الــــحــــســـد
يختلط على كثير من الناس الفرق بين الحسد والمنافسه ، والفرق بينهم اي بين المنافسه والحسد هو أن المنافسه المبادرة إلى الكمال الذي تشاهد من غيرك فتنافسة فيه حتى تلحقه أو تجاوزه فهي من شرف النفس وعلو الهمة وكبر القدر قال تعالى ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) وأصلها من لشيء النفيس الذي تتعلق به النفوس طلبا ورغبة فينافس فيه كل من النفسين الآخرى وربما فرحت إذا شاركتها فيه كما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتنافسون في الخير ويفرح بعضهم ببعض باشتراكهم فيه بل يحض بعضهم بعضا عليه مع تنافسهم فيه وهي نوع من المسابقه وقد قال تعالى ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسابق ابا بكر رضي الله عنه فلم يظفر بسبقه أبدا فلما علم أنه قد استولى على ألامامه قال والله لا أسابقك إلى شيء أبدا وقال والله ما سبقته إلى خير إلا وجدته قد سبقني إليه والمتنافسان كعبدين بين يدي سيدهما يتباريان ويتنافسان في مرضاته ويتسابقان إلى محابه ، فسيدهما يعجبه ذلك منهما ويحثهما عليه وكل منهما يحب الآخر ويحرضه على مرضاة سيدة .
والــحــســدخلق نفس ذميمة وضيعة ساقطة فليس فيها حرص على الخير فلعجزها ومهانتها تحسد من يكسب الخير والمحامد ويفوز بها دونها ويتمنى أن الوفاته كسبها حتى يساويها في العدم كما قال تعالى ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) وقال تعالى ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) فالحسود عدو للنعمة متمن زوالهما عن المحسود كما زالت عنه هو والمنافس سابق النعمة متمن تمامها عليه وعلى من ينافس غيره أن يعلوا عليه ويحب لحاقه به أو مجاوزته له في الفضل والحسود يحب انحطاط غيره حتى يساويه في النقصان وأكثر النفوس الفاضلة الخيرة تنتفع بالمنافسة فمن جعل نصب عينيه شخصا من أهل الفضل والسبق فنافسه انتفع به كثيرا فإنه يتشبه به ويطلب اللحاق به والتقدم عليه وهذا لا تذمه ، وقد يطلق اسم الحسد على المنافسه المحمودة كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار ورجل آتاه مالا فسلطه على هلكته في الحق ) فهذا حسد منافسه وغبطة يدل على علو همة صاحبه وكبر نفسه وطلبها للتشبيه بأهل الفضل . """ بن قيم الجوزيه """
قالوا في الحسد :-
نخلّق الناس بالأدناس واعتمدوا *** من الصفّات الدّها والمكر والحسدا
كرهت منظرهم من سوء مخبرهم *** فقد تعاميت حتى لا أرى أحدا
وقال شاعر آخر :-
اصبر على كيد الحــســـو *** د فإن صبرك قاتله
كالناّر تأكل نفسها **** إن لم تجد ما تأكله
وقال آخر :-
أيا حاسدا لى على نعمتى *** أتدري على من أسات الادب
أسأت على الله فى حكمه *** لأنك لم ترض لى ما وهب
فأخزاك ربي بأن زادنى *** وسدّ عليك وجوه الطلب
الحقاق
__________________
من لم يقنع برزقه عذّب نفسه
|