وكذبهم واجترائهم على الله في أيمانهم الكاذبة بالله أهؤلاء الذين أقسموا لنا بالله إنهم لمعنا وهم كاذبون في أيمانهم لنا“.
يقول الهلالى (( والله هذا أكبر دليل على أن القرآن مواكب لكل العصور فما زال غضا نضيرا وكأنه أنزل الآن ... فها هو يفضح من تولى الصليبين ))
الوجه الثاني: قوله تعالى عن أولئك الذين تولوا الكفار: (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) يعني الذين تولوا الكفار، وحبوط العمل لا يكون إلا بالكفر كما قال تعالى (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأعراف:147)، وقال تعالى (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (التوبة:17)، وقال تعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (المائدة: من الآية5)، وقال تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر: من الآية65) وغيرها من الآيات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الصارم المسلول) 2/214: ”ولا تحبط الأعمال بغير الكفر لأن من مات على الإيمان فإنه لابد من أن يدخل الجنة ويخرج من النار إن دخلها، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ولا ينافي الأعمال مطلقاً إلا الكفر وهذا معروف من أصول أهل السنة“.
الوجه الثالث: قوله تعالى (فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين) والخسارة بحبوط العمل تكون في الدنيا والآخرة والعياذ بالله كما قال تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) (البقرة: من الآية217).
=======================
وللحديث بقية
آخر تعديل بواسطة الهلالى ، 24-06-2004 الساعة 09:43 AM.
|